صفحة الكاتب : راضي المترفي

اعترافات الملازم زكي 21
راضي المترفي

بعد ان يأست ام زكي من حمل المجازين اخبارا سارة عن زكي قررت ان تذهب الى البصرة ومنها الى وحدة زكي العسكرية خصوصا انها تحتفظ بعنوان بيت احسان صديق ابنها وكم حاول ابو زكي منعها او تريثها لكنه لم يفلح فاضطر لاتخاذ القرار بالذهاب للبصرة وتأجيل اقامة العزاء لحين عودته . فصليا الفجر وتوجها الى كراج النهضة ومعهم محسن ببدلته العسكرية بعد ان وصل مجازا بنفس الليلة . انزلتهم السيارة بالعشار فاستجرا تكسي الةى منطقة الجمهورية واعطت ام زكي العنوان لسائقها الذي اخبرها انه سيوصلها الى باب مضيفيها بعد ان عرض عليهم ان يكون مضيفهم هو والح بذلك كثيرا وعندما عرف القصة تعاطف معهم ووضع نفسه وسيارته تحت امرهم واقسم على ذلك . طلبت منه ان يسأل اهل المنطقة عن بيت ام احسان فأبتسم السائق البصري وقال لها : لن اتركك تمشين اكثر من اربعة خطوات هي المسافة بين باب السيارة وبابهم وانظري هذه اعدادية الجمهورية للبنات هم يبعدون عنها قرابة الثلاثين متر قليلا الى اليسار .. توقف السائق واطفأ محرك السيارة وطلب منهم الترجل وطرق الباب فخرجت امرأة تبدو عليها مظاهر الحزن فألتقت عيونها بعيون ام زكي وصرخت بالحال ( خييه ام زكي خييه ..سوده عليه يم زكي خييه راحو الشبان ) فكان جواب ام زكي ( يمه زكي يمه .. عين العما ولااشوف يومك .. يمه يلولد يبني ) ثم احتضنتا بعضهما البعض للحظات وابو زكي يبكي بصمت وطلب السائق من الجميع دخول الدار وبعدها يصير خير .
فتح جاسم حسوني عيونه ببطء وسط بساطيل المهاجمين واقدامهم التي كان بعضها يدوسه من دون شعورا به فدارت برأسه الاف الافكار للنجاة من المأزق الذي هو فيه ثم بحث عن اجساد زكي واحسان وحوشي فلم يجد لها اثرا ومن هنا قرر النهوض الفوري والسير مع اتجاه المهاجمين لكن كان عليه ان يتأكد من ان الصداع الذي يدوي بداخل رأسه كطاحونة لايعيق حركته والا كان هدفا لضربة جندي ايراني تنهي كل امل له بالحياة . استغرق تفكيره من دون تحريك لاعضائه لحظات استطالت زمنا وتذكر انه يعرف الكثير من الكلمات الفارسية مثل (الله اجبر ) وغيرها ثم تحسس وجهه ورقبته فلم يجد اثرا لنزف او دماء جافة وقبل نهوضه وجد قطعة قماش خضراء مكتوب عليها ( الطريق الى كربلاء ) فأمسك بها ونهض سريعا ثم لفها على رأسه بنفس الطريقة الايرانية وركض مع المهاجمين رغم شعوره الكبير بالاعياء والضعف وكان من حسن حظه انه لم يصاب بغير ضربة اخمص البندقية التي وجهها له جندي ايراني وهو يحاول حماية المقدم زكي من طعنة جندي ايراني اخر وانتبه لعدم وجود قوات عراقية او مقاومة تعترض طريق الايرانيين اثناء تقدمهم باتجاه الشلامجه فعلم ان المنطقة بالكامل تحت السيطرة الايرانية وان العراقيين انسحبوا او بالادق هزموا فرجعوا الى داخل العمق العراقي وعليه ان يسير بحذر شديد حتى لايكشفه الايرانيين فيقتلونه او يؤسرونه .. عند اقترابه من الحدود الدولية قرر الاتجاه جنوبا نحو منطقة عتبة والبوارين وشلهة الاغوات حيث كان يعسكر هناك احد افواج اللواء عله لازال موجودا وفي منطقة الخرنوبية اعياه السير والالم وقل تواجد الايرانيين فبحث عن مكان يخفيه عن النظر وجلس فيه طلبا للراحة .. وجد موضعا حصينا تركه ساكنوه وفيه بقايا من طعام وماء وعددا من الجثث لجنود قتلوا اثناء القصف وتركهم رفاقهم عند الانسحاب . قبل ان يستقر بالموضع تفحصه بعين عسكري خبير فوجد انه يقع بمنطقة لم تتعرض لقوة الهجوم ولاتشكل هدفا استراتيجيا لا للعراقيين ولا للإيرانيين ومن الممكن الاستقرار به حتى يستطيع السير واستجلاء الموقف ثم انزوى باقصى الموضع المظلم وتمدد واسلم نفسه لسلطان النوم من دون تفكير بشيء اخر مهما كان .
