رحلة العيد (٣) ((العيد والتوبة وبناء الذات))
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تحدثنا في الحلقة الأولى عن رحلة العيد والموت وآثار ذلك في بناء الذات من خلال خطبة أمير المؤمنين عليه السلام"، وفي الثانية عن رحلة العيد والدنيا وآثار ذلك، وفي رحلتنا اليوم سنكون في إحدى الجوانب الإيمانية مع الله ..
*-١-*
إنَّ العيد يؤكد على مفوم عبادي وتربوي عظيم يمكن الإفادة منه في هذه المحطة الإلهية السنوية بعد الانتهاء من عبادة مهمة اجتمعت فيها القلوب والأبدان بين يدي الله تعالى عند بيته الحرام، والكل قد هجر الدنيا والتعلُّق بها في هذه الهجرة الذاتية الطوعية إلى الله تعالى، حيث التجرُّد عن كل الوجودات المادية والمعنوية المحدودة ومنها المنصب والجاه والمال وغيرها مما يتشبث الإنسان بها في بعض الأحايين فينسى حقيقة وجوده وغايته ..
*-٢-*
إنَّ الإمام (صلوات الله) عليه أراد أنْ يبقى جرس التذكرة عالقًا في الأذهان، ونصب الأعين، وعدم الغفلة عنه مطلقًا، وخصوصًا عند الانشغال في مناسبات تظهر عليها مباهج السرور والزينة، فعليه أنْ يبقى مستذكرًا أنَّ السرور الحقيقي هو أنْ يكون مرضيًّا عند المولى عز وجل، معترفًا بالتقصير والإسراف في طاعته، ويعود إليه معترفًا بذلك بجميع جوارحه من خلال التوبة والاستغفار والدعاء بطلب العفو عنه، وعتقه من ربقة الشيطان الذي رماه بأحجار معدودات وهو يحتاج أنْ يرميه دومًا بأحجارٍ وأحجار!! ولكن ليست أحجارًا مصنوعة من ذرات رمل أو طين، وفي هذا كمال بناء الذات مع الله تعالى عند عودتها إليها بمفهوم ومصداق جديدَيْن ..
*-٣-*
إنَّ التوبة هي أعظم أبواب جهاد النفس، وأعظم سبيل لبناء الذات، وأكرم باب يرجع إليه العبد نحو فطرته السليمة التي فطره الله عليها (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)، فالتوبة عبادة الأحرار والأغيار على المعبود، والتوبة حركة النفس نحو تكاملها بين يدي المعبود، والتوبة سبيل محبة المعبود لعبده، وتطهير العبد لجوارحه وجوانحه عن الانشغال بغير المعبود الحقيقي، فإنَّ الله (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ..
*ختامًا* ..
فالإمام (عليه السلام) أراد أنْ يكون العيد محطة جديدة لهذا البناء الذاتي، والتكامل الروحي بين يدي المعبود الحقيقي .. جعلنا الله وإياكم أهلًا للتوبة والأوبة إليه ..
*وإلى لقاء أخير مع رحلة العيد*
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat