صفحة الكاتب : حسين كامل

الاسراف والتبذير..
حسين كامل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الاسراف في الماء:

- إن الماء يشكل نسبة 72% من مساحة سطح الكرة الأرضية، والأراضي تشكل 28% منها، والمياه الصالحة للشرب تشكل أقل من 1%، وهناك دولة لديها مياه صالحة للشرب أكثر من غيرها.. ومن الدول التي تملك مياهاً صالحة للشرب بكمية كبيرة هي: البرازيل وروسيا وكندا وإندونيسيا والصين وكولومبيا.
- إن الماء من الموارد الطبيعية المهمة جداً للحياة، فأين ما وجد الماء وجدت الحياة. والله سبحانه وتعالى جعل الماء نعمة مهمة في حياة الانسان وبقية الكائنات الحية، حيث أول ما خلقه الله سبحانه هو الماء، قال سبحانه: ((وَجَعَلنَا مِنَ المَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)). (الأنبياء: 30) "فنسب تعالى كل شيء حي الى الماء، ولم ينسب الماء الى شيء". (تفسير القمي: (ج2/ ص45).
- وقال سبحانه: ((أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ)) {المرسلات/20}. وقال تعالى: ((فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ {5} خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ)) {الطارق/6}.
- وقال الامام الصادق (عليه السلام)، حينما سأله رجل عن طعم الماء: ((سلْ تفقهاً، ولا تسأل تعنتاً، طعم الماء طعم الحياة)). (دراسة الاسراف: ص67).
وهو تشبيه بليغ ودال وجميل جداً. وقال تعالى: ((... وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ)) {السجدة/8}. وقال تعالى: ((وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) {النور/45}.
 وهذه الآية تؤكد أن كل شيء خُلق من الماء، وخاصة الانسان.
وقال تعالى: ((وَهُوَ الذِي خَلَقَ مِنَ المَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)) {الفرقان/54}.
- كما وأن النباتات أيضاً تنبت وتنمو وتثمر بوجود الماء، قال تعالى: ((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ)) {السجدة/27}.
وقال تعالى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلنَا عَلَيْهَا المَاء اهتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) {فصلت/39}.
وقال تعالى: ((أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا {25} ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا {26} فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا {27} وَعِنَبًا وَقَضْبًا {28} وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا {29} وَحَدَائِقَ غُلْبًا {30} وَفَاكِهَةً وَأَبًّا {31} مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)) {عبس/32}. وقال تعالى: ((وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) {البقرة/22}.
 وهناك كثير من الآيات الكريمة تؤكد أن الماء أساس حياة النباتات المختلفة.
- ومن هذه الأهمية للماء؛ لأنه أساس حياة كل الكائنات الحية، علاوة على حاجة المعامل والمصانع الى الماء، فإن الاسلام نادى بحرمة الاسراف في الماء، كما جاء في القرآن الكريم، قال تعالى: ((وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) {الأعراف/31}.
وهذه الآية تؤكد النهي عن الاسراف في الماء، وتوضح كلمة المسرفين في كافة المجالات، وخاصة بالماء الذي هو نعمة عظيمة من الله لعباده، وإن هذه النعمة يجب المحافظة عليها، ولا نسرف فيها، قال تعالى: ((كُلُوا وَاشرَبُوا مِن رِّزقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَ)) {البقرة/60}.
- كما أن الرسول محمداً (ص) نهى عن الاسراف في الماء: ((عن عبد الله بن عمر: إن رسول الله (ص) مرّ بسعد وهو يتوضأ، فقال: ما هذا السرف؟ فقال: أ في الوضوء إسراف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جارٍ)). (دراسة الاسراف: ص70).
- ومن الملاحظ إن الاسراف في الماء النقي يشمل جميع مجالات الحياة في المجتمع.
- وعليه يمكن تقسيم مجالات الاسراف في الماء الى ثلاثة مجالات رئيسية وهي:
1- الاسراف في الماء في مجال الزراعة.
2-  الاسراف في الماء في مجال الأفراد والعائلة.
