بعد السقوط , وقبل السقوط .. جملة شاع استخدامها بعد عام 2003 بين العراقيين حتى صارت حاجزا او جدارا عاليا مابين الفترة المنصرمة التي حكم بها النظام السابق وبين فترة مانسميه اليوم بمرحلة التغيير , ومرحلة التغيير هذه بنيت في التصور العام والشائع لدى جميع العراقيين دون استثناء على اساس الاختلاف الكبير الذي سيحصل في جميع مفاصل الحياة العراقية , ولم يكن شك في ذلك بداية الامر , وصار التغيير بالنسبة لنا نحن العراقيين مسالة وقت لا اكثر بافتراض ان الرجال الذين كانوا يتباكون طيلة وجودهم بالمنفى على مايعانيه الشعب العراقي من تفسخ بجميع مفاصله , انهم سيقلبون الامور من حال الى حال . ودخلوا البلاد وصعدوا منابر الخطابة بعد ان ازاحوا العقبة الصدامية من امامهم وصاروا يخطبون بنا خطبا ماسمعنا يوما بمثلها وكانت شعاراتهم هي الاقرب للحلم من الحقيقة لكننا قلنا بانفسنا انهم لصادقون لاننا كنا نتابع من الداخل وهم في الخارج ( في فترة ماقبل السقوط ) كل مايصدر عنهم من صراخ وعويل ونواح من اجلنا ومن اجل تخليصنا ماكنة الرعب والخوف والجوع ومن واقع هو اشد من المرارة بعينها .. وكنا نقول في قرارة انفسنا , متى ياتي اليوم الموعود الذي تزول فيه عن كاهلنا فاشية النظام السابق ويتسلم هؤلاء الاوفياء دفة الامور ؟ وصرنا ننتظر يوما بعيد المنال .. واجلنا جميع احلامنا واعراسنا وافراحنا وكل رغبة فينا كانت تقول لنا ايها العراقيون انتظروا فموعدكم مع رجال مثلكم سياتون من الغرب الاقصى وهم عراقيون من دمكم ولحمكم وسيفعلون مايفعلون .. كنت في فترة النظام السابق اقرا الكثير عن مشاريعهم وبرامجهم وطموحاتهم واحلامهم وارى انهم لايقلون احلاما عنا , وماذا سيفعلون بحال استلامهم الحكم بالبلاد وقرات ذات يوم تقريرا نقله لي احد المخلصين ( سرا ) انذاك ان هؤلاء الرجال قد اطلعوا على الحصة التمونية التي كان يوزعها لنا صدام وكانت تحتوي على ثمان مواد كد اقصى وانهم كانوا يقولون ان هذه الحصة لاتسد جوع العراقيين وهي ادنى بكثير مما يجب ان يعطى لهم , وقالو بالتقرير الذي رفعوه الى منظمات انسانية ( بالخارج ) امريكية واوربية وهي الاخرى كثيرا مابكت على فراغ بطون العراقيين ابان الحصار وخرجوا بحصيلة انهم لو تسلموا الحكم فسوف يعملون على زيادة مفردات الحصة الغذائية للعراقيين الى اربعين مفرده .. لاتتصوروا حجم الفرحة التي راودتني يومها عند قراءة التقرير وقلت بنفسي وانا اضع يدي على بطني الخاوية متى ياتي هذا اليوم الموعود وياتي رجال مخلصين ليملؤوا بطوننا بحقنا من الطعام وكان هذا حال الجميع بالداخل حيث ان النظام السابق جعل من رغيف الخبز ( الابيض ) اغلى واثمن مائدة تاتي من السماء .. وتسمرت انظارنا بامل التغيير , وصار التغيير , ودخل الرجال الذين كنا نسمع عنهم ولانراهم , ونقرا عنهم ولانعرفهم الا قليل منهم وتربعوا على عروش بطوننا وخطبوا بنا وسمعناهم ( بانفتاح اعلامي واسع ) .. وصار ماصار في فترة ( مابعد السقوط ) ونمنا واصبحنا فوجدنا بطوننا مازالت خاوية .. اهلنا يقولون اذا لم تشبع العين فان البطون