صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

القبول في الجامعات الحكومية فيه الكثير من الملاحظات
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تنفيذا لشعار ( لكل خريج إعدادية مقعد في الجامعي ) الذي ألتزمته التعليم العالي منذ عقود ربما تعود بداياته لعام 1986 ، فقد أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن قبول 205486 طالبا وطالبة في الجامعات الحكومية العراقية ضمن قنوات القبول المركزي للسنة الدراسية 2023/2022 ، وتضمنت النتائج المنشورة في الموقع الرسمي للوزارة  قبول (197724) ضمن قناتي القبول العام والمباشر و (7616) ضمن قناة ذوي الشهداء و ( 146) ضمن قناة النخبة ، وبلغت أعداد الطلبة المقبولين ضمن قناة القبول المركزي في المجموعة الطبية (7749) طالبا فيما أشرت الحدود الدنيا لكليات الطب (99,29) وفي جامعة بغداد كان المعدل المطلوب أكثر من 100% ، وطب الأسنان (98,71) ، والصيدلة (98,29) ، ووصلت أعداد المقبولين في كليات الهندسة (23162) والعلوم (25690) والقانون (3571) والإدارة والاقتصاد (18041) والتقنيات الطبية والصحية (1941) والتمريض (3176) والطب البيطري (2145) والزراعة (3594) والآداب (7018) واللغات (2613) والتربية (39810) والمعاهد الطبية (13599) والمعاهد التكنولوجية (8468) ، وقد شمل جميع الطلبة الذين تقدموا إليه وبكل الفروع وغض النظر عن مجموع الدرجات حتى الذين كانت معدلاتهم 50% .

والقبول السنوي بهذه الأعداد يعد مفخرة للبلاد في مجال إعداد وتأهيل الموارد البشرية لتوفير اليد العاملة للبلاد بعد التخرج ، ولكن القبول يشير إلى تساؤلات عديدة أبرزها هل إن ما يتم قبولهم يستند إلى خطط للقوى العاملة منبثقة من خطة التنمية المستدامة أي هل إن البلد بحاجة فعلا لتخريج هذه الأعداد بتخصصاتها فور التخرج ليؤدوا أعمالهم في قطاعات المجتمع ومنع تحويلهم إلى عاطلين وتتقادم معلوماتهم فيما بعد ؟ ، وهل إن الجامعات الحكومية ممثلة بكلياتها ومعاهدها وأقسامها وفروعها مهيأة ومؤهلة بالفعل لاستقبال هذه الأعداد بما يضمن ممارسة الفعاليات التدريسية والتطبيقية والتدريبية كما ينبغي من حيث الطاقات الاستيعابية والمناهج والمفردات المحدثة التقانات والملاكات التدريسية والتدريبية والساندة بموجب القياسات والمؤشرات المحلية والعالمية ومن حيث توفير النفقات التشغيلية والاستثمارية التي تغطي كل الاحتياجات ؟ ، وإذا كانت الجامعات الحكومية تستقبل هذه الأعداد من خريجي الدراسة الإعدادية فما هي حصة الجامعات والكليات الأهلية من القبول وقد بلغ عددها أكثر من عدد الجامعات في القطاع الحكومي ومصدر دخلها الأساس هو الأجور ؟ .