3- الاسراف في الماء في مجال المعامل والمصانع.
الاسراف في الماء في مجال الزراعة:
- إن نسبة الماء النقي الذي يمكن استخدامه للنشاط البشري في حياة الانسان في الزراعة والمنزل والمعامل والأمور الأخرى قليلة جداً، وهي تقل عن 1% من نسبة الماء في العالم.
ومن هذه النسبة القليلة تأخذ حوالي 80% منها، نظراً للاهتمام الكبير في الزراعة؛ لأنها هي الأمن الغذائي للإنسان والحيوان، في حين هناك زيادة مضطردة في السكان في العالم سنوياً، لهذا زادت كمية المياه المستخدمة للزراعة وخاصة عندما تكون بدائية على شكل سيح، أي غمر الماء جميع الأرض المزروعة، وهذا يشكل الهدر الكبير في الماء، كما يسبب قتل بعض المزروعات، علاوة على خفض جودة التربة.
وإذا أردنا أن نقلل من هذا الاسراف والضرر الذي يسببه الماء الكثير في الزراعة، علينا أن نستخدم الطرق الحديثة بالري، وهي استعمال الري بالرش أو الري بالأنابيب (بالتنقيط). والزراعة  في الأرض المناسبة لهذا النوع من المزروعات، وبذلك نقلل من الاسراف في الماء المستخدم في الزراعة للاستفادة منه للأغراض الأخرى.
- الاسراف في الماء في مجال الأفراد والعائلة:
 الماء ضروري جداً في حياة الانسان حيث يشكل الماء وجسم الانسان 60-70% منه، ولا يستطيع أن يعيش الانسان بدون الماء، فهو بحاجة الى 2-3 لتر يومياً، أي من 5-8 أقداح، ويختلف هذا بالنسبة للعمر والصحة، وعمل وجنس الأفراد.
- وقد أكدت بعض الدراسات على أن الاسراف في شرب الماء يؤدي الى بعض الأمراض للإنسان، وهي زيادة السوائل في جسم الانسان، تؤدي الى الاصابة بحالة مرضية يطلق عليها اسم النشاط المرتبط بنقص الصوديوم في الدم، وهي عبارة عن حدوث اضطرابات في سوائل وأملاح الجسم، مما يؤدي الى انخفاض تركيز الأملاح في الدم عن المستوى الطبيعي، والشعور بالهذيان والقيء، وقد يسبب الوفاة.
- وفي حال شرب كميات كثيرة من الماء خلال وقت قصير يسبب زيادة ضغط السائل، مما يؤدي الى دخوله داخل الخلايا، وبالتالي انتفاخ حجمها وتضخمها، مما يسبب العديد من المخاطر الصحية، مثل: الصداع، والتشويش، وضيق النفس، والغيبوبة، والموت؛ بسبب عدم توفر مساحات كافية لهذه الخلايا المتضخمة في الدماغ.
- ويؤدي الاسراف في شرب الماء الى تضخم الكلية، وضيق قنواتها، مما يسبب الفشل الكلوي، أو يسبب الأرق؛ بسبب كثرة التبول، كما يسبب كثرة التعرق وانتفاخ القدمين وانحباس السوائل فيها.
وعليه يجب الاعتدال بشرب الماء مما يحتاجه الجسم بدون إسراف ولا تقتير. فإن قلة شرب الماء أيضاً تؤدي الى أضرار للجسم؛ لأنه بحاجة مهمة لحياة وصحة الجسم، قوله تعالى: ((وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا..)) {الأعراف/31}.
وقال رسول الله (ص): ((سيد شراب أهل الجنة الماء)) (الكافي: ج6/ ص545).
وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ((الماء سيد الشراب في الدنيا والآخرة)) (الكافي: ج6/ ص545).
- إن الماء نعمة من الله يجب الحفاظ عليها، ولا نسرف فيها؛ لأنها إن فقدت فقدت الحياة، قال تعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنَ المَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)) {الأنبياء/30}.