فتح الجريح الرقم 167 عينه فرأى نفسه داخل قاعة بيضاء واسرة وشرائف بنفس اللون وحركة لمخلوقات بيضاء تشبه البشر واحس بالانهاك والجوع والالم والرغبة بالكلام لكنه انتبه الى انه مربوط للسرير وتتصل بجسمه انابيب من المغذيات والم في البطن والساقين وبعض مناطق الجسم الاخرى وحاول ان يتحرك فجلب نظر المضمد القريب منه الذي هرع اليه وطلب منه السكون واسرع لمناداة الطبيب الذي وصل فورا فمسح وجه المريض وجس نبضه وهنأنه على السلامة وطلب منه عدم الحركة لانه مصاب باصابات خطرة في منطقة البطن وعدة كسور بالساقين وفي الاضلاع واخبره انه هنا منذ اكثر من 14 يوم وقد اجريت له عدة عمليات جراحية وهو بحاجة الى راحة وسكون لايام قادمة لاتقل عن خمسة على الاقل ثم سأله عن اسمه فقال : اسمي زكي صفوك الشمران مقاتل عراقي من لمش 47 فق 11 فعرف الطبيب ان مريضه يتصور انه وقع بالاسر وان هذا المستشفى ايراني فضحك وطمأنه قائلا : سيد زكي انت ليس اسير انت بمستشفى عراقي وتحديدا ( مستشفى الموانيء العراقية ) فلا تخف ونحن هنا نسهر على رعايتك وشفائك لكن قل لي ماهو اخر شيء تتذكره ؟ احجم المريض عن الكلام وكأنما يبحث عن دليل يصدق به كلام الطبيب ثم سأل : اذا كان هذا مكان عراقي لماذا لم يزورني احد وانت تقول مضى على وجودي ايام طويلة ؟
. من يزورك مثلا والهجوم كان مستمرا حتى قبل امس الاول وحتى سيارة الاسعاف التي نقلتك لنا لايعرف من فيها انت من تكون مجرد جريح وجدوك في مكان ما من الساتر واتوا بك الى هنا اضافة الى انك بالنسبة لنا مجهول الهوية وادخلناك المستشفى بغير اوراق ولااسم وقيدت تحت اسم جريح مجهول واجرينا لك اللازم وكانت حالتك ميئوس منها وكان معك اثنان احدهم كدنا ان نبتر ساقه لولا لطف الله والاخر يعاني من ارتجاج بالمخ وقد اجتازا منطقة الخطر تقريبا وهم يتعافون بسرعة ولانعرف اسمائهم ووحداتهم بعد لنخاطبها وكنتم لاتحملون اقراص هوية لكي نستدل منها على عناوينكم واسمائكم .
. انا متاكد اني كنت اضع على رقبتي قرص هوية درج به كل مايوضح هويتي .
. ربما نزعه منك جندي ايراني اثناء اصابتك وفقدانك الوعي .
. وماذا يفعل به الايراني وهو يحمل اسمي .
. اغلب الايرانيين يحاولون اثناء الهجوم الحصول على قرص هوية عراقي لكي يضمنوا معالجة عند الاصابة في الطبابات العراقية او الدفن في النجف يوم يقتلون اثناء الهجوم وهذه غاية يسعون لها بشدة وقد نزع قرص الهوية الخاص بك على هذا الاساس .ليذهب القرص الجحيم مادمت خرجت معافى وحمدا لله على سلامتك اخ زكي .
