صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

لنتحاور.. من أجل مستقبل مشرق
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ربما يفهما البعض بانها مفردة تعني الامر بالحوار، الا ان ثمة من يقول انها تعني علاجا وملاذا للمختلفين والمتخاصمين جميعا في الرأي والفكر، بعد ان جربوا كل وسائل العنف والتقاتل وتبادل الاتهامات والتخوين والتشهير التي استنزفتهم واضعفتهم دون استثناء، ففي بلادنا ذات التاريخ الاقدم والحضارات الاعرق والتنوع الاكثر تفردا في العالم، والانسان الاكثر حساسية بين البشر، ومنذ تأسيس دولتها السياسية في مطلع القرن الماضي لم تتعود على لغة الحوار وقبول الاخر المختلف الا في فواصل ضيقة من تاريخها، بل كانت ساحة صراع مرير سواء المعلن منه في حروب شهدتها عبر التاريخ او غير معلن في حروب اهلية استمرت طيلة عقود عجاف راح ضحيتها الاف مؤلفة من خيرة رجال ونساء مكونات هذا الشعب الذي سادت ازمانه طويلا لغة العنف والاستبداد والغاء الاخر، حيث استبدلت الانظمة الحاكمة مبدأ تداول السلطة سلميا  عن طريق صناديق الاقتراع بدبابات تسيطر على القصر الجمهوري وعدة مئات من القتلى والمعتقلين ومن ثم عهود من البؤس والتقتيل، حتى دخلت البلاد في اتون حروب مدمرة كادت ان تحيل العباد والبلاد الى كومة من تراب.

 
    كومة التراب هذه التي تمناها النظام السابق وتوعد بها للعراق بدلا من الحوار مع الاخرين اذا ما ازيح عن السلطة، كلفت الشعب بما فيهم اتباعه ومريديه ملايين الضحايا من القتلى والجرحى والارامل والايتام والمهجرين والنازحين، وبلاد يكاد يمتزج أنينها مع تقهقرها بسبب انشغال كامل مؤسسات الدولة بالعسكر والشرطة وما يحتاجون من عدة وعدد على حساب تطور المجتمع وخدماته الاساسية، هذا الصراع العنيف بين قوى الماضي المستبد والدموي وبين النظام الجديد ورغم الصور القاتمة امام البعض مما يجري منذ سنوات طويلة فان هناك عملية تحول كبيرة على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية رغم قساوة الهجمة التي يتعرض لها الشعب، ولعل اهم ما في عملية التحول هذه هي اسلوب تداول السلطة وقبول نتائج الانتخابات والرضوخ لما يريده الشعب، بعيدا عن التكابر والاستئثار بالسلطة او الاستبداد والغاء الاخرين.
 
   ان قبول الاخر المختلف هو سمة من سمات التحول الى المجتمع الديمقراطي والحياة الراقية، وان الحوار هو الاسلوب الاكثر رفعة وسموا بين المختلفين للوصول الى قناعات مشتركة حتى بوجود الاختلاف يبقى المشترك الاساسي هو الايمان بالحوار وسيلة للتفاهم والتوافق وايجاد المشتركات الاخرى، فقد تسببت لغة التشهير والتخوين والاتهامات الباطلة في انتاج دوامة عنف ادت الى مقتل الكثير من خيرة رجالنا ونسائنا وزرعت احقادا وعداواة أثرت بشكل حاد على امننا الاجتماعي ونسيج تعايشنا، مما تسبب في فقدان الثقة وتفكك كثير من العلاقات بين افراد المجتمع وتكويناته.
 
    ان مجرد تأييد الاخر لك لا يعني انك على حق تماما، كما ان مجرد اختلاف الاخر معك لا يعني ايضا انك على خطأ، ومن كلتا الحالتين علينا بقبول الاخر المختلف والمؤيد على اسس ديمقراطية متحضرة بعيدا عن لغة التسلط او الانفراد او التخوين أو التكفير وما بينهما من تدليس او نفاق او مجاملة.
 
إذاً... لنتحـــــاور 
 
من اجل ان نتجاوز تلك المرحلة السوداء من تاريخنا السياسي والاجتماعي ونقبل ببعضنا على اساس الايمان المشترك بالعراق الديمقراطي الاتحادي التعددي بغض النظر عن القومية والعرق والدين والمذهب والعقيدة، نتحـــــاور من اجل ترسيخ قناعة كاملة بقبول الاخر المختلف واحترام رأيه دون الانتقاص او التهميش او الالغاء بما يؤهل المجتمع عموما ويعيد بناء الثقة بين مكوناته وافراده، من خلال حل كل المشاكل العالقة بالحوار المخلص والبناء لبلورة مفهوم مشترك للمواطنة والايمان المطلق بتداول السلطة سلميا عن طريق الانتخابات النزيهة التي تتاح فيها كل الفرص لكل الاطراف التي تؤمن بالحوار والرأي الاخر والتداول السلمي للسلطة. 
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
* لنتحاور: كان اسما لبرنامج تلفزيوني اسبوعي حواري مباشر من اعداد وتقديم الكاتب طيلة اكثر من خمس سنوات ( ايلول 2004م - تشرين اول 2009م )
 
  
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/17



كتابة تعليق لموضوع : لنتحاور.. من أجل مستقبل مشرق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net