صفحة الكاتب : علي حسين الدهلكي

استهداف السجون .. فشل في الاختراق و نجاح امني كبير .
علي حسين الدهلكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 إن المتتبع للهجات التي تعرضت لها السجون العراقية التي تضم في زنازينها رؤوس أعتي المجرمين وبكافة تخصصات الإجرام سيجد إن استهداف هذه السجون أمراً طبيعيا كونها شكلت نجاحا كبيرا للأجهزة الأمنية ضد عصابات طالما تشدقت باستعراض قوتها على أهداف سهلة مثل اغتيال شرطي مرور هنا أو موطن بسيط هناك.
وبالعودة إلى عملية استهداف السجون من قبل عصابات القاعدة والزمر الساندة لها من بعثيين و سياسيين مرتزقة ودول إقليمية غاضها التحول الديمقراطي في العراق ، بالإضافة إلى نظرتها الطائفية الضيقة والمقيتة نجد إن هذا الاستهداف لم يكن وليد لحظته أو هو عملية فوضوية لمجموعة من المارقين .
بل العكس تماما كان عبارة عن مجموعة عمليات منظمة وتوقيتات مدروسة وباليات وتكتيكات متنوعة ، الأمر الذي يدل على إن مخططي هذه الهجمات هم من العقول المخابراتية والأمنية المتمرسة.
ولذلك نجد إن صيغ التنسيق فيها تمت وفق إمكانيات أتاحتها لهم دول وجهات معادية للعراق وحكومته الوطنية ، بقصد إحداث نوع من الإرباك والفوضى واستعراض إمكانيات هي بالأساس هشة ومحاولة إظهارها بمظهر القوة لإثبات الوجود .
ولربما تصورت هذه المجاميع وانطلاقا من نظرتها الميكافيلية إنها ستنفذ مخططها بصورة ميسورة  بعد أن أوهمت نفسها بان الطريق سالكة لتحقيق أهدافها ولم تتعظ من قوة الضربات الساحقة التي وجهتها لها الأجهزة الأمنية يوم قضت على أهم رؤوس الإرهاب أبو مصعب ألزرقاوي وأبو عمر البغدادي .
 فقبل أن تحدث عملية الجرائم الكبرى وسجن التاجي وأبي غريب سبقها حدوث تمرد لإرهابيين في عدد من السجون  من الذين يعلمون إنهم مساقون للإعدام لا محالة ، وإنسان بهكذا وضع يفعل أي شيء دون مبالاة لأنه لا يخاف على أي شيء أو من أي شيء .
هؤلاء الحثالات ومن على شاكلتهم  هم من تبحث ما تسمى بمنظمات حقوق الإنسان على التأكد من راحتهم وسلامتهم وكأنهم علماء ذرة أو علماء صناعة مركبات فضائية دون أن يهتز ضمير تلك المنظمات اللا إنسانية  ولو لمرة واحدة لنصرة المظلوم على الظالم.
فهذه المنظمات تساهم بشكل أو بأخر في فساد هؤلاء القمامة أكثر من إجرامهم من خلال الاهتمام المفرط بهم والدفاع عنهم بطريقة لا تدل على نزاهة ونظافة ومبدئية تلك المنظمات .
 
 ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا  أراد الإرهاب استهداف السجون في هذا الوقت بالذات ؟.
قد يبدو الجواب على هذا السؤال له صلة وارتباط بالأوضاع الإقليمية والداخلية  ، فمن ناحية الارتباط بالأوضاع الخارجية ، نجد إن الأوضاع في سوريا وما تفعله عصابات القاعدة والوهابية والسلفية والتي اخترقت ما يسمى بالجيش الحر وسحبت البساط من تحته لتشيع ثقافة القتل والذبح والتفجير والتفخيخ .
وبعد أن تلقت هذه المجاميع ضربات قاصمة من قبل الجيش النظامي السوري والتي بلغت عشرات المئات من القتلى والجرحى والاسرى وسط تعتيم إعلامي مخطط ومقصود وخسارة المجاميع الارهابية لرؤوس كبيرة من القاعدة، الأمر الذي ولد خللا في بنية تلك التنظيمات ، وهو ما دفع بالدول الداعمة للإرهاب بمحاولة تنفيذ عمليات استهدافية يتم من خلالها إخراج بعض الرؤوس الكبيرة التابعة للقاعدة والمعتقلة في العراق .
ويبدو إن تلك الدول لم تفلح بإخراجهم من خلال المال الذي تدفعه وبشكل رشاوى إلى بعض ضعاف النفوس من العناصر المشبوه ، كما إنها لم تفلح بإخراجهم من خلال الاستعانة بعملائها من السياسيين.
وهنا كان لابد من القيام بعمل مسلح ليكون بمثابة المحاولة الأخيرة لإخراج تلك الرؤوس ، وهكذا تم التخطيط للأعمال التي استهدفت السجون والذي بنيت على نظرية طرق المعاقل في أكثر من جهة وبعدة أوقات لغرض إحداث الفوضى وتشتيت الجهد الأمني مما يخلق ثغرات على الأقل في مكان واحد إن لم نقل عدة أماكن وتكوين مساحة آمنة يتم من خلالها تهريب المجرمين .
ولكن مرة أخرى تفشل تلك المحاولات بفضل يقظة وشجاعة ونباهة وذكاء رجال الأمن وتحليهم بأعلى درجات البطولة والتضحية والحرص رغم تخرصات البعض الذي يحاول استغلال أي ثغرة للانتقاص من جهود الأجهزة الأمنية.
وعلى الرغم  من إن هذا البعض ينكر أو يتناسى عن عمد ما حدث لبرج التجارة العالمي في دولة تعد من أقوى دول العالم في المجال الأمني ولاستخباراتي ولكنها فشلت في منع وقوع  تلك الكارثة ، فهل بلغنا نحن بمستوى هذه الدولة لنتهجم على أجهزتنا الأمنية ليل نهار وبسبب أو بدونه.
والأمر الأخر الذي يجب أن لا نهمله هو إن هذه العمليات جاءت كردة فعل على فشل مؤامرة سحب الثقة عن الحكومة وفشل المخطط التركي – السعودي –القطري بإسقاط حكومة المالكي .
 وبعد الفشل كان لابد من تحريك الوضع الداخلي باتجاه التأزيم من خلال القيام بعمليات استعراضية لإرباك المشهد الأمني حتى لو كانت عمليات فاشلة، وهذا ما تم فعله وبمرافقة عمليات اغتيال طائشة تستهدف هذا الضابط أو ذلك المواطن لخلق صورة مشوشة تجاه الوضع الأمني لدى الرأي العام ، ومحاولة ربط هذا الواقع بالتطورات السياسية وإيقاع اللوم على الحكومة ومحاولة التشهير بها من قبل بعض السياسيين المرتبطين بالدول التي خططت لاستهداف السجون .
لقد أرادت المجاميع الارهابية أن تخلط الأوراق بقصد إحداث فوضى وهو ما شخصه رئيس الوزراء نوري المالكي تماما وذلك عن طريق إقحام الوضع الأمني في أزمة تضاف إلى الأزمة السياسية التي اختلقتها أطراف ما زالت تركع تحت أقدام الوالي العثماني والملك الوهابي والأمير الزاني معلنين الولاء والطاعة ما دامت الدولارات القذرة ترمى لهم كرمي العظام للكلاب.
وكان تفكير تلك المجاميع أن تزامن الأزمتين الأمنية والسياسية سيؤدي إلى عدة  أهداف منها إضعاف الحكومة وانشغالها بالوضع السياسي وهو ما يربك عمل الأجهزة الأمنية  ويجعلها مضطربة مما يخلق ثغرات هنا أو هناك يرافقها استغلال أصحاب النفوس الضعيفة للمساعدة في تنفيذ المؤامرة ، رغم علم تلك المجاميع بحيادية الأجهزة الأمنية وعدم انجرارها وراء المناكفات السياسية  إلى إنها أصرت على هدا التفكير الغبي.
ولكن لننظر الآن إلى الجانب المشرق الذي أضاءته تلك العمليات والتي لم يحسب الإرهاب حسابها حيث أعطت حالة التصدي لهذه العمليات(المؤامرة )المزيد من  ثقة الناس بقدرة الأجهزة الأمنية للتعامل مع الأحداث بكل ما تحمل من مفاجآت .
 
كما أعطت تلك العمليات الغادرة دليلا قاطعا على التطور النوعي والتكتيكي للأجهزة الأمنية رغم محاولات البعض التشكيك بهذه الأجهزة وقدراتها ضمن مخطط خارجي يهدف إلى النيل من سمعتها وكفاءتها .
كما أوجدت عملية استهداف السجون التأكيد على ثقافة تعاون المواطن مع الأجهزة الأمنية لان المستهدف  أولا وأخيراً هو المواطن بعينه ، والدليل إن ضحايا العمليات الارهابية هم من الأبرياء والفقراء والبسطاء الذين لا تعنيهم السياسة من قريب أو بعيد .
لقد أثبتت عملية استهداف السجون انه آن الأوان للإسراع بتنفيذ حكم الإعدام بالرؤوس الارهابية التي توجد ضدها العديد من الأدلة التي تدينها وتصل بها إلى المشانق، لان بقاء هؤلاء الحثالة التي لا يرجى إصلاحها بات يشكل خطرا على المواطن ونستغرب التأخير في تنفيذ حكم الإعدام فيهم وكما يقول المثل الشعبي (كص رأس وموّت خبر ).
كما اثبت تلك العملية الفشل الذريع لمخططات الإرهاب ونجاحا ساحقا وبامتياز لقواتنا الباسلة التي تستحق منا أن نقف معها ونشد من أزرها كوننا الركن المهم في عملية استتباب الأمن .
 
 
  
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الدهلكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/08



كتابة تعليق لموضوع : استهداف السجون .. فشل في الاختراق و نجاح امني كبير .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net