صفحة الكاتب : محمد كاظم الموسوي

رسائل إلى القادة الأمنيين ـ التنسيق الأمني والمحاصصة
محمد كاظم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يعيش العراق حالة من التراجع الأمني النسبي والفوضى الأمنية, ولعل ما حدث من خروقات أمنية وهجمات إجرامية إرهابية في الفترة الماضية خير دليل على ذلك, مضافاً إلى أدلة وشواهد أخرى كثيرة تشهد على حالة الفوضى في المؤسسة الأمنية سواء على مستوى التصريحات أو على مستوى إدارة الأزمات أو متابعة الملفات الساخنة أو معالجة الخروقات الحاصلة في البنية الأمنية.

ولهذا التردي الأمني عوامل وأسباب عديدة, منها عدم اعتماد الأسلوب العلمي والمعرفي في تربية وبناء العناصر والقيادات الأمنية الميدانية والإدارية, ومنها عدم الاعتماد على الاسلوب العلمي في إدارة الأزمات الأمنية مرجحين في ذلك الاجتهادات والانفعالات الشخصية, وغير هذا من العوامل التي لايمكن احتوائها والإحاطة بها هنا.

ومن أهم تلك العوامل هو غياب التنسيق الأمني بين الأجهزة المتعددة ودوائرها في المنظومة الأمنية عند إدارة الأزمات ومواجهة التحديات على أرض الواقع.

فالأزمة الأمنية وخصوصاً في العراق تتصف وتمتاز بالتداخل والتشابك السياسي والطائفي والقومي والعرقي, وتتميز بالتطرف والعنف في الاستهداف, وعدم الوضوح في الأهداف والغايات.

ومثل هذه الأزمات وما تحويه من تعقيد على أرض الواقع تكون بحاجة إلى تهيئة واستنفار كل الجهود الأمنية الدخيلة في معالجتها كالجهود الاستخبارية ومنها المهارة في اقتناص المعلومة, والجهود الإدارية والفنية لتوجيه وترتيب وتنظيم المجاميع الأمنية وتقييمها, والجهود التعبوية الميدانية للتحكم بالأزمات واحتوائها ومعالجتها, ووجود إدارة ميدانية قادرة على توحيد كل هذه الجهود ورسم خطة عمل لتقدير الوقت والجهد المطلوبين ولتحقيق الانسجام والوفاق بين كل هذه العناصر والوحدات الأمنية العاملة.

وهذه العملية التكاملية بين الأجهزة الأمنية للوصول إلى نتيجة أفضل هي ما نعبر عنه بالتنسيق الأمني, فهو عملية ترتيب وتنظيم الجهد الجماعي المؤلف من جهد استخباري وإداري وفني وتعبوي ميداني, وهو مداولة ومطارحة في الأراء والوصول إلى الحق والصواب, وهو عين التعاون والتوافق والإنسجام, وهو العمل والتصرف بروح جماعية تحت قيادة واحدة لأنهاء الأزمات الأمنية التي تهدد الأمن وسلامة المواطن.

وبهذا يكون التنسيق الأمني عنصر مهم وعامل أساس في إدراة الأزمات الأمنية وتحقيق أهدافها بكل كفاءة وبأقل جهد وبأقل تكلفة. ومن دون هذا التنسيق لايمكن إنهاء الأزمات ولا مجابهة التهديدات أو القضاء عليها مطلقاً.

فإذا كانت الأزمة الأمنية في العراق هي أزمة سياسية طائفية قومية, وأن التنسيق هو الانسجام والتوافق بين الأجهزة الأمنية وهو عامل مهم في حل الأزمات, فلاشك حينئذ أن المحاصصة ـ السياسية أو الطائفية أو القومية ـ في الأجهزة الأمنية هي عامل تخريب وعنصر منافر ومضاد للتنسيق المطلوب لحل الأزمات ولخلق الأمن الوطني الشامل.

يجب على القيادة السياسية والأمنية الالتفات والانتباه لذلك, ومعالجة هذا الأمر بأسرع ما يمكن, فالمحاصصة في الأجهزة الأمنية أخطر من ملفات الفساد المالي والإداري فيها, ويجب على الوطنيين من الساسة والمثقفين والكتاب وغيرهم الإشارة إلى هذا الموضوع والتحذير من قبول المحاصصة في الأجهزة الأمنية حتى لو كانت تحت عناوين وشعارات مصلحية كالمصالحة الوطنية وغيرها.

يجب أن تكون الأجهزة الأمنية بعيدة عن المحاصصة بكل أشكالها, وبعيدة عن التحزب والطائفية والقومية, يجب اعتماد وترسيخ مفاهيم الوطن والوطنية والمواطنة لدى عناصر الأجهزة الأمنية واعتبارها هي الفيصل الأول في الولاء, واعتبار الكفاءة والمهنية والانتماء الوطني والدافع الوطني والسلامة البدنية والنفسية هي المعيار في الانتماء والقبول في الأجهزة الأمنية.

وهذه المهمة هي مهمة القيادة السياسية والأمنية, فضلاً عن دوائر الأمن الداخلي للأجهزة الأمنية, بل هي مهمة كل الفرقاء السياسيين لأن حيادية المنظومة الأمنية وابتعادها عن المحاصصة بكل دوائرها ومفاصلها هو من مصلحة الجميع بلا أدنى شك أو شبهة.

وإذا حذرنا من المحاصصة في الأجهزة الأمنية فليس مرادنا المحاصصة بمفهومها الضيق أو حصرها بمرتبة واحدة أو بمعنى واحد , بل المراد منع المحاصصة في الانتماء والقبول والتعيين والحوافز والمنح والتدرج الوظيفي والخدمات وغيرها.  

إن الأجهزة الأمنية هي ملك العراق وملك الجميع بلا استثناء, وصيانتها والمحافظة عليها فرض الجميع.

محمد كاظم الموسوي ـ بغداد


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/01



كتابة تعليق لموضوع : رسائل إلى القادة الأمنيين ـ التنسيق الأمني والمحاصصة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net