صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

الدينار العراقي بين حصارين
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بالرغم من عدم قُدرة عقولنا البسيطة في إستيعاب وإحتواء قوانين عالم الإقتصاد والمال حين ظلّت مُتوقفة عند أبجدياته، إلّا أنّ سنوات الحصار العِجاف التي تأبى مُغادرة مُخيّلتنا نحنُ الذين عِشنا أيامها وسنواتها الصعبة حين كان مقدار العُملة وثمن الحاجة يُقاس بوزن تلك الكُتلة النقدية بِميزان الفواكه والخضروات بعد ان خصص النظام السابق مطابع خاصة لِطبع العُملة المحليّة، حينها كان راتب الموظف لايُعادل أكثر من دولارين في ذلك الزمن الصعب، وقتها كان الدينار العراقي ينهار يومياً مُعلناً إنهزامه أمام الدولار لِيُحطّم كل معالم الحياة المعيشية للعراقيين ويُصعّب أمورهم ويزيدها تعقيداً وعجزاً أمام توفير لُقمة العيش.

عُملة الدينار أصبحت في ذلك الوقت أرخص من سعر اللاصق الشفاف الذي يتم فيه لصق العُملة المُمزّقة.

بعد أكثر من عقدين من تاريخ ذلك الزمن المُرّ في فم العراقيين يبدو أنّ هُناك من يسعى لِتكرار التجربة في طبع العُملة العراقية وزيادة الكُتلة النقديّة في الأسواق بِحُجّة تذبذب وإرباك سعر الدولار في السوق وإرتفاعه بِشكل تدريجي خصوصاً وأن هذا الصعود ينال رِضا المستفيدين بِدليل ذلك السُكوت والتغاضي عن مُحاولات إرتفاع العُملة الخضراء في السوق، بل والتصريح أن الصعود طبيعي والأمر مُسيطر عليه.

هل هي نوايا مقصودة أو غير ذلك؟ لا أحد يعلم فإتجاهات البوصلة قد ضاعت، الإقتصاد العراقي ربما يُرسَم له صورة مُشابهة للسيناريو اللبناني في إنهيار عُملته لعدم وجود خُطط إستراتيجية أو تخطيط إقتصادي يحفظ له توازنه وذلك الشبح المُخيف من الفساد الذي بات يُلقي ظلاله بشكلٍ طاغٍ على المشهد السياسي في العراق.

إرتفاع أسعار الدولار في الأسواق المحلية وتلك الحرب التي تُعلن ضد المواطن البسيط تؤشر إلى يقين بأنّ البلد يسير إلى هاوية الإنهيار الإقتصادي مثل صورة لبنان البلد الذي ضيّعته منظومته السُلطويّة وتاه مُستقبل شعبه في المجهول.

لايحتاج النظام السياسي أن يُبرهن أن الحفاظ على سلامة عُملته الوطنية يدخل من باب السيادة وقوة الإقتصاد الوطني التي تسعى الدول جاهدة من أجل الحفاظ عليها في مُستويات مُرتفعة إلّا العراق ذلك البلد الغارق في وحل التبعيّة والرضوخ لِقوانين الغير من خلال إهانة عُملته الوطنية وربطها بالدولار مع إن التجارب أثبتت خطأ وخطيئة ذلك الفِعل كالتابع الذي تقوده الورقة الخضراء، حيث عاثتْ فساداً وجوعاً بالعراقيين في ذلك الزمن الماضي والحاضر.

مايُحاول البنك المركزي العراقي من تِكرار خطأ الماضي من خلال زيادة الكُتلة النقدية للعُملة العراقية وضخّها في الأسواق ظناً منه انه سيتجنّب الإنهيار، ماهو إلّا وهم لِترقيع الأزمة وزيادة مساحات المُشكلة التي وقع بها من حيث يدري أو لايدري في بديهية وإستنتاج مؤكّد لِنظريات إقتصادية يُصرّح بها إقتصاديين كان يُمكن العمل بها في فك إرتباط الدينار بالدولار والعمل على تحسين قيمته من خلال التعامل مع عُملات دولية أخرى مثل اليورو أو حتى اليوان الصيني كما تفعل بعض الدول العربية، لكنها مُشكلة التبعيّة والإنقياد ومشاكل نفسية مُعقّدة تأبى مُغادرة مخيلة الذين حكموا البلاد وهو شعورهم بالإنقياد وتلك هي مُشكلة العراق المُبتلى.

يبقى السؤال هل سيكون مصير الدينار العراقي سقوط البلد في قعر الإفلاس والإنهيار الإقتصادي مثل سيناريو الليرة اللبنانية التي فقدت الإعتراف والشرعية بها؟.

من المؤكّد أن تشابه الظروف وتطابق الأنظمة وفساد المنظومة السياسية للبلدين ربما يوحي بأن المُخرجات ستكون مُتشابهة وربما واحدة وهو ما لانرجوه لِبلد مثل العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/26



كتابة تعليق لموضوع : الدينار العراقي بين حصارين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال

 
علّق سنان السعداوي الاسدي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : الله حيوا رجال بني أسد في السعديه.

الكتّاب :

صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني
صفحة الكاتب :
  سيد صباح بهباني


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net