لايملئها الطعام .. ومفردات الحصة الغذائية صارت ايلة ( للسقوط ) وعدنا نشتري ثيابنا من البالات ومازال الكثير من امهاتنا واطفالنا ينكشون المستقعات والمزابل بحثا عن لقمة العيش وامتلات البلاد بالبضاعة المستوردة الفاسدة وصار الشعب حقلا للتجارب الطبية لادوية لاتصلح لشيء سوى التلف .. وانفلتت زمام الامور من يد هؤلاء الرجال فصاروا يستغفلون ويسرقون بعضهم بعضا واما المخلصين منهم وهم ( ثلة ) فقد تورى البعض منهم عن الانضار ومات البعض الاخر على منحر الشهادة وبقي الذين يواجهون مصير بلد لايعرف اهله مستقبلهم وكانهم دخلوا عهدا جديدا من الضياع والخوف .. اليوم بدانا نكتشف ان مهمة الكثير من الذين دخلوا البلاد بعنوانين كثيرة اشتروا بها تاييدنا هم اكثر الرجال خبرة في ( صناعة الوهم ) الذي هو الاقرب للكذب فقد توالت التصريحات حول الحياة المترفة ولم تكن تصريحات السادة وزراء الكهرباء والذين تعاقبوا ( بالحكم ) على هذه الوزارة بمناى من هذه التصريحات الوهمية التي من خلالها كنا نصدق ان هذا الصيف او الصيف القادم والذي سيلية ان الكهرباء ستكون افضل من سابقاتها واكتشفنا في مرور المواسم الصيفية المتعاقبة والمنصرمة في ما ( بعد السقوط ) ماهي الا امتداد لفترة هي الاقرب جدا لما عاناه العراقيون في ما ( قبل السقوط ) .. واكتشفنا متاخرين جدا ان ( جمهورية صناعة الوهم ) التاريخية والتي بناها واسس لها صدام ماهي الا امتداد لما نحن عليه اليوم .. بالامس القريب قال السيد وزير الكهرباء وقوله الفصل ان الطاقة الكهربائية ستشهد تحسنا بالشهر المقبل , والله انا اتمنى ان يكون الرجل صادقا وان يكون عند حسن ظن ملايين العيون العراقية الشاخصة اليه وان تساعده الظروف السماوية والارضية في ان يفي بما يقول , فوالله لقد امتلات قلوبنا وبطوننا بالوهم والشك كما امتلات بعفونة مواد الحصة التموينية التي انخفضت مفرداتها الى الصفر تقريبا مع ضياع مليارات الدنانير العراقية في تحسينها ادراج الفساد .. واليوم صار الهم اكبر بحصتنا من الكهرباء الوطنية واصبحنا ضحية ابدية لاصحاب المولدات الاهلية وجشعهم , فلا الصيف الحالي ولا الصيف القادم ولا الذي يليه ننام ونصبح على اضواء مدننا وبيوتنا المضلمة لنتخلص من ( عدم ) النوم على سطوح المنازل ولسعات حشرات الليل التي هي الاخرى بقيت بمناى عن مكافحة وزارة الزراعة فعاثت بنا فسادا هي الاخرى ... اليوم ننظر الى الامور بعين تختلف كثيرا عن الامس فقد عرفنا الغث من السمين وصارت لنا نحن العراقيين خبرة باختيار جلادينا ومن سيحكمونا ,علما ان الخيارات ليست بمستوى الطموح فنحن مازلنا نعاني ازمة بالرجال المخلصين وان العربة التي جاءت بهم امس عادت فارغة ولم تات باحسن منهم , ومازالت نظرية الرجل الواحد تسيطر على ثقافاتنا التي ورثناها منذ عقود طويلة الا مارحم ربي .. وادعوا لكل رجل شريف ان يجد ارضية خصبة ليزرع بها اخلاصه دون ان تحاصره الذئاب كما حدث في مشهد رجب النجف الاشرف الذي حصد السيد الحكيم ومن معه دون رحمة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat