صفحة الكاتب : بوقفة رؤوف

الربيع العربي: التداول على الاستبداد
بوقفة رؤوف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
             نجح الربيع العربي في نزع رؤساء أيقنوا وأيقنا بأنهم تنتزع أرواحهم من أجسادهم ولا ينتزعوا من كراسيهم , وهلّل الجميع لهذا الربيع الذي هبت نسمات الديمقراطية من خلاله وفاحت الحرية في أيامه وتعهد من وصل عن طريق البساط العربي الطائر الى الحكم ان يجسد قيم العدل والحرية والمساواة 
وأن يحاربوا الفساد والدكتاتورية والاستبداد ويرفعوا حالة الطواريء على العباد ,أقسموا على ذلك بأغلظ الايمان بالدماء التي سالت في الربيع العربي وقوافل الشهداء التي صعدوا عليها للوصول الى الكرسي
وربما نسينا او تناسينا أن الرؤساء الذين أزحناهم أو طردناهم أو قتلناهم وصلوا للكرسي باسم ربيع عربي في زمن آخر وبتسمية أخرى تختلف في الشكل وتتحد في المعنى , وصلوا لأنهم رفضوا السكوت على الشعب الذي يهان من بني جلدته, الشعب الذي يسترق بعد الجلاء أو التحرير أو الاستقلال 
نازعوا السلطان الغاشم المستبد الظالم الجائر الديكتاتوري العميل الخائن العربيد الماجن المستهتر بالمقدسات والحرمات , ليعيدوا القطار للسكة والحكم للشعب 
ثم فكروا وقدروا ووجدوا أن الأوضاع غير مستقرة وان البلاد تحتاج لفترة انتقالية قبل تسليم السلطة من المخلوع أو المقتول او المطرود الى الشعب السعيد والذي للأسف الشديد تحول بفعل القهر الممنهج من طرف السلطة السابقة الى شعب قاصر, سفيه , غير راشد , صحيح لا احد يشكك في طيبته أو سذاجته , لكنه في كل الأحوال غير مؤهل لتحمل الأمانة التي هي في حقيقتها خزي وندامة , لذلك لا بأس والله من وراء القصد بالاحتفاظ بالحكم للتتحول المرحلة الانتقالية الى انتقالية دائمة الى ان يرث الله الأرض ومن عليها من الكراسي عن طريق ربيع عربي آخر 
وبدؤا في استقرار الأوضاع عن طريق التطهير الثوري لأجل التخلص من أذناب النظام السابق وتصفية أجهزته وبعد مدة تبين ان سجون النظام البائد لم تغلق أو تتحول الى متاحف بل بقت كما هي ووجه الاختلاف هو تغير نازلوها , ظلت المعتقلات والسجون والمحتشدات المعروف منها والسري كما هي وبنفس الجهوزية والاستعابية ونسبة التغطية ونوعية الخدمة واتهم الرأي الاخر بأنه بوق النظام السابق لذلك صودر كما كان يتهم البوق الحالي بالعمالة وصودر لم يختتلف حال حرية التعبير والعدل في النظامين ولن يختلف في النظام القادم الذي سيزيل النظام الحالي ولا النظام الذي بعده 
لا تستعجل وتقول ماهذا الهذيان؟ كلام دون دليل ولا برهان
لنصارح أنفسنا قليلا ولنقف وقفة صدق بعيدا عن أي عاطفة متاججة ولنخاطب العقل ونسأل
هل الديكتاتوريون الذين يحكموننا استوردناهم من خارج أراضينا , أم هم جزء من الشعب العربي الأصيل, يحملون تركيبته النفسية  وجيناته الاجتماعية 
ثم هل المشكلة فقط في الرئيس؟ أم المشكلة في كل مسؤول من الغفير الى الوزير , اليس كل من يتقلد مسؤولية مهما كان حدودها ضيقا وصلاحياته صغيرة يتحول الى دكتاتور او الاه يعبد, اليس سائق الوالي مثلا في رتبة والي عند الناس وربما يستفيد من صفة سائق الوالي أكثر ما يستفيد الوالي شخصيا من صفة الوالي
ثم لنلقي نظرة على رؤساء الأحزاب الذين مارسوا الجهاد المدني وناضلوا من أجل استعادة حرية التعبير والتداول السلمي على السلطة وكذلك جمعيات المجتمع المدني المقدسة للتعددية والمدافعة عن الديمقراطية , بعيدا عن أقوالهم وتصريحاتهم وبيناتهم 
لم يجرا أحد منهم على تجسيد ما ينادي به ويبدأ بنفسه ليكون المثال والقيم المنشودة مجسدة في شخصه , فكل من أسس حزب بقى جاثما على أمانته أو رئاسته رافضا التزحزح , بعد سنوات بدأ المناضلون يتململون من انفراده بالقرار وعدم مشاورتهم واشراكهم , فيتهمهم بالعمالة للنظام والتآمر لزعزعة استقرار الحزب فينجحون في سحب الثقة منه أو ينشقون عنه او يقومون بتصحيحية , ولم يسلم حزب ان يخرج منه حزب جديد من رحمه بولادة قيصرية ثمرة علاقة غير مشروعة او ينسحب منه رئيسه ليؤسس حزب جديد 
والاستقالات الجماعية وهجرة الاطارات الحزبية لاحزاب اخرى والحركات التصحيحية تؤكد معنى واحد هو أن كل مناضل سياسي هو عبارة عن مشروع حاكم مستبد , وأن الجميع يسعى لأجل ازاحة من في السلطة ليمسكها هو لأن السلطة ليست حكرا عليه والاستبداد ليس صفة لصيقة به
ان أجمل ما قدمه لنا الربيع العربي هو أنه اظهرنا أمام أنفسنا على حقيقتنا كل فرد عربي مشروع مستبد مستقبلي لسان حالنا يردد ما نطق به من قبل فرعون : ما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد 
وما دامت العصا في يدي فالحق في فمي والجميع يسعى للاستحواذ على العصا بأي طريقة لأجل التداول على استعمالها لا لأجل ان يهش بها   الغنم ويضرب بها الذئاب المتربصة لافتراس الغنم, بل كل راعي فينا وكلنا رعاة غنم يعاهد نفسه وربه انه ان وصل ومسك العصا فسيبقى نصيب الذئب محفوظ من الغنم ووللغنم ان تململت او استنكرت واستهجنت العصا . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بوقفة رؤوف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/24



كتابة تعليق لموضوع : الربيع العربي: التداول على الاستبداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net