 وهذه الأسئلة  لا تحتاج إلى جهد كبير للإجابة عنها بالتفصيل ، فقطاع التعليم العالي الحكومي يتبع شعار ( الجامعة للمجتمع ) أي انه لم يضع شرطا بان تعمل او توظف كل مخرجاته في أجهزة الدولة لان هناك قطاعات متنوعة في المجتمع يمكن ولوجها من قبل الخريجين ويقصد القطاع الخاص والمختلط والتعاوني والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والأعمال الفردية ، وهي قضية صحيحة ومنطقية ولكنها تحتاج لان يفهمها الطلبة المقبولين وعوائلهم كما يجب تدعيمها من خلال التوجيه المهني أثناء الدراسة التي تتطلب تزويد الطلبة بمهارات وتقنيات لولوج العمل بهذه القطاعات باستحداث مفردات ضمن المناهج التي يمكن أن تعنى بهذه الأمور ، أما عن المستلزمات التشغيلية والاستثمارية في هذا القطاع فقد أشارت لها إحدى التقارير الصادرة من وزارة المالية ، فحسب بياناتها في ما يخص النفقات التشغيلية و كذلك الاستثمارية في التعليم العالي لأول ٧ أشهر من عام ٢٠٢٢ ، فقد بلغ مجموع الإنفاق تريليون و ٥٢٩ مليار دينار منها تريليون و ٥٠٩ مليار دينار للإنفاق التشغيلي متضمنا تريليون و ٥٠٣ مليار دينار رواتب الموظفين أي إن نسبة الرواتب من الإنفاق الكلي٩٨% و نسبة الرواتب من الإنفاق التشغيلي٩٩% وهي أرقام ونسب لا تحتاج إلى تعليق ، ونود الإشارة إلى إن اغلب المؤسسات الجامعية الحكومية تعتمد بشكل مهم على إيراداتها الذاتية في تغطية نفقاتها في التطوير وتوفير المستلزمات السلعية والخدمية وغيرها ، وتلك الإيرادات تأتي من حصصها من الدراسات المسائية والاستشارات والفعاليات الإنتاجية الأخرى في المكاتب الاستشارية او صناديق التعليم فيها ، أما عن مصدر مدخلات التعليم الجامعي الأهلي من مدخلاتها من الطلبة فإنها تكون من خريجي العام الدراسي 2021 2022 او من الأعوام السابقة واغلب المقبولين في التعليم الأهلي هم من المقبولين في التعليم الحكومي ممن لا يرغبون بالاستمرار بالتعليم الحكومي لعدم تطابق قبولهم مع رغباتهم وللاستفادة من تسهيلات التنافس على المعدلات في الكليات الأهلية التي تسجل تفاوتا كبيرا  وتختلف تماما في الكثير من الحالات على متطلبات الحد الأدنى لمعدلات التخرج في التعليم الحكومي والأمثلة على ذلك تشمل معظم التخصصات بما فيها المجموعة الطبية والتخصصات المشمولة بالتعيين المركزي التي تحتل المرتبة الأولى في كل التنافس على القبول .

والرقم المخصص للقبول للعام الدراسي الحالي بموجب نتائج القبول والبالغ 205486 طالبة وطالبة هو رقم نظري و غير حقيقي كما هو الحال في الأعوام الدراسية السابقة ، لان نسبة مهمة من المقبولين سيتحولون إلى التعليم الأهلي بعد ظهور نتائجه بعد أيام او إنهم سيتركون الدراسة وضوابط وزارة التعليم العالي لا تمانع بقيام الطلبة بترك قبولهم فيها والمغادرة للقطاع الأهلي وهي لا تفرض جزاءات إلا على من يسجل فعلا بعد القبول ولم يباشر بالدراسة بدون عذر ، ومن الناحية العملية يعد عدم إشغال الطاقات الاستيعابية بموجب خطة القبول هدرا في الإمكانيات ويعبر عن خلل في التخطيط آخذين بعين الاعتبار إن نسبة من سيتحولون من القبول المركزي للتعليم الأهلي هي نسبة مهمة وتثير العديد من التساؤلات حول الفرق بين المخطط والمشغول ، ومن المناسب بالجهات المعنية في التعليم المبادرة لإيجاد فلسفة موضوعية في القبول تحدد جدوى تحويل كل خريجي الدراسة الإعدادية للتعليم العالي ووضع خطط فعلية للقبول تتناسب مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع واعتماد معايير متعددة في القبول لا تعتمد على المعدل فحسب وإنما الرغبة والتوجه المهني والمواصفات والقدرات وغيرها من العوامل التي كنا ولا نزال نضعها كطموح وأمنيات ، كما نرى من المناسب إعادة النظر بالقبول المركزي لما يتسببه من هدر في كل المجالات من خلال اعتماد التقديم المباشر للقنوات الجامعية الأهلية والحكومية وبما يناسب خططها وطاقاتها الاستيعابية ، ونترك موضوع التخصيصات المالية وأبواب إنفاقها ومقدارها لمن يعنيهم الأمر في التعليم وخارج التعليم ، بما يتناسب مع تبني فلسفة واضحة ليكون التعليم بمختلف فروعه وملكيته نظاما يتبادل الأثر والتفاعل مع التنمية المستدامة ومتطلباتها البشرية ويواكب التطور الحاصل بكل التخصصات .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/01



كتابة تعليق لموضوع : القبول في الجامعات الحكومية فيه الكثير من الملاحظات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net