صفحة الكاتب : مجتبى الساده

لماذا يحاربون المهدوية؟  ..  الأسباب الحقيقية
مجتبى الساده

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كل البشرية تنتظر خروج المخلّص والمنقذ آخر الزمان وتنتظر نشر القسط والعدل في كافة أرجاء المعمورة، وأن معنى الانتظار أمر يرتبط بعمق الفكر الإنساني وبالمبادئ والقيم العالية، ولكن المثير حقاً أن الانتظار يختلف من فرد لآخر ومن جماعة لأخرى، ويعتمد ذلك بناءً على القيم والأهداف والمصالح التي يقرها الأفراد والجماعات وينطلقون منها، وهكذا نجد من ينتظر وكله شوق ولهفة لرؤية الطلعة البهية، والأمل والحلم بالعيش في دولة العدل الإلهي، فيستعد ويهيئ الظروف المؤاتية لإنجاح مقتضيات الظهور وتحقيق شرائط اليوم الموعود، ويعمل ليُمهد الأرضية لمقدم المخلّص آخر الزمان، ومن جهة أخرى نجد من تتعارض مصالحه مع هذا الخروج فيضع العقبات ويصنع الحواجز لتأخير الظهور، ويعمل بجدية وحماس وبشكل خفي لتقويض عقيدة المخلّص ونسف أصل الفكرة.
الحروب السرية أمر حقيقي وواقعي في عالمنا المعاصر، وهي عبارة عن تراكم مجموعة من الأفعال والإجراءات الخفية التي يجرى تطبيقها بشكل مستقل أو مترابط على مراحل زمنية متعاقبة وفي مواجهة قضية محددة (كالقضية المهدوية مثلاً)، رغم أن بعض الأشخاص ربما لا يشعر بها، وفي الأساس هي مواجهة أيديولوجية وثقافية وسياسية، وفي بعض الأحيان عسكرية غير مباشرة، وفي هذه المواجهة لا يعلن فيه النزاع والصراع على الطرف المقابل بشكل رسمي، إنما يتم ذلك خلف الكواليس وفي الخفاء، وهي تركز بأساليبها على الاستمالة والتزييف والإغواء والجذب ومن دون أن تظهر أهدافها للعيان، علماً بأن أساليب ووسائل الصراع الخفي تتطور مع مرور الأيام حسب المراحل التاريخية المعاصرة والمناخات الثقافية الراهنة، والحرب التي نحن بصددها تتمحور حول الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) مُخلّص آخر الزمان، وبالخصوص الأطروحة الإمامية (الاثني عشرية)، والوجه الآخر (الأعداء) عبارة عن النظام السياسي، الذي انهمك في صياغة وتصميم هذه الحرب بناءً على مصالحه، والذي يرى أن المهدوية تتعارض مع الأهداف والغايات الكبرى لديه.
الأسباب الحقيقية لحربهم للإمام (عج)
إن المسألة الحقيقية وراء محاربة الغرب (الروم) كما في روايات أهل البيت (عليهم السلام) - للمهدوية مختلفة تماماً وأوسع بكثير من المسوغات والركائز التي يصرحون بها ويروجونها، والتي هي عبارة عن حجج واهية وإثباتات غير مقنعة يتشبثون بها كذريعة لتبرير إجراءات العداء للمهدوية أمام شعوبهم والرأي العام العالمي، أمّا الأسباب الحقيقية والدوافع الواقعية ففي الأصل تمثل الخلاصة والجوهر والنهاية للصراع ضد العقيدة الإسلامية، وهذه إحدى جبهات الأعداء المفتوحة، فمناهضة المهدوية هو نزاع وتحدٍ قديم انطلق في الغرب على أساس أيديولوجي وعلى أعلى المستويات السياسية (وهو في نظرنا أكثر خطراً من المجابهة العسكرية)، ولكن مع مرور السنين وتراكم خبراتهم أيقنوا اليوم أن المهدوية تمثل أكبر عقبة أمام مصالحهم وأهدافهم النهائية سواءً في الغرب أو في الشرق الأوسط، وهذا ما دفعهم في الآونة الأخيرة لتصعيد درجة الحرب في كثير من الجبهات، وإن كانت وراء الكواليس، وهو ما يمكن تسميته اختصاراً بـ(الحرب السرية ضد المهدوية).
