صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

كَيف تَصبح مِلياردِيراً في العراق؟
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لايحتاج الأمر إلّا لقليل من الفَذّلَكة مع بعض الفَهلَوة ومُبادرة للتقرّب لِحزب من أحزاب السُلطة مع رَشّة خفيفة من الحظّ حتى تكون في مرتبة قارون، لاتحتاج المحاولة إلّا أن تدع ضميرك ودينك وأخلاقك جانباً وتمنحهم إجازة مفتوحة وتمتهن موبِقات اللصوصية والسرقة وأن تُفسد قدر المُستطاع حتى تُصبح من أرباب الثروة والمغانم في العراق وتأكد أنك عندما تنجح في هذه الخطوات فإن الجميع سيكون بِخدمتك إبتداءً من السُلطة التي تنحني أمامك إحتراماً وتقديراً لِفسادك وليس إنتهاءً بالنظام السياسي الذي دائماً مايجد تبريراً لأفعالك بقوانينه ومُبرراته بأن الفساد أصبح ثقافة.

في العراق هناك نوعان من البشر (السارق والمسروق) أو لِنَقُل (الناهب والمنهوب)، أما فئة المنهوبين الذين إرتَضوا بالمقسوم الذي صاغته السلطة لهم حتى وإن كان يحمل هذا المقسوم كُل العذابات الدُنيوية من عُسرٍ في المعيشة وإنعدام الكهرباء والماء وصعوبات حياتية لا أول لها حيث لا آخر، وهي بذلك أي السلطة تحاول إقناع البُسطاء من الشعب بعقيدة دينية مفادها "أمْ حَسِبتُمْ أن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ" (سورة عمران-الآية 142) في محاولة لإقناعهم بالصبر والسلوان وإنتظار الفرج من السماء.

أما فِئة الناهبون فأولئك الذين إكتسبوا رِضا السُلطة والأحزاب والقانون، لِمَ لا فهم من درجة الآلهة التي لايمكن التجرؤ أو المساس بهم، في حين أكسبتهم أفعالهم درجة قطعية أن الضربة التي لاتقضي على الفساد فأنها تُقويه، لقد أصبحت لهؤلاء إقطاعيات وديكتاتوريات وفضائيات وجيوش وسُلطة تفوق صلاحيات الدولة بعدما إستعملوا ذلك المزيج من خلطات الفَهلوة والفَذلكة وبعض الرِياء مصحوباً بالإحتيال، فكان يكفي منهم أن يقوموا بتسجيل شركات بأسماء وهمية للنَصب والخِداع وبإتفاق وتخادم مع عناوين حكومية فاسدة لإبتزاز الدولة وتغريمها أو لإستحصال هِبات أو حتى أتاوات تجمعها تلك العصابات ثم تقوم بغلق أبواب هذه الشركات الفضائية ولِتبدأ دورة حياة جديدة في النصب والإحتيال بتسجيل شركات جديدة وأسماء وهمية تُعاد فيها دورة حياة الفساد واللصوصية كما حصل في صفقة فساد كُبرى ضحيتها اموال الشعب المنهوبة عندما تم الحُكم بتعويض شركة وهمية لم تتجاوز مُدّة تأسيسها ثلاثة أشهر تعويضات من الدولة العراقية تُقدّر بأكثر من (600) مليون دولار مايُعادل موازنة جمهورية موريتانيا لسنة 2007.

فهل هُناك فُرصة وضربة حَظّ أكبر من هذه للفاسدين والسُرّاق واللصوص في الإغتناء والثروة في بلد ضائع وَخَرِب مثل العراق؟ وهل هُناك روليت يُتيح لِرواده هذا الفوز والرِبح والظَفر بالأموال والثروات؟.

تَذكرت عند كتابتي هذا المقال كِتاب كُنّا نقرأه في صِبانا تحت عنوان (كيف تصبح مليونيراً في أيام؟) وبالرغم من سذاجة المُحتوى إلّا أنه كان يأخذنا إلى عالم الخيال الخَصِب الذي يُمنّي النفس الأمارة بالسوء بذلك الثراء والمال ومَلذات الحياة، لكني إكتشفت اليوم أن مُحتوى الكتاب حقيقي وواقعي ويتم تطبيقه على أرض العراق لِمن أراد الإطلاع على القصة كاملةً مع تحديث بسيط هو تغيير وصف المليونير إلى الملياردير أو حتى المَلتي ملياردير على إعتبارات أن مغارة علي بابا العراقية لم تَعُدّ تستوعب أحجام السرقات فيها وأرقام فسادها تلك الأصفار الستة التي في المليون، مما إستوجب إضافة أصفار أخرى وأخرى تُتخِم جيوب السُرّاق واللصوص إلى حَدّ الفُحش والبَذخ اللامعقول الذي لا يصفه أي توصيف أو حتى يستوعبه العقل البشري بحيث يجعل من المليون بخشيش أو فكّة ينثرها هؤلاء فوق رؤوس العاريات أو الراقصات، فماذا بَقيَّ لكم أيُها العراقيون وأنتم تُشاهدون بلدكم منهوب...منهوب ومكان للفرهود مُتاح لكل من يُريد الإغتراف؟ إلّا أنتم أولئك البائسين الفقراء الذين تنتظرون ساعة كهرباء من زمن نهار قائض يتم التفضّل بها عليكم، أو شَربَة ماءٍ نظيف تُسقى لأولادكم، أو حتى معونات الرعاية الإجتماعية (إن وجِدتْ) تَمُنّ بها الدولة على بعضكم كَبابٍ من أبواب الصدقات، كم أنتم مساكين في بلدكم الذي يعبث به الناهب والسارق فساداً وعَبثاً ولصوصية وأنتم تنظرون إليهم من حيث تعلمون ولاتعلمون.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/14



كتابة تعليق لموضوع : كَيف تَصبح مِلياردِيراً في العراق؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net