صفحة الكاتب : سلمان عبد الاعلى

الحسين (ع) وأخطر فتوى في التاريخ
سلمان عبد الاعلى

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ((الحسين خرج عن حده فاقتلوه بسيف جده))
 هذه هي نص الفتوى التي أطلقها شريح القاضي –قاضي الكوفة في حينها- ضد الإمام الحسين(ع)، فلقد أباح بهذه الفتوى دمه، بل إنه أمر بقتله صراحةً كما هو واضح في عبارته "فقتلوه بسيف جده" ولا ندري هل كان يقصد بهذا الأمر الظاهر في فتواه الوجوب على جميع المسلمين أم أنه كان يقصد به الفرض الكفائي الذي إذا قام به البعض سقط عن الباقين؟ !!
 لا يداخلني أدنى شك بأن قتلة الحسين (ع) وعلى رأسهم يزيد بن معاوية كانوا قد عزموا على قتله وسفك دمه، وأنهم لن يتراجعوا عن ذلك سواءً أفتي لهم أم لا، ولكن هذا لا يقلل من وقع هذه الفتوى ولا من وقاحتها، باعتبار أنها نابعة من الأهواء والمصالح الدنيوية، وليست مستندة على الشرع الإلهي المقدس، وكيف تكون مستندة على الشرع وهي موجهة ضده؟ !
 يضاف إلى ذلك، أن هذه الفتوى مثلت منطلقات لعدة فتاوى طائشة جاءت بعدها وتحمل نفس النفس. ألم يقل أحدهم في زماننا هذا: إن الحسين يستحق القتل لأنه خرج على إمام زمانه، فهذه المقولة تنسجم إلى حد كبير مع هذه الفتوى.
 لذا نرى بأن المشكلة الكبرى في هذه الفتوى قد يكون ليس في تأثيرها في حدود زمانها، فأنا أعتقد بأنها لم يكن لها ذلك التأثير الكبير، وإنما برز تأثيرها -كما أعتقد- في امتداداتها وتوسعها في حدود هي أكبر من حدود زمانها ومكانها.
 على كل حال، يمكننا أخذ الدروس والعبر من هذه الفتوى، وقد يكون أبرزها هي أن ندرك بأن ليس كل المتصدين للفتوى هم أهل للفتوى فعلاً وإن تظاهروا بالعلم والدين، فهناك من يفتي بجهله وهناك من يفتي بهواه. كما أن هناك من أهل العلم والدين من لا نشك في إخلاصهم وإيمانهم، ولكنهم مع ذلك قد يخطئون ويشتبهون في بعض فتاواهم.
 ولهذا ينبغي الحرص والحذر من بعض الفتاوى، وإن صدرت من علماء نثق بهم وبدينهم، لأنهم غير معصومون ومن الممكن أن يقعوا في أخطاء غير مقصودة، وهذا لا يتنافى مع إحسان الظن بهم، لأن الخطأ شيء -وهو أمر وارد وطبيعي من غير المعصوم- وإساءة الظن والتشكيك في النية والنزاهة شيء آخر.
 ومما يدلل على كلامنا هذا، ما وقع فيه بعض علماء المسلمين السابقين، إذ كفر البعض منهم البعض الآخر؟! وليس مقصودنا من البعض الآخر هنا فقط الآخر المخالف لهم في مذهبهم بل يدخل ضمنه حتى ممن ينتمي ويتبع نفس المذهب؟ !! فكم من العلماء الذين نكن لهم الاحترام والتقدير في زماننا هذا كان كافراً في حكم بعض علماء زمانه، فكيف نفسر هذا إذا كنا لا نتصور وقوع العلماء في الأخطاء؟! طبعاً حدثت هذه الأمور في أوساط كلاً المذهبين السنة والشيعة.
 ولهذا أرجو إعادة النظر في التعامل مع بعض الفتاوى التي تخرج من بعض الشخصيات الدينية، وبالخصوص تلك الموجهة ضد بعض الشخصيات الدينية الأخرى، وبالأخص تلك التي تتهم بالكفر أو الضلال والانحراف، لأن المعيار هنا ليست الفتوى الموجهة ضد هذا الشخص أو ذاك، بل في سلوكه وتصرفاته وفكره الحقيقي، فالكثير من العلماء السابقين كانوا في نظر بعض العلماء المعاصرين لهم كافرين أو ضالين ومنحرفين مع أننا اليوم نقدرهم ونحترمهم ونكثر من الاستشهاد بأقوالهم.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلمان عبد الاعلى
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/21



كتابة تعليق لموضوع : الحسين (ع) وأخطر فتوى في التاريخ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابوفاطمة ، في 2022/08/16 .

ثبت نصب شريح
ولم يثبت له هذه الفتوى بنصها





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net