صفحة الكاتب : حسين النعمة

حينما سقط السبع؟
حسين النعمة

حينما سقط السبع مضرجا بدمه أنهشت الكلاب جسده بقوة.. كلاب لم يرها من قبل متوحشة ملوثة بكل القاذورات.. ينز من أنيابها الصديد يحاول دفعها؛ ولكن لا جدوى أنها مسعورة تزداد ضراوة وقسوة، وأشدها كان الأبقع أنه يطلب العنق.. يندفع بوحشية لينقض على الرقبة الناصعة كإبريق فضة.

 
آه.. آه.. ماء قلبي يتفطر عطشا.
 
اتكأ على همه.. جفف حبات عرقٍ كانت تتلألأ على الجبين، وأسبغ وضوء الرحيل وسط زقاق غارق بالظلام.
 
\"هذا أبن الأنزع البطين، هذا أبن قتال العرب أحملوا عليه من كل جانب\"، فأطبقوا عليه، وأمته آلاف السهام لتلقى الهتاف \"يا شيعة آل سفيان! إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في ديناكم وأرجعوا الى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون\".
 
الدوامة اقتلعت أزهاره وأغصان شجرته وأخذت تتجه صوبه وتدفع بالكلاب المتوحشة المنصاعة وفاءً لكبار وحوش بني أمية. حدد ساعة الصفر وبدأ اللحاق ببستانه الخريفي، والتاريخ يسعى مبهورَ الأنفاس وراءه متشبثا بركبه حائرا في أسراره.
 
وابل النبال يرشقه من كل حدب وصوب، وهو بين قهر الموت وتحطيم جدران الزمن يتخطى القرون، والروح العظيمة تريد الانطلاق من أهاب الجسد المجرح.. والجراح المتدفقة ينابيعا فوارة تروي الرمال، والفرات يُمعن في الفرار خجلا من موت حياةٍ لم يهبها إياه.
 
الأبقع: ألا ترى الفرات كأنه بطون الحيات؟
 
فلا تشرب منه حتى تموت.
 
وضع سهمه في قوسه وركز على الجبين، وشخص الهدف ورشق سهمه. تدفقت الدماء وحدق ذاك الرجل الوحيد في قلب السماء: \"اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة، اللهم أحصهم عددا، وأقتلهم بددا، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا\".
 
أخذ الجسد الأشم تتسرب منه الدماء على قارورةٍ غذت إنسان ما بعده معانٍ للتضحيات. تأوه، رمق القوم الناشز: بـ\"بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله..\"، ورفع وجهه نحو السماء: \"إلهي أنت تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض أبن بنت نبي غيره!\".
 
السهم يغوص في جسد الهزبر فيخرجه بشفراته الثلاث ثعابينا من سِتار القفا، لتنبعث شلالاتٍ قانية ثائرة تسافر في عوالم الأفلاك تصبغ النجوم تلون الآفاق حمرة السّبُع الصريع. الكلاب تنهش جسدَه وكان أشدها الأبقع.. العينان فيهما بقايا ألقٍ يوشك على الرحيل، والروح تتسرب من أفواه الجراح وتبث أسراراً توقظ مدنا ثائرة. الأبقع: أريحوه.. فظُنَّ وقت بدا الأفق الغربي يشتد حمرةً أن الشمسَ كُسفَت، فانبرت كتيبةٌ تسحق ورد البنفسج الذبيح بسنابك الشياطين، وتمزق صدراً طالما فاحت منه قبلاتُ محمدٍ والزهراء، فراحت تملأ الفضاء وتمتزج مع ذرات رمال صحراء كربلاء، لتُخلِـدَ والدماء القانية القيام حينما سقط السبع.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين النعمة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/19



كتابة تعليق لموضوع : حينما سقط السبع؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net