صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ  (٣) 
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۢ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ}.

   إِنَّ الذُّنوبَ تبدأُ بالكَذِب، وإِنَّ الظُّلمَ يبدأُ بالكَذب، وإِنَّ المشاكل تبدأ بالكَذب، وإِنَّ العواقبَ، حُلوها ومُرَّها، هي نتيجة الكَذِب أَو بعكسهِ.

   هذا ما نفهمُهُ من آيات القُرآن الكريم.

   فعندما يتوعَّد الله تعالى الكذَّاب بأَشدِّ العذاب {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.

   وعندما يكونُ البناءُ في المُباهلةِ على أَساسِ الصِّدقِ والكَذب {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَاوأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}.

   وعندما يُعتَبرُ الكذِب من أَعظمِ الظُّلم {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.

   وعندما يكونُ الكذِب والصِّدق هو مِعيار سواد وجهُ الإِنسانِ أَو بياضهُ { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}.

   عندما يكونُ كُلُّ ذلكَ وأَكثر، عندها نعرفُ مدى خطُورة الكذِب في حياتِنا اليوميَّة.

   إِنَّ قيمةَ المرءِ واعتبارهِ يتوقَّف على كِذبةٍ واحدةٍ فقط، فإِذا لجأَ إِليها فقد ينهار اعتبارهُ في المجتمعِ والذي بذلَ حياتهُ رُبما من أَجلِ بنائهِ.

   ولذلكَ حذَّر المُشرِّع كثيراً من التورُّط بالكذِب، وقرنَ الصِّدق بالتَّقوى فقالَ عزَّ وجلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

   لِماذا؟!.

   لأَنَّ الكذَّاب علامةٌ فاسِدةٌ وباطِلةٌ لا يستشيرهُ أَحدٌ في أَمرٍ، خاصٍّ كانَ أَو عامٍّ، لأَنَّ {المُستشارَ مُؤتمَنٌ] والكذَّابُ لا يأتمِنهُ أَحدٌ على شيءٍ ولذلكَ قال رسولُ الله (ص) {لارَأيَ لِكَذُوبٍ}.

   والكذِبُ هو أُمُّ الخبائث كما أَشرنا من قبلُ فهوَ الذي يقودُ صاحبهُ إِلى كُلِّ خُبثٍ آخر، فلقد قالَ الإِمام الحَسن العسكري (ع) {جُعِلَت الخَبائِثُ كُلَّها في بيتٍ وجُعِلَمِفتاحَها الكَذِب}.

   والكَذِبُ إِشارةً إِلى ضَعَة صاحبهِ وخِفَّة وزنهِ الإِجتماعي كما يصِفُ ذلكَ رسولُ الله (ص) بقَولهِ {لا يَكذِبُ الكاذِبَ إِلَّا مِن مهانةٍ نفسهِ، وأَصلُ السُّخرِيةِ الطَّمأنينةُ إِلى أَهلِالكَذِب}.

   وفي الحديثِ إِشارةٌ راقيةٌ إِلى أَنَّ الإِطمئنانِ للكذَّابِ دليلُ سُخرِيةِ المُطمئِن بعقلهِ!.

   أَمَّا أَميرُ المُؤمنينَ (ع) فيعتبِرُ أَنَّ النَّتيجة النِّهائيَّة للكذِب هي النِّفاق والذلَّة والمَهانة والخِيانة كما في قولهِ (ع) {الكَذِبُ يُؤَدِّي إِلى النِّفاق} و {الكاذِبُ مُهانٌ ذليلٌ} و {كَثرةُالكَذِبُ تُذهِبُ بالبَهاءِ} و {{الصِّدقُ أَمانةٌ، والكَذِبُ خِيانَةٌ}.

   وإِنَّ من أَوضحِ مصاديقِ الكذِب هو تداوُل المرء كُلَّ ما يسمعُ ويقرأُ ويرى من دونِ تثبُّتٍ، وكأَنَّهُ آلةُ استنساخٍ من دونِ وعيٍ أَو إِدراكٍ أَو فَهمٍ.

   يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {كَفى بِالمَرءِ مِن الكَذِبِ أَن يُحدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِعَ} وهيَ الظَّاهرةُ التي يعيشها مُجتمعَنا بأَسوأ الحالاتِ، حتَّى باتَ الكَذِبُ مصدرهُ شُبه الوَحيدتقريباً للمَعلوماتِ وللتَّغذيةِ الفكريَّةِ!.

   ولذلكَ بِتنا اليَوم نعيشُ حالةَ تسطيحِ الوعي وخِفَّة العقل والتَّفاهة، فضاعت الأَجيال الجديدة التي غرِقت في وحلِ الأَكاذيبِ والإِفتراءاتِ والفبركات التي لها أَوَّل وليسَ لهاآخِر، ناسِيةً قولَ الله تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ ۚ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُٔولًا}.

   وأَخطرُ الكَذِب الإِتِّجار بالدِّين والدَّجل باسمِ القِيَم والمُقدَّسات، وهو الأَمرُ الذي أَشارَ إِليهِ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) من قَبلُ بقولهِ {وَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِشَيْ‏ءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ وَلَا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ وَلَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}.

   أَو كما في قولِ الله تعالى {يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ} وهُم بِكُلِّ تأكيدٍ عُلماء السُّوء وتُجَّار الدِّين والعَقيدة، للكَذِبِ على العامَّة مِن أَجلِ استغفالهِم بالمُقدَّس لينالُوا بهِمأَهدافهُم الدنيويَّة الدَّنيئة!.

   ولقد زادَ الأَمرُ خطُورةً اليَوم عندما تصدَّت [العِمامة الفاسِدة] و [الإِسلامي المُتديِّن الفاسِد] لإِدارةِ [الدَّولةِ] المزعُومةِ.

   فإِذا كانَ [العِلماني] يُدمِّر الدَّولة فإِنَّ هؤُلاء دمَّرُوا الدِّين والدَّولة فلم يبقَ شيءٌ من المُقدَّسات يركنُ إِليهِ العامَّة بعدَ أَن تجاوزَ هؤُلاء على كُلِّ المُقدَّسات والشَّعائر وتاجرُوابها وبكُلِّ شيءٍ طاهرٍ ونظيفٍ وراقي! وسلاحهُم في ذلكَ هو ما وصفتهُ الآية الكريمة بقولِها {هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ مِنْهُ ءَايَٰتٌ مُّحْكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٌ ۖفَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَآءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِۦ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُ ۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآأُوْلُواْ ٱلْأَلْبَٰبِ}.

   وصدقَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) يصفهُم {اتَّخَذُوا الشَّيْطَانَ لِأَمْرِهِمْ مِلَاكاً وَاتَّخَذَهُمْ لَهُ أَشْرَاكاً فَبَاضَ وَفَرَّخَ فِي صُدُورِهِمْ وَدَبَّ وَدَرَجَ فِي حُجُورِهِمْ فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ وَنَطَقَ 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/04



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ  (٣) 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net