صفحة الكاتب : منتظر العلي

البحث عن حياة أفضل
منتظر العلي

 وضع الفكرة الغريبة بنفسه وشكل فريق العمل، وهو المخرج الصعب المراس، لذلك شكل الفريق بدقة وتأنٍّ، الفكرة جديدة، عمل فيلم يتحاور مع الشهداء، مُخرج لا يسكت يتعامل مع الأشياء بآن واحد، كان يعجبه جنوني، فلذلك تكون حصتي من الأسئلة أكثر من غيري، ينثر الوعي على تفاصيل العمل، يطمح أن يكتمل عنده البرنامج، ولا تنتهي الحلقة معه إلا (بطلعان الروح)..!

 لديه قول يكرره معي دائماً:ـ لابد ان تعرف يا علي ان العمل مع الشهداء يحتاج الى ضمير؛ لأنك لابد أن تؤمن اننا مهما نفعل لا نستطيع أن نصل الى أطراف منجزه التضحوي،.
 إذن، كيف ستلتقيه وكيف ستحتويه..؟ هي أشياء فعلاً صعبة وتقريباً شبه مستحيلة، دائماً هناك سؤال لا جواب له، ولا احد فينا يعرف ما هو السؤال..! كان المخرج يحب الشهادة لحد الجنون، لكنه يكره الموت..! وقبل ان يبدأ التصوير باغتني بسؤال:ـ ما تعرف عن الشهيد الذي ستلتقيه..؟ لابد قبل اللقاء ان تعرف كل شيء عن الشهيد لتحاوره، يسألني عن اسم الشهيد الذي سألتقيه، وانا اقرأ بعينيه الحزن والحنان بل اشعر بروح الانتماء للشهيد، فهو يعتقد ان الله سبحانه خلق للشهادة ناسها ورجالها، فهم رجال الله، يختلفون عن الآخرين، لا توجعهم الجراح ويغادرون الحياة برضى.
قلت:ـ اسم الشهيد الذي سألتقيه انس الاسدي من بغداد الدورة، قرأت كل شيء عنه وأدركت أن صاحبي الشهيد كان عاشقاً كبيراً يحب الحياة والنجاح فيها، انتقال أسرته من الدورة الى المدينة جعله يشعر بوجع الوطن، ما الفرق بين الدورة والمدينة..؟ عجيب.. أما زال العالم الى الآن يفكر بهذا الطريقة العجيبة، هذا الوعي والثقافة والانفتاح كيف يستجيب للصراع الطائفي، بدأ يعيش هذا العالم الجديد لهذه المدينة الفقيرة ليكون مع الفقراء، فريق نجدة وامان.
 لابد من وطن آمن كي نعيش، دائما ما كان ينهي خلافات السياسة فهو يكرر دائما قوله:ـ ان الوطن كالإنسان يعيش بقلب واحد، قال المخرج: كيف سمعته يقول ذلك وانت لم تلقته بعد؟ قلت: التقيت روحه قبل أن أجيء، الشهيد روح ويستحق هذه المعاملة.
 سألني:ـ وما حصيلة مشواره الدراسي؟ 
:ـ حصل على القانون.. سألته: هل تعرف انه كان منشدا حسينيا رائعا وله صوت جميل..؟ قال المخرج بحنكة المفتون: أدرك امورا كثيرة تكشف لنا عوالم جديدة، هنا في جولاتنا مع لقاءات الشهداء، الذي تعلمته ان اغلب الشهداء لهم ارتباطات قوية مع المواكب الحسينية، بل جميعهم أبناء موكب حسيني وحد لهم الخلق والروح.
قلت مبتسماً: آه لو تدرك يا أستاذ أن حب الحسين (عليه السلام)، يعني حب الله وحب الوطن وحب الناس هو عشق يسري بثنايا كل روح تؤمن أن الانسان لابد أن يعيش عالماً أفضل.
 الله خلق العدل والجمال ولابد ان يتقن البحث عن وجوده، هناك دائماً توازن بين الاشياء، هو قانون الوجدان ان ينهض الشروق فينا بهجة الاستيقاظ، هو قانون أن أغادر من بغداد لأقف شامخا في آمرلي مدينة الصمود، المعنويات في الحرب يعني يقظة الوجدان، المحبة تدفع الحماسة وشأن الثبات لكنه يكرر: ما لنا والحرب، الحرب تعني اننا ما زلنا لا نفهم معنى الله.. الوجود.. الوطن.. الدين.. ولا نفهم أشياء كثيرة..!
 أخيراً.. التقيته لأساله عن الحرب فقال:ـ انهم عتاة لو عرفوا الله ما قاتلونا، يريدون ان يسرقوا عفة الوطن بحرب مدفوعة الثمن من خارج الحدود، أتمنى لو اجمعهم جميعاً في مجلس تعزية وانشد لهم القصائد الحسينية، ليتمتع الجميع بنصرة الحسين (عليه السلام).
  يحرك المخرج رأسه منفعلاً: أدركت انه يريد أن أسأله: كيف استشهد..؟ قرأت ما في قلبه قبل وجهه، مر المشهد على اجساد شهداء بقيت اجسادهم في ارض المعركة، والاشتباكات عنيفة عند جدار الصد، كان الجميع يتفق على مسألة التضحية، ويقترح ان نترك الشهداء في اي مكان يدفنون فيه، وقال: قد اتقبل مثل هذا الكلام لو كانوا في العراء، ينامون بسلام انهم ينامون تحت سيطرة الدواعش، وهم قوم لا يحترمون الموت، لهذا تغير المعنى التضحوي لابد من انقاذ اجساد الشهداء، كان انس يعلم قبل غيره بأنها مغامرة، لكن لابد منها، إما ان نلتحق بركب الشهداء أو نموت.. ألم اقل لك: لابد للإنسان ان يبحث عن عالم افضل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منتظر العلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/04



كتابة تعليق لموضوع : البحث عن حياة أفضل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net