- إن الاسراف في شرب الماء له أضرار، كما بيّن القرآن الكريم، وما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام): ((قال الامام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) وهو يوصي رجلاً، فقال له: أقلل من شرب الماء، فإنه يمدّ كل داء، واجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء)) (الكافي: ج6/ ص548).
وقال (عليه السلام) أيضاً: ((لا تكثر من شرب الماء، فإنه مادة لكل داء)) (الكافي: ج6/ 548). وقال (عليه السلام): ((لو أنهم أقلّوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم)). وقال (عليه السلام): ((كان النبي (ص) إذا أكل دسماً أقلّ من شرب الماء، فقيل له: يا رسول الله، إنك لتقلّ من شرب الماء، فقال: إنه أمرأ للطعام)) (الطبرسي – مكارم الأخلاق: ص99).
 هذه الأحاديث تؤكد على عدم الاسراف في شرب الماء، بل يقللون من شرب الماء إلا في وقت الحاجة وهو العطش، ويقللون من شرب الماء بعد أكل الدسم.
- كما وأن هناك اسرافاً كبيراً في استعمال الماء في المنزل أثناء غسيل الأواني أو الخضراوات في المطبخ حيث تفتح الحنفية (الصمبور) على أسرعها في المجرى، ويذهب هدر واسراف كبير في الماء في استعمالات المطبخ، كذلك المغسلة أثناء الحلاقة وتنظيف الأسنان عند فتح الحنفية دائماً، تجري وهو يحلق أو ينظف أسنانه، أو استعمالات الحمام أو غسيل الجسم أو الملابس أو الأثاث أو غسيل السيارات وغيرها من الحاجات.
 وحتى اسراف الماء في الوضوء إذا فتحت الحنفية بصورة سريعة ودائمة الجريان دون غلقها أثناء الوضوء، وبهذا فقد حرّم الاسلام الاسراف في الماء في جميع استعمالاته اليومية؛ لأن الماء نعمة من الله سبحانه، فالماء رخيص الثمن عظيم الفائدة، فكيف يكون حال الانسان لو انقطع عنه الماء لفترة من الزمن، هل يستطيع أن يعيش بدون الماء، ولهذا يجب المحافظة على الماء، وعدم الاسراف وترشيد استهلاكه في حياتنا اليومية.
ومن الأسباب المهمة التي تدفع الأفراد في الاسراف بالماء هو عدم وجود عداد لكمية الماء بالمنازل والعمارات وغيرها، مما يدفع الأشخاص الى هدر الماء؛ لأنه لا يوجد عداد لكمية الماء المجهز، وانما تقدير شهري لكل منزل أو عمارة، لهذا يجب أن تجهز المنازل والعمارات والمعامل بمقاييس (عداد الماء)، ويؤخذ قيمة الماء من عدد الوحدات المجهزة بدلاً من التقدير.. وخاصة في محافظة كربلاء المقدسة مثلاً.. وهكذا في بقية مدن العراق.
- الاسراف في الماء في مجال المعامل والمصانع:
تعتمد كثير من المعامل والمصانع على الماء وبدرجات مختلفة من مصنع لآخر، وإن ما تستهلكه المعامل 20% من كمية المياه بصورة عامة، وإن بلجيكا تستخدم 80% من الماء المتوفر لها في الصناعة؛ لأنها دولة صناعية، و10% للاستخدام المنزلي، و10% للزراعة وفي استخدام الماء للصناعة، هناك اسراف كبير في الماء يجب ترشيده بما يلي:
- تثقيف العاملين بالمعامل بأهمية الماء وترشيده. 
- عدم الاسراف في الماء أثناء التنظيف. 
- تدوير الماء المستخدم وإعادته مرى أخرى بعد تنقيته.
- تبديل المحركات بأخرى حديثة لا تستهلك الماء كثيراً.
- وضع مقاييس لقياس كمية الماء المستخدم.
ونخلص مما سبق، أنه يجب ترشيد استهلاك الماء، وعدم الاسراف في جميع مجالات الحياة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين كامل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/10/08



كتابة تعليق لموضوع : الاسراف والتبذير..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net