إن القضية المهدوية كانت حاضرة دائماً في الدراسات الاستشراقية ومراكز البحوث الاستراتيجية الغربية، ولكن منذ عام ١٩٧٩م رجع الصدى لذلك الخوف المغروس في أعماق الذاكرة الغربية، وأصبحت المهدوية موضوعاً يتسم بأهمية متزايدة وذا صفة مصيرية ووجودية لدى مؤسسات الهيمنة السياسية والعسكرية الغربية، ولذا نجد حالات ومظاهر متنامية وبشكل علني لتقويض المهدوية في الوسائل الإعلامية والثقافية الغربية، ودائماً يتم ربطها بما يتوافق مع مشاهد العنف والإرهاب، ومع تأمل الصهيونية في خلاصة نتائج الكتابات الاستشرافية وتوصيات مراكز البحوث، بدأت الأيدي الخفية الاستخباراتية ترويج (المهدي فوبيا)(1) في المجتمعات الغربية وعند الرأي العام العالمي، وهنا نأتي للسؤال الذي يثيرنا: لماذا هذا الخوف والهلع من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وما هي مبررات العداء له، وما هي الدوافع الواقعية والأسباب الحقيقية؟
ما من شك أن أسباب الخوف والرعب من العقيدة المهدوية ومن الإمام المهدي شخصياً، له بواعث وحوافز عديدة وأهداف غير معلنة، ولكن أخطر هذه الدوافع والأهداف والتي يتعاظم دورها يوماً بعد يوم وتمثل المنطلق الأساس للحرب السرية ضده، تدور حول ثلاثة عناصر جوهرية وهي:
الأول: الخوف من المهدوية مستقبلاً:
إن المسألة الحقيقية وراء محاربة الأعداء للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، هو تعارض مصالحهم مع منهج الإمام، وتضاربها مع مبادئ العدل والقسط الإلهي الذي سيطبقه المهدي، وفوق ذلك إدراكهم للمصير الأسود الذي ينتظرهم على يد القائد العظيم، هذا هو السبب والدافع الرئيسِ لصراعهم مع المهدوية حالياً ومستقبلاً، ودون ريب، يشعر الصهاينة بالخطر المحدق عندما يتذكرون المشاهد التاريخية: لجلاء الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لبني قينقاع وبني النضير من المدينة ومصير بني قريظة، وقتال الإمام علي (عليه السلام) لليهود في خيبر، ولذا يسيطر عليهم الرعب ويحذرون أن تكون لهم نفس العاقبة على يد الحفيد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
وعندما نستقرئ أسباب القلق والرعب لدى الأعداء، نجد أن هناك أدلة واستشهادات دينية وإشارات وتلميحات عديدة في الكتب السماوية جميعها تؤكد على حتمية ظهور المخلّص آخر الزمان، بالإضافة إلى أن هذه النبوءات ترسّخ حقيقة أن المخلص المنتظر في جميع التراث الديني السماوي هو شخص واحد، وبالتالي ما ينتظره اليهود وما ينتظره المسيحيون وما ينتظره المسلمون وما تنتظره البشرية من قديم الزمان وإلى الآن، ليقيم دولة العدل الإلهي هو في الواقع شخص محدد بعينه بحسب نصوص عديدة في الكتاب المقدس(2)، ومما يعزز الرعب والفزع لدى الصهاينة أيضاً، أن التراث الديني الإسلامي يحتوي على آيات قرآنية وأحاديث شريفة كثيرة يستدل بها على نهاية اليهود وسقوط دولتهم (إسرائيل) وزوالها من الوجود على يد خاتم الأوصياء آخر الزمان، وعند تتبع هذه النصوص الإسلامية(3) يمكن تبويبها على النحو التالي:
الوعد القرآني: فقد ركزت بعض آيات سورة الإسراء(4) على الإفساد الإسرائيلي، وأن عقوبة الإفساد الثاني ستحل باليهود مستقبلاً، بحيث تكون ساحقة ولا تقوم لهم بعدها قائمة، وقد بشَّر القرآن بأن العقاب سيكون بقيادة المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه).
الأحاديث التي دلت بمعناها على حتمية زوال إسرائيل من الوجود، وبشَّرت بظهور الإسلام عالمياً على جميع الأديان، وسيادة حكمه على العالم كله في آخر الزمان بقيادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
الأحاديث التي دلت بظاهرها وبشكل صريح على معارك المسلمين مع اليهود، لإزالة الكيان الإسرائيلي من الوجود، وعلى وقوع حروب شرسة آخر الزمان والنصر فيها للمسلمين.
الأحاديث التي تناولت موقف الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من اليهود، وطلبهم الأمان منه بعد سقوط دولتهم، والاحتجاج عليهم بالتوراة الأصلية، فيؤمن عدد كبير منهم بالإسلام على يديه.
الأحاديث التي أخبرت عن سيطرة الإمام (عجَّل الله فرجه) على مدينة القدس، إلى حين نزول النبي عيسى (عليه السلام) من السماء، ومشاركته مع المهدي في قيادة الحرب العالمية ضد الدول الغربية الكبرى (الروم).
بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعة من النصوص والنبوءات في الكتاب المقدس (العهد القديم والعهد الجديد) تعضد نفس المفهوم والمعنى، إلّا أنها فسرت بشكل سلبي لمصالح سياسية، فساهمت إلى حد كبير في صناعة الخوف لدى الصهيونية وداخل الوعي الجمعي للمؤسسات السياسية الغربية من المستقبل المظلم، وبدل أن يستوعب الأعداء هذه الحقائق، وأن تقنعهم بعدم جدوى مناهضة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، لأنه في الأصل وعد إلهي، لكننا للأسف نجد أن جميع المشاعر السلبية في الغرب تجاه المهدوية ما هي إلّا صدى في أبعادها النفسية والفكرية لأزمة الخوف من المستقبل، بل أزمة فقدان المصالح والقوة والسيطرة، وعوضاً عن الانسياق وراء الفطرة والعقل والاستضاءة بالتعاليم السماوية، إذ بهم ينجرّون خلف طائفة من الذرائع الموغلة في معاداة المهدي، واللهث بصورة متسايرة مع الأهداف والمصالح الشيطانية، والاستمرار في حرب سرية خاسرة مع ولي الله الأعظم.
الثاني: الخوف من الديناميكية الكامنة في العقيدة المهدوية:
قد توجس الأعداء من المهدوية قديماً وحديثاً، للفاعلية المؤثرة التي يلعبها الإيمان بالمهدوية، وقد ترسخ وتكرس هذا الخوف في العقود الأربعة الأخيرة، ففي ضوء التحولات السياسة الكبرى التي عاشها العالم الإسلامي، بدأت المؤسسات السياسية الغربية (الاستعمار الجديد) تبحث عن المواطن التي تشكل بؤرة تهديد وخطر عليهم، وتدرس أسباب هذه المخاضات النهضوية والثورية في المجتمعات الإسلامية، وبالخصوص في البلاد الشيعية، ومن خلال مراقبة مخاض الأحداث في منطقتنا الإسلامية والتطورات السياسية والفكرية فيها، تحفزت إلى ضرورة التعرف على العقيدة الفكرية التي هزت المصالح الغربية وسببت هذه التغيرات في ثقافة شعوب المنطقة، وبعد التمعن والتدقيق توصلوا إلى نتيجة جوهرية مفادها: قد تولد نشاط ثقافي تجديدي في الأوساط المؤمنة، والحوافز الفكرية المساعدة والمشجعة لمخاض التغيير غذَّته الرؤية الجديدة للقضية المهدوية، وقد تأكد هذا الانتعاش بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، فقد أخذ يتكون وينتشر في المجتمعات الشيعية الإيمان والاعتقاد بمشروع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ومنهاج أهل البيت (عليهم السلام) والعمل على تحقق مقدمات الظهور، وتفعيل هذه العقيدة من خلال الانسجام والتعامل بأن عنده مشروعاً عملياً ميدانياً اجتماعياً سياسياً ينتظر إنجازه.
