صفحة الكاتب : سميرة سلمان عبد الرسول البغدادي

كانت أوراق الشجرة أمامها تتهادى بخيلاء أخضر جميل وهي قابعة على ذلك الكرسي الأسود امام نافذة مكتبها . ساد الصمت في ارجاء الغرفة إلا من زقزقة العصافير الشقية التي تتقافز هنا وهناك على أغصان الشجرة مرة وعلى الحشائش أخرى . لكنها لم تستطع متابعة حركتهم فقد غطت سحابة من الدمع مجال رؤيتها .الأسوء انها  لم تك قادرة على ان تمطر احزانها امام الغرباء ولا متابعة التصبر وتمثيل الاندماج مع الواقع .لقد قررت اليوم الابتعاد و إعلان فشل قصتها معه . لقد حاولت التغاضي عن كثير من الامور إلا ان ما حدث كان القشه التي قصمت ظهر البعير اضمرت  " يكفي , خلاص ... لا مجال للتراجع .."

ترفع يدها اليسرى لترى ذلك الخاتم الذي يمثل خيبتها وشعورها بالذل . تغمض عيناها وتتساقط الذكريات ..يوم اللقاء ,وكيف اقنعها بحبه وهي الجادفة اللاعنه لعاطفة لا تورث غير الضعف و الخنوع , أيام الهوى ,الخطوبة , زواجهم وخيانته وكيف انه وبكل وقاحة اصر ان الرجل حر يفعل ما يشاء أنى يشأ :
- حبكِ باق والأخريات نزوات . احس من خلالهن بأني لا زلت مرغوبا .. ما الداعي لكل هذه الثورة طالما اني غير مقصر بحبك او بواجباتي تجاهك و أطفالك .. أنا شرقي ومن حقي اللهو "
تلوذ بالصمت وتنسحب من المكان . تهرب الى العمل طلبا للسلوان .. تجلس على  كرسيها الأسود وتطيل النظر للشجرة امامها . إلا ان منظر تلك المرأة اثارها . اعتدلت بجلستها وسمحت لنبرة المذيع ان تلامس عصب السمع لديها .." اذن هي فاجعة جديدة ابتلت بها احدى العائلات المنكوبة في اضنا العربية . أم ثكلى بأطفالها الاربعة "
تسلل الخبر الى خلايا فكرها وصوت المرأة المطالب بالانتقام  من الطغاة ينفض غبار الاستسلام عن روحها . كان منظر تلك المرأة محزنا بشعرها المنكوش وملابسها الملطخة بالدماء وتلك العيون المحمرة الوارمة جراء البكاء المرير . كان هدير صيحاتها يتعالى الى السماء . أرعبها منظر الموت الطاغي بالمكان وكل ذلك الخراب و ذرات التراب المحملة بعبق الهزيمة حين نقبل بالذل مرة .
كل هذا الاحساس بالألم والقهر زاد وجعها . اقفلت المحطة واستدارت صوب النافذة المفتوحة . احست برذاذ المطر يلامس وجنتاها  . اسدلت رموشها الطويلة على مآقيها المكتظة بالدموع فترقرقت قطرة ترفض ضعفها وسكوتها . مسحتها . تناولت حقيبتها اليدوية. خرجت من الدائرة . وقفت في الممر المفضي الى حيث المر آب . رفعت رأسها الى السماء فغطت حبات المطر ملامحها واندمجت مع قطرات ثورتها الصارخة برفض سلطة رجل تفضي بها الى خسارة كبرياؤها وحقها كإنسانه بالحياة بكرامة . 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سميرة سلمان عبد الرسول البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/18



كتابة تعليق لموضوع : الذُل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net