آثار الحركة الحسينية على الشعوب في ندوة استضافتها السماوه

 استضافت مؤسسة الأمل الثقافية في مدينة السماوة (لمثنى) وفد دائرة المعارف الحسينية الذي قدم من المملكة المتحدة للحديث عن الموسوعة الحسينية لمؤلفها الفقيه الدكتور محمد صادق الكرباسي التي بلغ المطبوع منها 77 مجلداً من مجموع نحو 700 مجلد، وأقامت المؤسسة بالتنسيق مع المركز الحسيني للدراسات بلندن منتصف شهر تموز يوليو 2012م ندوة ثقافية حوارية بحضور عدد كبير من الأدباء والعلماء والساسة والمسؤولين المحليين حيث رفعت الندوة شعار "دائرة المعارف الحسينية تحط الرحال في أرض الجهاد والنضال".

العلامة السيد علي الميالي راعي مؤسسة الأمل الخيرية الثقافية ومؤسسها قال في كلمة الإفتتاح انه في محضر الموسوعة الحسينية يقف في غاية الذهول والإعجاب، فلم يكن الحديث عن الإمام الحسين بجديد عليّ، ولكن يحق لي أن أقول أن الحسين(ع) موسوعة لا تقف عند حدود.

ورأى أن الموسوعة الحسينية هي كلمة من كلمات الله التي يقول فيها سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة لقمان: 27، فكلمة الحسين عليه السلام تعد كلمة من كلمات الله، فما حصل في كربلاء المقدسة عام 61 هجرية كان لإحياء تعاليم السماء وقيمها. مؤكداً أن الحديث عن سبعمائة مجلد في شخصية الإمام الحسين(ع) ليست عملية سهلة ولا هي كلمة بسيطة ولكن محتواها يحمل ثقلا كبيراً، فالحسين عليه السلام موسوعة ليس لها من سقف محدود، ولو اجتمع كل أهل العلم والثقافة لينهلوا من الموسوعة الحسينية فإنهم سيجدون الكثير للاستزادة والكتابة.

وأرجع الميالي العطاء الثر لدائرة المعارف الحسينية إلى شخصية الإمام الحسين(ع) المعطاءة حيث أن عطاء الحسين لا ينضب فهو صاحب العطاء بعد جده وأبيه وأمه وأخيه، داعيا للمؤلف الكرباسي بمزيد العطاء. وكان المتحدث قد زار المؤلف في شهر حزيران يونيو 2012م في مقر إقامته في لندن واطلع على مجلدات الموسوعة الحسينية المطبوع منها والمخطوط.

من جانبه تساءل معاون مدير تربية المثنى الأستاذ عبد نور منشد زيارة الجياشي ومدير الندوة الحوارية عن الكنز الموسوعي الذي أتى به البحاثة الكرباسي؟ معتبراً أن العطاء المعرفي للموسوعة نابع من همّة المؤلف وعطاء النهضة الحسينية حيث بذل الإمام الحسين(ع) نفسه لله فأعطاه الله كل شيء ومن ذلك محبة في قلوب الناس لا تطفئ جذوتها.

الدكتور نضير الخزرجي رئيس وفد دائرة المعارف الحسينية إلى العراق تعرض إلى الآثار الطيبة التي تركتها النهضة الحسينية على حياة الشعوب المسلمة وغير المسلمة، مستشهداً بنماذج حية من العراق والهند ومصر وإيران والمملكة المتحدة، معتبراً أن الناس يتبعون الصورة التي تُعرض بها معالم النهضة الحسينية، منوهاً إلى الظاهرة الجديدة التي حلّت بمصر بعد زوال حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك حيث شهدت القاهرة في الليلة الكبرى وهي ليلة ذكرى ولادة السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب(ع) في عام 2011 ولأول مرة في تاريخ مصر أكبر حشد مليوني، إذ بلغ عدد المحتفلين بالمولد الميمون نحو مليوني مصري جاؤوا من صعيد مصر وأعاليها، وبالتالي كما يقول الخزرجي أن الظاهرة المليونية في المناسبات الدينية عند مراقد الأئمة وبخاصة الإمام الحسين(ع) لم تعد حكراً على العراق أو إيران فقد لحقت بها مصر لأن حب الإمام الحسين(ع) في قلوب المصريين مهما حاولت الحركات المتطرفة النيل من ولاء المسلمين للنبي محمد(ص) وأهل بيته الكرام.