لقد تبين للمؤسسات السياسية في الغرب وبشكل قاطع أن خوفهم سببه ينبع من المهدوية، حيث وجدوا فيها: عقيدة متجددة فكرياً وحضارياً وفاعلية إيجابية ومؤثرة على المجتمعات الإسلامية، وبالخصوص أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فكثير من الدراسات الاستشراقية ومراكز البحوث الاستراتيجية الغربية والتقارير الاستخباراتية تؤكد: (أن الإيمان بالمهدوية عقيدة خطرة لأنها تبعث بطاقة إيجابية تحرك الشعوب المستضعفة نحو الثورة والتغيير، فمن الثابت أن المهدوية ليست عقيدة فردية يعيشها الفرد في نفسه أو في ظرفه وميدانه الخاص، وإنما هي عقيدة تقتضي الارتباط بالمجتمع وحمل المسؤولية بالموقف السياسي والاجتماعي، ولها تداعيات وتوجهات وتأثيرات خارجية فعلية، بالإضافة أن في هذه العقيدة خصائص وصفات حيث ارتبطت بالواقع (الحياة السياسية والفكرية) وبشكل حيوي وفعال ومن موقع التأثير عليه)، وقد أكد ذلك بعض المستشرقين(5) وافترضوا أن هذه التحولات الفكرية هو عامل مساعد على التطور والتغيير السياسي، وأن العقيدة المهدوية المتجذرة في نفوس وعقول الشيعة تلبي احتياجات العصر حاضراً ومستقبلاً، وتعطي المجتمع الشيعي الدافعية للحركة والتغيير والنهوض، فضلاً عن وجود المرجعيات الدينية الشيعية المتعاقبة الحاملة لهذا الفكر والعاملة به.
لذا من يتعرف على حقيقة المهدوية فإنه يرى أنها منهج فاعل وعقيدة تطبيقية، لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها، والتي هي انعكاس مباشر لسبب القلق والخوف لدى الأعداء، وقد زادت حدة التوجس والحذر في الآونة الأخيرة من التطورات المفصلية التي فرضتها نجاحات قوى المقاومة الإسلامية الشيعية في المنطقة، ولهدف القضاء على هذه الإيجابية والفاعلية عند المؤمنين بالمهدوية، وقتل نفسية الأمل وروحية الانتظار، تتوسل مؤسسات الهيمنة الغربية بحروب ناعمة (سرية) لتقويض أمر المهدوية ودحض ثقافتها، ولهذا السبب فقد خططوا ومنذ أمد بعيد لمحاربة الإمام (عجَّل الله فرجه) والقضاء عليه، وتدمير كل ما يمكن أن يشكل قوة له، ولذا لا نستغرب من منحى التصاعد الحاصل في حجم الهجوم الخفي الذي يشنه الأعداء على المهدوية في الوقت الحالي.
