صفحة الكاتب : فاطمة محمود الحسيني

فلسفة الأحلام
فاطمة محمود الحسيني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كثير مايلجأ بعض الناس إلى تفسير الاحلام،حيث أنهم صاروا لايرون في منامهم شيئاً حتى يسرعوا في الصباح إلى مفسر احلام لكي يطلعهم على مايخبئ لهم القدر فيه. والأحلام التي يراها الإنسان في نومه ماهي إلا صورة مضخمة لما يجري في اليقظة من خواطر وأوهام عجيبة. ويستطيع كل واحد منا ان يفهم كنه الاحلام حينما يأوي إلى الفراش يريد النوم، وكيف تتدفق الخواطر وتجول في افكاره أثناء اليقظة وتبدأ تدريجياً بالتجسم فيه، وكلما تعمق في النوم كلما زادت الاوهام والخواطر وضحًا، حتى تبدو وكأنها احدى الحقائق ويكاد يلمسها  لمس اليد ويشعر بها، عندها يبدأ الحلم. 
الأحلام في الشعوب البدائية
إن الإيمان بصحة الأحلام والاهتمام بها عادة قديمة ورثها الناس من الشعوب البدائية والقديمة، فقد وجد الباحثون ان الانسان البدائي لايرى فرقًا كثيراً بين مايراه في المنام واليقظة. فالاحلام في نظر الانسان البدائي تنشأ من جراء خروج الروح عن البدن اثناء النوم فتتجول أثناء ذلك في الافاق وتكتشف الحقائق القريبة والبعيدة، وكان الاعتقاد بذلك بأن الأحلام تحدث عن تدخل الآلهة أو الشياطين ففي نظره ان الآلهة والشياطين وحدها مسؤولة عن ذلك. وهكذا أصبحوا البدائيون يعتقدون بأن الأحلام لها وظيفة كبرى الإنسان، وهي تكشف لهم عن الايام القادمة القربية والمكنون بالغيب.
الاحلام في الشعوب القديمة
لم تختلف كثيراً الشعوب القديمة في أمر تقديس الاحلام.
فقد كان البابليين لهم إله خاص بالاحلام يسمى "ماخر"، وكذلك المصريين القدماء لهم إله اسمه "بس" وقد نقشت صوره كثيراً على الوسائد التي يضع المصريون رؤوسهم عليها عند النوم.
الاراء الحديثة في الأحلام
حينما كانت  النزعة الروحية تسود عقول الشعوب البدائية والقديمة، فكانوا يعتقدون ان الكون بكل ظواهره مؤلف من مادة وروح، وإن مادة روح تسيطر عليها، والروح الكبرى هي الله. وهذا التصنيف للكون جعل القدماء يفرقون بين اليقظة والنوم. فالإنسان أثناء اليقظة  يخضع لهموم بدنه المادي، أما في النوم فتنطلق روحه من المادة وتسكن في عالم  علوي لا أثر للمادة فيه. 
أما في العصر الحديث ثار المفكرون على النزعة الروحية القديمة، وجردو الكون بصفة عامة، والانسان بصفة خاصة، من كل أثر روحي، فالكون بنظرهم مادة تجري حسب قوانين ميكانيكية لايمكن التنكب عليها أبداً.
لذا إن الباحثين اليوم قد يختلفون في تعليل طبيعية الأحلام، ولكنهم مع ذلك يتفقون على أن الاحلام دليلاً على صحة العقيدة من العقائد الموروثة. فقد اتضح لديهم أن الإحلام  بوجه عام ليست سوى وسيلة  يستطيع الإنسان بها أن يتنفس عن همومه ويستعين بها على مجابهة الحياة القاسية. وقال أحدهم "ان الأحلام هبة من الله تعالى للإنسان، لولاها لتحطمت الذات البشرية على صخرة الواقع المرير. 
القرآن الكريم والاحلام
وردت في القرآن الكريم بعض ايآت حول الأحلام،منها قصة نبي الله ابراهيم عليه السلام حين أوحى الله إليه في المنام ان يذبح ابنه، وأيضاً قصة نبي الله يوسف عليه السلام وكيف استطاع ان يصل إلى مركز عال في الدولة بوساطة رؤيا، وأخذ بعض المفسرين هذه الايآت دليلاً قوياً على صدق الرؤيا. 
ان الرؤيا الصادقة تنبع من نفس المعين الذي تستقي منه النبوة والولاية. اي بما معنى ان الوحي الإلهي ينزل على الإنسان بدرجات :
1-الدرجة الأولى :هي الدرجة القوية جداً والمرتبة الأعلى التي ينكشف الغيب فيها بكل وضوح، وخاصة بالأنبياء. وبها يمتازون عن غيرهم من الناس. 
2-الدرجة الثانية: فهي تخص بالأولياء الله  أرباب الزهد والعصمة والامامة والدرجة القريبة من الله بعد الانبياء. 
3-الدرجة الضعيفة : تأتي للمسلم عن طريق الرؤيا، وتتفاوت قوتها وضعفها حسب إيمان وتقوى الشخص، وكلما كان المسلم أكثر اصلاحًا وعبادة كانت رؤيا أصدق. 
وهناك شروط معينة يجب ان تتوافر للرؤيا الصالحة والاحلام الحسنة، منها الضوء، وطهارة المكان، والنوم بأتجاه القبلة، وقراءة سور من  القرآن، وبعض اذكار النوم، ووقت الرؤيا.
الخلاصة
ان الانسان يشتهي من دنيا أموراً كثيرة، وفي معظم الأحيان مظلوم أو محروم، وهو يجد نفسه غير قادر على تحقيق مبتغاه بالحقيقة، فيلجأ عندئذ إلى الأحلام يتخيل بها العالم الذي بريده على الصورة من الصور وفق دوافعه الشخصية والنفسية، وممكن القول قد يغلو البعض في تحليق بأحلامه كلما اشدت عليه الظروف والمحن المحيطة به. فلو قارنا بين شخصين احدهما مرتاح مترف والآخر كادح بائس متعب، لوجدنا الأول أقل خيالًا وأكثر واقعية وفهماً لها، أما الآخر الذي لاتسمح له الحياة بتذوق من حلاوتها فتكون احلامه خيالية وواسعة. 
َوكما أن الشعوب القديمة قد لجأت للاحلام للتنفيس عن همومها، فقد تظهر في الشعوب مثلاً أحلام اليقظة على شكل ققص خيالية من طراز الف ليلة وليلة، فيضعون أنفسهم موضع البطل من القصة ويتخيلون النعيم محيطًا بهم من كل جانب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاطمة محمود الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/10/14



كتابة تعليق لموضوع : فلسفة الأحلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net