. شكرا دكتور لكن هل انتهى الهجوم واين وصلت الامور ؟
. منذ اربعة ايام اعلن العراق انسحابه للحدود الدولية وانسحابه من المحمرة وانتهى الهجوم وفتحت الاجازات .
. هل زارني احد خلال هذه الايام دكتور او سأل عني .؟
. يزور المستشفى يوميا المئات يسألون عن جرحى لكنك خارج من يسألون عنهم لانك من غير اسم وقد اعطيناك رقما للدلالة عليك كما انك كنت في دائرة الشك وقد تكون جندي ايراني ولو كنت بوضع يسمح بالحركة لكنا وضعناك في سجن المستشفى .
. كيف اتاكد من اسماء الجرحي الذين وصلوا معي ؟
. عندما يصبحون قادرين على الكلام نعرف اسمائهم ونخبرك ان كانوا من نفس وحدتك العسكرية .
. متى استطيع الحركة دكتور وترك المستشفى ؟
. هذا يعتمد عليك سيد زكي فنحن غدا او بعد غدا نرفع ازرار عمليتك وكسورك تشفى بسرعة وقد تغادر المستشفى خلال ايام .
. كيف تخبرون وحدتي ومتى ؟
. اليوم او غدا سندون معلوماتك .
. ومع ذلك لازلت انا غير متاكد باني ارقد بمستشفى عراقي .؟
. انت الان بدأت تعي ماحولك وماعليك الا التحلي بالصبر ومراقبة المرضى والعاملين بالمستشفى بعدها يتوضح لك هل المستشفى عراقي او ايراني . وبعد ذلك من تكون انت لكي يتم ايهامك .. ربما تكون قائد فرقة ونحن لانعلم بك سيد زكي .؟
. تحتاج الجيوش المحاربة الى اسرى لاستنطاقهم عن الاوضاع والتسليح والمعنويات في الجيش الاخر وانا لااريد ان اكون من المستنطقين او اخدع .
. اطمأن فقد اسر الايرانيون اكثر من اربعين الف جندي في المحمرة وحدها وقد يستغرق استنطاقهم لو كان الامر مثل ماتقول شهورا ان لم تكن سنين .
. هل سقطت المحمرة بيد الايرانيين .؟
. ومن غير قتال ايها البطل .
. انا فعلا بطل ولايحق لك الاستهزاء بي ايها الطبيب .
. لا لن استهزء بمقاتل مثلك وجروحك تدل على بطولة نادرة لان اغلبها نتجت عن اشتباك قريب وطعنات حراب مما يعني انك واجهت العدو والموت وجها لوجه .
. هذه شهادة ولااعرف حتى الان هي من عدو او صديق .؟
. ستعرف لكن قل لي يازكي هل تذكر اخر لحظات اشتباكك مع العدو .؟
. سأسردها بالتفصيل عندما اكون متأكدا من المكان الذي انا فيه .
. اتفقنا والان اترك المضمدين يقدمون لك العلاجات اللازمة بعد ان احدد لهم العلاج ولي معك كلام في وقت اخر .
. اريد معرفة اسماء الجريحين الاخرين باسرع مايمكن .
.لماذا هذه العجلة .؟
. لاننا كنا اربعة ووجود اثنين اضافة لي يعني فقدان احدنا بالاستشهاد او الاسر .
. لادون اسماء الثلاثة الاخرين من هم .؟
. جاسم حسوني .. احسان جبار.. حوشي مطير وانا زكي صفوك .
. الان تذكرت ملامحك انت المقدم زكي المقاتل الذي كرم من قبل وزير الدفاع قبل ايام لصمود سريتك بوجه الهجوم الايراني . انا فخور بك وسأبذل قصارى جهدي لكي تشفى بسرعة وتعود للمعركة يابطل .
. شكرا لك وهذا يزيد ارتيابي بكم.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راضي المترفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/30



كتابة تعليق لموضوع : اعترافات الملازم زكي 21
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net