صفحة الكاتب : محمد كاظم الموسوي

رسائل إلى القادة الأمنيين ـ تحديات القادم المجهول
محمد كاظم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لسنا بصدد الحديث عن قدرة وفاعلية الأجهزة الأمنية في الوقت الحاضر, فعلى الرغم من التقدم الذي حققته على أرض الواقع, فقد أثبتت الأيام وخصوصاً الماضية منها وجود الخروقات الأمنية وضعف الأداء الأمني والجهد الاستخباري, وقد ذهب بسبب ذلك العشرات من الأبرياء والمئات من الجرحى فضلاً عن الخسائر المادية والمعنوية.
 
وهذا بحد ذاته مؤشر خطير, يشكل عامل قلق بالنسبة لدور الأجهزة الأمنية في المستقبل القريب, ولقدرتها أمام التحديات المستقبلية الآتية.
 
إن أمام الأجهزة الأمنية مهام كبيرة, وتحديات أكبر, سوف تفرضها الأحداث المستقبلية الآتية مع رياح التغيير والقادمة من دول الجوار ومن سوريا بالتحديد.
 
فإن ما يجري من أحداث في سوريا سوف ينعكس سلباً على الواقع الأمني في العراق, سواء تغير النظام السياسي هناك أم لا.
 
فالقادم من هناك أشبه بشفرة ذي حدين !!! فإذا تغير النظام السياسي هناك فإن البديل القادم سلفي طائفي متطرف, كما تشهد بذلك الأحداث الجارية هناك, وهذا البديل لايمكنه أن يتوافق أو يتقارب مع شكل النظام السياسي في العراق, وهذا ستكون له انعكاساته السلبية على المستوى السياسي والأمني.
 
وأما إذا لم يتغير النظام السياسي هناك ـ وهذا أسوأ من الفرض الأول ـ فسوف تكون بعض مناطق العراق هي المأوى والملجأ والحاضن لكل الهاربين من الارهابيين والمجرمين والقتلة, مضافاً إلى أن النظام في سوريا لم يكن على وفاق ووئام مع النظام السياسي في العراق, بل سجلت الفترة الماضية تجاذبات كبيرة وخطيرة على المستوى السياسي والأمني بين البلدين.
 
من هنا سيكون حجم التحديات المستقبلية للاجهزة الأمنية فوق ما يتوقعه المحللون والخبراء الأمنيون, وذلك ـ مضافاً لما تقدم ـ أن هذه الأجهزة لم تستطع لحد الآن فرض سيطرتها على المناطق الحدودية ولا على المناطق الساخنة والتي كانت يوما ما من حواضن القاعدة والجماعات الارهابية, بل وحتى المناطق الحدودية التابعة لإقليم كردستان والخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية.
 
فالحدود طويلة, والأبواب مشرعة, ومضايف آل فلان معدة لاستقبال الوافدين من الارهابيين, وهؤلاء على أقل التقادير سلعة ثمينة للسياسيين الذين يبحثون عن ملفات ضغط مقلقة للحكومة المركزية.
 
وكيف كان الأمر فالخاسر الأول هو الشعب العراقي والمواطن البريء الذي سيقع ضحية بين عمالة بعض الساسة وأطماعهم, وبين إهمال الاجهزة الأمنية لدورها, وعدم امتلاكها الحس الأمني والتنبؤ الاستخباري, ولعدم وجود خبراء أمنيين يمتلكون حواساً أمنية قادرة على قراءة المستقبل وإعطاء صورة واضحة للقيادات الأمنية, ولعدم اتخاذها الاحتياطات اللازمة لمعالجة الأزمات المستقبلية المتسارعة, وتقاعسها عن استباق الأحداث وعن التخطيط الأمني للمستقبل, وهذا ليس علماً بالغيب بل كشفت عنه الأيام الماضية, فقد أصبح ضعف الجهد الاستخباري علامة فارقة لأجهزتنا الأمنية الموقرة.
 
يجب على الأجهزة الأمنية وقادتها أن تأخذ هذا الأمر بجد, وأن تتعامل مع هذا الملف بحيطة وحذر, لتشابك أوراق هذا الملف سياسياً وأمنياً وطائفياً, وخصوصاً جهاز المخابرات الوطني, وذلك باعتبار أن هذا الحدث تهديد خارجي للأمن الوطني العراقي, وهذا من أولويات عمل جهاز المخابرات.
 
فعليه أن يتصيد أسماء هؤلاء المجرمين والقتلة قبل دخولهم إلى الأراضي العراقية, وعليه اختراق هذه التنظيمات الارهابية وهي في خارج الحدود, ومن المعلوم أن اختراق هذه التنظيمات غير كاف, فلابد من تكوين حواضن معاكسة بمعنى محطات لاصطياد الهاربين والفارين من هذه المجاميع الارهابية, وذلك بتجنيد أهالي القرى الحدودية والرعاة والرحل والمزارعين وغيرهم من سكنة تلك الأطراف.
 
وهذا بحاجة إلى جهد إعلامي أمني وطني واسع لتوعية سكان تلك المناطق الحدودية والحواضن السابقة والمناطق التي يفترض أنها ستكون حواضن مستقبلية, توعيتها بالمخاطر المحيطة بهم وبالعراق عموماً والتأكيد على لزوم أداء دورها الوطني.
 
ويجب التأكيد هنا على أن الجهد الإعلامي يجب أن يتبناه أولاً وبالذات الاجهزة الأمنية وليس أجهزة الإعلام الحكومية المدنية, فمؤسسة الإعلام الأمني غير الجهات الاعلامية الأخرى من ناحية الهدف والغاية والخطاب والسرية وحفظ المعلومة والتكتيك والمراوغة والخدع الإعلامية لأجل أهداف أسمى.
 
إن المطلوب من الأجهزة الأمنية أن تمارس دورها بكل جد وجدارة واقتدار, وأن لاتقصر في أي مرحلة من مراحل الارتقاء والبناء والتطوير الأمني حتى تصل إلى درجة التفوق على الذات, وتصل إلى مرتبة صنع الحدث لا أن تكون مسيرة مع الحدث, فالقادم المجهول أعظم .  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/23



كتابة تعليق لموضوع : رسائل إلى القادة الأمنيين ـ تحديات القادم المجهول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net