الثالث: الخوف من انتشار مبادئ وقيم المهدوية في الغرب:
مِمَّا يؤدي لتخلي الشعوب الغربية عن الولاء لحكوماتها، بكل تأكيد أن المهدوية ليست مجرد عقيدة فلسفية في الفكر الإسلامي أو نظرية ثقافية جامدة لا تمس هموم وآمال شعوب العالم، ولو كانت كذلك لما خافوا منها، ولكن ما تتصف به المهدوية من مزايا وخصائص، وما تحمله من مبادئ وقيم وأهداف عُليا، وما تمتلكه من مقومات في تقديم ذاتها للآخرين بنجاح، ما يؤهلها للنهوض بالإنسانية لتصل لمرحلة الكمال والرشد، ومِمَّا يجعلها سريعة الانتشار والقبول لمن يعرفها ويطّلع على حقيقتها، ولذا فقد صدرت عدة دراسات وأبحاث وتقارير استخباراتية تحذر من عواقب انتشار المعارف والحقائق عن المهدوية الأصلية (كما هي في أطروحة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)) في الغرب، وجُلّ التوصيات تركز على العمل بشكل سريع ومكثف لتشويه صورتها وتزييف حقيقتها وبث الشكوك حولها وبمختلف الوسائل والأساليب، لحماية واحتواء الشعوب الغربية وتخويفهم وترهيبهم منها - أي تحصين المجتمع الأوربي والأمريكي من وجهة نظرهم - وكل هذا التوجس والفزع على المواطن الغربي من أن يتعرف على المهدوية الأصلية بكل أبعادها وحقائقها، ويدرك أن الخلاص الإنساني الأمثل والأكمل، والذي يتلاءم مع وجدان الفطرة ويتوافق مع برهان العقل ويتعاضد مع الإرشاد السماوي ينطبق عليها فقط، فلا مفر حينها من التصديق بها وتأييدها، وستكون في نظره الملبية لطموحات البشرية والمحققة لآمال وأمنيات الإنسانية، وهذا في جوهره واحد من ضمن الأسباب والدوافع الحقيقية للخوف والذعر من المهدوية.
كل هذه الحقائق والمعطيات جعلت الصهيونية والحكومات الغربية تعتبر المهدوية عدوا لها، وقد كان بعض المسؤولين السياسيين الغربيين يتساءل باستغراب: (كيف يمكن لمواطنينا أن يكونوا معجبين بالمهدوية وليس بنا)! ولذلك كان السعي الدائم لمحاربة المهدوية من أجل القضاء مسبقاً على حُب واحترام الشعوب الغربية لها، ولا أن تصبح أيديولوجية إنسانية جذابة ولا سيما بين المثقفين والنخب الفكرية في الغرب إذا توضحت أهدافها الكبرى، وفي الآونة الأخيرة تلبّسهم خوف وقلق شديد من أن تتعرف شعوبهم على المهدوية برؤية جديدة وبصبغة إنسانية بعيداً عن الصورة المزيفة التي يتم الترويج لها في الغرب، ومن أن تتحرك ضمائر الرأي العام العالمي ليتخذوا موقفاً واضحاً وصريحاً مؤيداً لها، ومن هنا فإن أكبر الفزع والهلع عندهم اليوم: أن يدرك أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) هذه الحقيقة، ويتم عرض المهدوية بصورة ورؤية حضارية، وإشاعة خصائص دولته وماذا سيتحقق على يديه في المستقبل، والترويج لها بما يتناسب وعقلية المجتمعات الغربية، فالمهدوية هي الجوهر الحقيقي للأُمنية الكبرى التي تبحث عنها البشرية منذ القدم وحتى الآن.
وباختصار نكتفي بإبراز هذا المسوّغ والحافز والتأكيد عليه: أن الغرب عندما يحمل ثقافة الحقد والبغض للمهدوية، وتتحول إلى معاداة، وتتطور إلى حرب سرية، فإنما يقتات على مضامين صهيونية وأطروحات تلمودية ونبوءات توراتية، وهذا تجلٍ لمبدأ متجذر في عقيدتهم السياسية (بروتوكولات حكماء صهيون)، وجزء رئيسي من الاستراتيجيات النهائية والغايات الكبرى للصهيونية ولمؤسسات الهيمنة السياسية الغربية، التي لديها الرغبة في السيطرة على الكثير من القوى في العالم المخالفة لها في الرؤية والهدف.

