صفحة الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

على ضفاف الانتظار (3)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ثلاثية المعرفة والاعتقاد والعمل

ذكرتِ الرواياتُ الشريفةُ أنّ من عرفَ الإمامَ المهديّ (عجّل الله فرجه) فإنّه سيكونُ على خير، وأنّه لو عرفَه فكأنّه قاتلَ معه، واستُشهدَ بين يديه لو ماتَ قبلَ أنْ يُدركَه.
والسؤالُ هُنا:
نحنُ نرى أنّ هناك من الشيعةِ مَنْ لم يقرأ أيَّ كتابٍ حولَ الإمامِ المهدي (عجّل الله فرجه)، وأنّ هناك من غيرِ الشيعةِ من قرأَ الرواياتِ الواردةَ فيه، وبالتالي هل سيموتُ هؤلاءِ الشيعةُ ميتةً جاهليةً، وسيموتُ غيرُ الشيعي كالشهيدِ بين يدي الإمامِ المهدي (عجل الله فرجه)؟
فهل هذا المعنى صحيح؟
الجواب:
أولًا: وردَ هذا المعنى في رواياتٍ عديدة، ومنها ما رويَ عن عبدِ اللهِ بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عرفَ هذا الأمرَ ثمّ ماتَ قبلَ أنْ يقومَ القائمُ (عليه السلام)، كانَ له مثلُ أجرِ من قُتِلَ معه»( ).
وعنِ الفضيلِ بن يسار، قال: سألتُ أبا عبدِ الله (عليه السلام) عن قولِ اللهِ (): ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ﴾ ( )، فقال: «يا فضيل، اعرفْ إمامَك، فإنَّك إذا عرفتَ إمامك لم يضرّك تقدَّمَ هذا الأمرُ أو تأخَّر، ومن عرفَ إمامَه ثمّ ماتَ قبلَ أنْ يقومَ صاحبُ هذا الأمرِ كانَ بمنزلةِ من كانَ قاعدًا في عسكره، لا، بل بمنزلةِ من قعدَ تحتَ لوائه»( ).
وعن زرارة، قالَ: قالَ أبو عبد الله (عليه السلام): «اعرفْ إمامَك، فإنَّك إذا عرفتَ لم يضرّك تقدَّمَ هذا الأمرُ أو تأخَّر»( ).
وعن فضيل بن يسار، قال: سمعتُ أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «منْ ماتَ وليس له إمامٌ فميتتُه ميتةٌ جاهلية، ومن ماتَ وهو عارفٌ لإمامِه لم يضرّه تقدَّمَ هذا الأمرُ أو تأخَّرَ، ومن ماتَ وهو عارفٌ لإمامِه كانَ كمن هو معَ القائم في فسطاطه»( ).
ثانيًا: ليسَ المقصودِ من المعرفةِ هو مُجرّدَ الاطلاعِ على الرواياتِ الواردةِ في الإمام، وإنّما المقصودُ منها هو الإيمانُ بما تتضمنّه تلك الرواياتِ الشريفة، والذي خُلاصتُه التالي:
1 - الاعتقادُ الجازمُ بأنَّ الإمامَ المهدي (عجل الله فرجه) هو الإمامُ المُفترضُ الطاعةِ من اللهِ (تعالى)، وهو الإمامُ الثاني عشر من أئمةِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، وأنّه ابنُ الإمامِ العسكري (عليه السلام)، وأنّه الذي وُلِدَ يومَ الخامس عشر من شهر شعبان لسنة مائتين وخمسٍ وخمسين للهجرة، وأنّه الغائبُ اليوم، وأنّه الذي يخرجُ بأمرِ اللهِ (تعالى) في الوقتِ المعلومِ لديه (جل وعلا)... إلى آخرِ الاعتقاداتِ التي نؤمنُ بها تبعًا للدليلِ القطعي.
2 - العملُ وفقَ الاعتقادِ السابق، وانتظارُ الإمامِ بالمعنى الذي ذكرته الرواياتُ الشريفة، والتمهيدُ لظهوره، كلٌّ من موقعه.
فهذا هو المعنى المقصودُ من المعرفة، وهل يُعقلُ أنْ يكونَ شخصٌ ما شيعيًا بمُجرّدِ اطّلاعِه على الرواياتِ الواردةِ في الإمامِ المهدي (عليه السلام)؟
وهل إذا كتبَ مسيحيٌّ كتابًا في الإمامِ (عليه السلام) نحكمُ عليه بأنّه مسلمٌ شيعيٌ مثلًا؟
ومنه يتضح: أنَّ المقصودَ هم خصوصُ شيعةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) الذين التزموا بالمعرفةِ الحقّة كما بيّنّاه لكم.
ثالثًا: ورغمَ كُلِّ هذا، فهُنا نصيحةٌ لا بُدّ من الالتفاتِ إليها:
إنّ على كُلِّ شيعي يعملُ على أنْ يكونَ من أنصارِ الإمامِ المهدي (عليه السلام) ومن المُمهّدين لدولته، أنْ يزيدَ من معرفتِه بقضيتِه المهدوية، من خلالِ الاطّلاعِ الكافي على الكتبِ المهدوية، واستماعِ المحاضراتِ الخاصةِ من ذوي الشأنِ المهدوي، إذ لا شكَّ أنَّ الاعتقادَ والعملَ مُتوقِّفٌ على المعرفةِ أولًا، وهي -أيّ المعرفة- وإنْ كانتْ حاصلةً عندَ غالبيةِ بل كُلِّ الشيعة، ولكنّها ربما تكونُ معرفةً سطحيةً أو هامشيةً أو انتقائيةً غير شاملة، واللازمُ على المؤمنِ أنْ يكونَ مُحيطًا قدرَ الإمكانِ بأهمِّ قضيةٍ يعيشُ حياتَه من أجلِها، والتي تُمثِّلُ الأملَ الموعودَ من اللهِ (تعالى)، والذي لا بُدّ أنْ يتحقّقَ وإنْ طالَ الزمن، نسألُ اللهَ (تعالى) أنْ يُعجِّلَ بظهورِه، وأنْ يُدركَنا به على سلامةٍ من دينِنا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/20



كتابة تعليق لموضوع : على ضفاف الانتظار (3)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net