صفحة الكاتب : علي هادي الركابي

( ام سالم) من نساء الزمن الجميل !!
علي هادي الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


الثورات تاكل ابنائها ؛ جمله رددها الكثير من الناس وفي اماكن مختلفة على مر التاريخ ؛ عبارة لايفهمها كل شعوب العالم ؛ بل فقط الشعوب التي اكتوت بتجارب الدكتاتورية المقيته ؛ وكيف ان الانسان يعتقل ويعذب وينفى ثم يقتل حيا بعد ان يدفن بتراب وطنه ؛ فنحتاج الى من يوثق هذه القصص ؛ لكي تدرك الاجيال القادمة ان العالم قد مر بتجارب الدكتاتوريات المتعفنه ،وابرزها البعث وحقبته اللعينة ؛ عند ذاك سنخرج جيلا  فاهما مطبوعا على عقله عبارة   ......البعث كان هنا .

قبل 32 عاما وفي مثل هذه الايام كانت الانتفاضة الشعبانية في العراق ؛ وكانت مدينه النصر في  محافظة ذ قار احدى مدن الانتفاضة ؛ شارك اغلب شباب المدينه فيها ؛ ولظروف اقليمية اجهضت وبقسوة تم اعتقال اغلب المنتفضين والبعض منهم اتخذ طريق الهجرة الى ايران او السعودية  ، كان سالم ورحمن هما الولدين البكر لام سالم قد شاركا في الانتفاضة ؛ وتم اعتقالهما واقتيادهما الى الرضوانية .

بدات ام سالم وابو سالم الذي كان يعمل موظفا بسيطا في بلدية النصر رحلة البحث الطويله عن ولديها في سجون النظام البعثي ، واستنفذت كل ما تملك في بذل المال والوقت في ايجاد بصيص امل ولو وهمي في ايجاد مكان احتجازهم؛ بدات تدفع الاتاوات لظباط الامن والمخابرات في بغداد لكن دون جدوى . مرت سنوات وبدا العوز والفقر يمخر بهذه العائلة،حيث تم قطع بطاقتهم التموينية وقطع راتب العائلة الوحيد لابي سالم ؛ بدا الفقر والعوز ياخذ مداه فيهم ويستنفذ قواهم ، بعدها تم اعتقال ابو سالم اكثر من مره وتم تعذيبه في سجون امن ذي قار ؛ وبدات ام سالم بالبحث عنه ايضا ؛ الى ان عثرت عليه مريضا عليلا وخرج بعدها من السجن ، ثم ما لبث طويلا وفارق الحياة على اثر الكبت والحزن والم  فراق اولاده؛ رحل شابا بعد  ان اكل البعث قلبه وجسده معا عام 1994 .

استمرت قصة المراه المجاهدة ام سالم في تحمل فراق زوجها وولديها وكذلك صعوبة توفير لقمة العيش لاولادها القاصرين من جهة ؛ واخرى ؛ مضايقات النظام البعثي لها واولادها القاصرين .لم تستستلم للقدر يوما ما ؛ اصرت ان تكون قوية ؛ كما عرفها الجميع ، كانت تنظر الى البعثيين بنظرة حقد كلما طرقوا الباب عليها يسالوها عن ابتزاز او اتاوة وهذه عادتهم القذرة  في اذلال العوائل المعادية لهم . مرت السنوات وهي تعاني بين نارين نار الفراق ونار العوز الفقر وقله الناصر والمعين فهي لاتملك قبرا لولديها ولاتعرف اين هم وفي اي سجن او حتى معلومة عنهم  .

سقط الصنم والبعث معا سقوط الجبناء ، استعدت ام سالم للبحث عن ولديها لعلها تجدهم احياءا او امواتا تدفنهم بالقرب من ابيهم ، لكن دون جدوى مر 20 عاما بعد التغيير  وهي تعيش الحلم والفراق معا ، ولم تعثر على اي دليل اليهم كابدها الحزن والمرض الى ان خطف الله روحها النقية دون ان تحقق حلهما ، رحلت ام سالم وهي تبحث عن ابناءها الذين ضاغو بين المقابر الجماعية ودهاليز البعث المجرم ، رحلت وهي تشكو الى الله حسرتها لعل من يضمد تلك الحسره قد تجده امامها يوما ما في جنات الخلد عندها ستشكي الى الله ما لاقت من عذاب طوال سنين  .انها حكاية من الزمن الجميل !!!.           


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي هادي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/29



كتابة تعليق لموضوع : ( ام سالم) من نساء الزمن الجميل !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net