############
الهوامش:

(1) مصطلح (المهدي فوبيا): ينطوي على التحامل والكراهية والخوف من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) أو كل شيء يرتبط به، وبالأخص عندما ينظر للمهدوية كقوة جيوسياسية أو كعدو ومصدر للإرهاب، مما يؤدي إلى النظر لقيمها ومبادئها بدونية ومنزلة أقل من الثقافة الغربية.
(2) مع ملاحظة أن بشارات الأديان تتناول قضايا وخصوصيات في المخلص الموعود لا تنطبق إلّا على أبرز ما يميز أطروحة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والواقع التاريخي الذي مرت به، مثل: تعرّض المخلص لخطر القتل والتصفية أثناء ولادته والتي تؤدي إلى غيبته، ثم التأكيد على أنه محفوظ بالرعاية الإلهية أثناء غيبته حتى موعد ظهوره، وهذا من خصائص الأطروحة المهدوية الإمامية، حيث وردت الإشارة إلى ذلك بصراحة ووضوح تام في سفر رؤيا يوحنا: الإصحاح ١٢: ١ - ٦ ما نصه: (وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً، وهي حبلى تصرخ متمخضة متوجعة لتلد، وظهرت آية أخرى في السماء، هوذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون، وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه يجرُّ ثلث نجوم السماء، فطرحها إلى الأرض، والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت، فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصاً من حديد، واختُطف ولدها إلى الله وإلى عرشه، والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله)، وكذلك ذكر أنه الثاني عشر من سلسلة مباركة متصلة، نظير ما ورد في (التوراة: سفر التكوين، الإصحاح ١٧، نص ٢١، ما نصه: (وأمّا إسماعيل فقد سمعت قولك فيه، وها أنا ذا أباركه وأنميه وأكثره جداً جداً، ويلد اثني عشر رئيساً، وأجعله أُمة عظيمة)، وقد ثبت ذلك فعلياً وواقعياً في التاريخ الإسلامي، وعليه يتجلى لنا أن البشارات تهدي إلى حقيقة هي: أن المخلّص المنتظر هو الإمام المهدي خاتم هؤلاء الاثني عشر، بالإضافة إلى وصف المنتقم لدم الحسين (عليه السلام) المستشهد عند نهر الفرات - سفر إرميا: الإصحاح ٤٦: ٩ - ١٠ ما نصه: (اصعدي أيتها الخيل، وهيجي أيتها المركبات، ولتخرج الأبطال، فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة الانتقام من مبغضيه فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم، لأن للسيد الرب ذبيحةً في أرض الشمال عند نهر الفرات)، وهناك أمثلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
(3) لمزيد من التفاصيل والاطلاع على الأحاديث بهذا الخصوص، ارجع إلى كتاب: سقوط إسرائيل من العلو والإفساد إلى الزوال، الصفحات من ٨٦-٩٠، بالإضافة ص ١٥٨.
(4) قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً * فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَـى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً﴾ (الإسراء: ٤-٨).
(5) كتاب: السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية، ج. فان فلوتن، ترجمة: حسن إبراهيم ومحمد زكي، الطبعة الأولى ١٩٣٤م - القاهرة، وكمثال نستشهد بما قاله هذا المستشرق الهولندي: (أمّا نحن معشر الغربيين فقد استرعت عقيدة المهدي (والمهدي المنتظر بوجه خاص) أنظار المستشرقين منا، لما كان لها من الأثر في سياسة الشرق حتى اليوم)، ص ١٠٩.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مجتبى الساده
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/03



كتابة تعليق لموضوع : لماذا يحاربون المهدوية؟  ..  الأسباب الحقيقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net