ورأى الخزرجي أن مظاهر الحب تتنوع وتتعدد من أمة إلى أخرى، وترجمة هذا الحب هو الآخر تختلف مظاهره من مجتمع إلى آخر، ولا ينحصر الحب بالمسلم، فالمسيحيون في العراق وغيره يعبرون عن حبهم للحسين(ع) بمظاهر معينة كالإطعام وحضور الإحتفالات الحسينية ولاسيما في محرم، وكذا اليهود حيث كان لهم في العراق في العهد الملكي موكب حسيني يحضر من بغداد إلى كربلاء المقدسة لتقديم العزاء، وكذا الصابئة، وهكذا في بقية البلدان في باكستان وإيران والهند حيث التعدد الديني والعرقي. مؤكداً على حب الكرباسي للإمام الحسين(ع) واعتزازه بمدينة كربلاء المقدسة التي ولد فيها عام 1947م إذ طبق تفاصيل هذا الحب في أكبر موسوعة معرفية في تاريخ الموسوعات الإنسانية وبذلك يكون قد شارك الأنصار في نصرة الحسين(ع)، وهي نصرة مغمَّسة بالحبر ذلك أن القلم أثبت والكتب أصدق أنباء من الكتائب!

الدكتور عباس الإمامي عضو وفد الموسوعة الحسينية تطرق في كلمته إلى ذكرياته مع أعلام مدينة السماوة من أمثال الشهيد السيد عبد الجبار الموسوي الميالي والسيد علي الميالي، مبديا أسفه لرجال السماوة الذين ضمتهم المقابر الجماعية، وأعظم في الوقت نفسه هذه الأرواح التي أزهقها النظام البائد ظلماً وعدواناً لأنها أنتجت الحرية التي يعيش في بحبوحتها الشعب العراقي منذ عام 2003م، داعياً إلى التماهي مع القيم والمفاهيم التي دافع عنها الإمام الحسين(ع) وسار على خطاه أبناء العراق الغيارى، ومنبهاً على الفتنة التي تحاول بعض القنوات الناطقة باللهجة العراقية أو باللغة العربية بثها وزرع الشقاق بين أبناء الشعب العراقي والتفريق بين العراقيين في داخل العراق وخارجه الذين وحدهم حب الإمام الحسين(ع) وقيمه الداعية إلى الإصلاح والتحرر من ربقة الجبت والطاغوت، بوصف الحسين(ع) نموذج متألق يعيش في الوجدان الشعبي.

وأكد الإمامي في ختام كلمته على الجهد المعرفي الكبير لدائرة المعارف الحسينية التي استطاعت أن تخلِّد المفاهيم التي ناضل من أجلها الحسين(ع)، فكانت نبراساً لكل باحث عن الحق والحقيقة، ناقلاً إلى مدينة السماوة تحيات مدينة كركوك وأهلها حيث مسقط رأسه، وتحيات مؤلف الموسوعة الدكتور محمد صادق الكرباسي.

وفي نهاية الندوة أجاب الدكتور الخزرجي على عدد من أسئلة الحاضرين الذين كانوا يودون التعرف أكثر على الموسوعة الحسينية التي حلّت ضيفاً على مدينة السماوة قادمة من لندن عبر كربلاء المقدسة، كما تخللها قصائد عدة من وحي المناسبة، اثنتان من نظم شاعر السماوة الأديب السيد أياد أحمد هاشم الغرابي باللغتين الفصحى والدارج، والثالثة للشاعر الجزائري الدكتور عبد العزيز شبِّين قرأها بالنيابة الدكتور حسين أبو سعود وهي في إطراء مدينة السماوة وأهلها، وابتهالات من أداء الأستاذ علي الخفاف القادم من مدينة النجف الأشرف، وكلمة قصيرة للأستاذ هاشم الطرفي دعا فيها كتاب وأدباء وشعراء السماوة إلى الحضور الفاعل في صفحات الموسوعة الحسينية عبر رفدها بنتاجاتهم الحسينية وسيرهم الذاتية.

وكانت الندوة الثقافية الحوارية التي نسّق لها السيد منتظر علي الميالي قد شهدت حضوراً إعلامياً مكثفاً من قبيل اتحاد الصحفيين، نقابة الصحفيين، جريدة السماوة، الاتحاد المستقل، البيت الثقافي، قناة العراقية، قناة الفرقان، قناة الفرات، قناة السماوة، قناة السلام، قناة البغدادية، قناة آفاق، قناة الفيحاء، قناة الحرية، قناة المسار، وغيرها من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، كما أهدى العلامة الميالي لرئيس الوفد الزائر درع الإبداع.

 

 

الموضوع السابق أجمل الكواكب

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat