صفحة الكاتب : مدحت قلادة

تقرير مؤسسة اللوتس للتنمية وحقوق الإنسان حول تطورات الاوضاع في قرية دهشور والاعتداء والتهجير القسري لأقباط القرية
مدحت قلادة

   تتابع المؤسسة الحوادث المتكررة التي يتعرض لها الأقباط منذ فترة طويلة ، والتي يطلق عليها الاعلام المصري " قضايا الفتنة الطائفية " وتراقب عن كثب التطور النوعي والكمي في تلك الحوادث ، وكذلك الطريقة التي تفضل الدولة المصرية التعامل بها في مثل تلك الحوادث ، وكذلك الطريقة التي كانت تنهي عندها كل حادثة من الحوادث .

            أستطاعت مؤسسة اللوتس العمل في هذا التقرير بفضل الدعوة التي تلقتها من رئيس اتحاد المنظمات القبطية في أوربا السيد / مدحت قلادة ، والذي تتشرف المؤسسة بالتعامل معه وهو لا يدخر وسعا في مساندة المؤسسة علي كافة الاصعدة ، وانه بفضل هذا الدعم وتلك الدعوة الكريمة التي مكنتنا من تغطية هذا الحدث وإخراج هذا التقرير الي النور .
 وشرفت المؤسسة ايضا بالتواجد الي جانب  الهيئة القبطية الهولنديةوالتي رافقتنا في لجنة تقصي الحقائق ، الي جانب مركز بن خلدون ، والعديد من الشخصيات العامة والقانونيين الذين ساهموا كثيرا في تذليل كافة الصعوبات أثناء التغطية للحدث ووفروا غطاءا قانونيا ساعد فى توفير قدرا مناسبا من الامان لنا اثناء التحقيق والتجوال في القرية .
 
قبل الحديث عن ما حدث في قرية دهشور نود أن نشير الي عدد من الحقائق تتعلق بهذه الحوادث والتي تتمثل في الاتي :-
 
1- يلعب الخطاب الديني المتطرف من الجانب الاسلامي دورا بازرا في التحريض المستمر ضد الاقباط ، وإن كان هذا لا يمنع من تجاوزات في الخطاب الديني المسيحي من جانب بعض القساوسة ، مما ساهم في خلق بؤر للتوتر المجتمعي أستطاعت بعض مؤسسات الدولة استثماره لتحقيق غايات تتعلق بإلهاء المجتمع المصري عن قضاياه الهامة والخطيرة ، وقد كان من الواجب علي تلك المؤسسات أن تؤدي دورها الحقيقي في توفير الامان المجتمعي لكل أفراد المجتمع المصري .
 
2- ساهم الاعلام بكل مستوياته في إثاره البسطاء من المجتمع المصري من كلا الجانبين ، المسلم والمسيحي ، مستغلا الحوادث والاحتكاكات البسيطة رغبة منه في تحقيق مكاسب مادية عبر التعمد الدائم في ابراز وتضخيم تلك الحوادث .
 
3- ساهمت الطريقة التي تتعامل بها الدولة عقب كل حادثة من الحوادث ، وهي اللجوء الي الجلسات العرفية والتي كانت تتحكم في ادارتها وحدها وزارة الداخلية والتي تنتهي في كل مرة بعدم تقديم الجناة للقضاء ، وما يترتب علي ذلك من أحساس الجاني بالقدرة علي الافلات من العقاب ، وبالتالي اصبح لدينا العديد من الجرائم من هذه النوعية بلا عقاب ، وتستثني من هذه القاعدة بعض الحوادث التي أرتكبت وقدم فيها الجناة للمحاكمة وصدرت ضدهم أحكام بالسجن لمدد مختلفة ، إضافة الي حكم الاعدام الذي صدر بحق المجرم " الكموني " والذي ارتكب جريمة مروعة شاهدها العالم كله ، ونرجع هذا التطور في معالجة قضايا الصراع بين المسلمين والمسيحيين الي الضغوط التي مورست علي الدولة المصرية من جانب المنظمات والهيئات الدولية ، والتي فضحت ممارسات الدولة بحق الاقباط في هذا الصدد .
 
وهنا نود ان نشير الي تراجع الدولة عن هذا الموقف ، وهو تقديم الجناة لمحاكمات عادلة ، وهنا نرصد العديد من تللك القضايا ، والتي أبرزها قضية تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية والتي مضي عليها الان قرابة العامين دون أن يعرف المجتمع المصري من كان يقف وراء هذه الحادثة ، مما ساهم في بلبلة الرأي العام وانتشار الشائعات والتي كان يبدوا ان لبعض المسئولين دورا فيها ، لأبعاد الاتهامات عن الجناة الحقيقيين ، هذا الي جانب قضية حرق كنيسة أمبابة ، وتبعها هدم كنيسة اطفيح والعديد من الاعتداءات التي توالت بعد ذلك والتي راحت فيها دماء الابرياء دون عقاب أو ردع ، مما ساهم في خلق حالة من الغبن والظلم البين لدي جموع الاقباط ، والذين استشعروا تلك الحالة عقب كل حادثة كانوا يتعرضون لها .
 
4- تري المؤسسة ان الطريقة التي تصاغ بها القوانين المنظمة للمجتمع استبعدت أصحاب الديانات الاخري غير الاسلام من تحقيق فرصة التكافؤ امام القضاء المصري ، وبالتالي ترسخ في وجدان المصريين أن هناك شريحتان او اكثر داخل المجتمع تمارس إحداها التمييز الواضح تجاه الاخرين ، فشهادة المسيحي لا تقبل في بعض الحالات امام القضاء .وهنا تكون القواعد المنظمة للمجتمع قد اختلت كثيرا ، وضاعت فرص المساواة بين المواطنين .
 
5- تري المؤسسة أن تحقيق المواطنة الكاملة هي السبيل الي وأد كل بؤر الصراع داخل المجتمع المصري وسوف يشعر الجميع بمساواة امام القانون .
 
6- أن تقديم الجناة لمحاكمات عادلة وامام القاضي الطبيعي ودون استثناءات ، وصدور احكام رادعة لهؤلاء الجناة ، ستكون رسالة قوية الي الجميع .
 
7- أن توقف بعض الاجهزة داخل الدولة عن ممارسة الضغوط علي المسيحيين واستخدامهم ككتلة تصويتة لصالح قوي بعينها ترغب تلك الاجهزة في فوزها ، ونتحدث عنها عن الانتخابات التشريعية بكل مستوياتها ، مما اشعر الاقباط بحالة من الظلم وعدم قدرتهم علي ممارسة حقهم الطبيعي في الاختيار ، وقد رصدت المؤسسة سلسلة طويلة من تلك الضغوط والتي كانت تستخدم في العديد من المساومات والتي تحدث عنها بكل صراحة من تعرضوا لتلك الضغوط المتواصلة .
 
وها نحن امام قضية اخري جديدة وامام تطور نوعي وكمي جديد في تلك القضية 
قامت المؤسسة بتشيكل لجنة لتقصي الحقائق حول ملابسات الاعتداء علي أقباط قرية دهشور ورصدت الحقائق التالية :-
 
1- تحرك فريق المراقبة من القاهرة في صباح يوم الخامس من أغسطس عام 2012، ووصلت الي مكان الحادثة التي يبعد عن القاهرة حوالي 60 كيلومتر في حوالي الساعة الواحدة ظهرا . كانت لدي فريق المراقبة والرصد خلفية اعلامية عن الحادثة وتطورها والتي رصدها الاعلام .
2- تحرك فريق المراقبة في مجموعة واحدة . وتم السماح بتواجدنا في البداية أمام الكنيسة الوحيدة بالقرية والتي أغلقت تماما ووضعت الحراسات عليها ،وبدا فريق المراقبة في التحدث عن المشكلة مع العديد من اهالي القرية ، وقد تحدث بعضهم بحرية وبدون تحفظ وبتلقائية عن المشكلة وبداياتها وما الظروف التي انتهت اليه ، وتحفظ البعض في الحديث عن المشكلة ، والتي لخصت في مشاجرة بين مسلم واحد الاقباط الذي يمتلك محل لكي وتنظيف الملابس ، ونتيجة لخطأ من جانب محل المكوجي ، حدثت المشاجرة بينهم والتي انتهت بقتل الشاب المسلم ، وسرعان ما انتشر الخبر بين جميع السكان في القرية وقاموا بحرق وتدمير كافة ممتلكات الاقباط في القرية . وبعد حضورنا بقليل حضرت قيادات وزارة الداخلية ومنعت تواجدنا امام الكنيسة وقامت بوضع كردون أمني لمنع دخول اي فرد من افراد اللجنة .
3- قام فريق المتابعة قبل حضور قيادات الداخلية بتصوير الحالة التي وجدت عليها الكنيسة وكذلك عدد من بيوت الاقباط الملاصقة للكنيسة ، والتي وجدت مغلقة تماما وتم تسمير قطع خشبية علي الابواب في اشارة الي خلو اصحاب المنازل من سكانها .
4- تجمع بعض افراد القرية امام الكنيسة وصوروا الامر علي انه امر بسيط ولا يعدوا كونه مشاجرة بسيطة ضخمها الاعلام ونشطاء المجتمع المدني ، وهو الامر الذي اكتشفت اللجنة كذبه بعد فترة قليلة من تجولها في انحاء القرية .
5- رصدت اللجنة حرص الكثيرين من الاهالي علي انكار ما حدث وان العلاقة التي بين الاقباط والمسلمين علي ما يرام ، في محاولة من جانبهم لتغطية الجريمة التي ارتكبت بحق هؤلاء الاقباط .
6- رصدت اللجنة من بعض الاهالي قيام بعض اعيان القرية والذي جاء ذكر أحدهم ويدعي الحاج عبد المنعم والذي اجتمع مع العديد من الاجهزة الامنية في السكن الخاص به  وبالتعاون مع الاجهزة الامنية تم إخراج كل اقباط القرية من بيوتهم وتهجيرهم بعيدا عنها تحت حماية الامن ليلا .
7- رصدت اللجنة حجم الخسائر ونوعيتها التي تعرض لها الاقباط في القرية والتي تركزت في تدمير كامل لكل محلات وبيوت الاقباط ، مع تعمد سرقة محتويات هذه المحلات ، وتحطيم كامل لأثاث أحد البيوت والتي لم تترك صغيرة ولا كبيرة الا وقد تم تكسيرها . هذا علاوة علي تحطيم كامل لأحد مخازن اللبيرة والمشروبات الغازية  الذي يملكة احد الميسيحيين ، ولم يتوقف الاعتداء علي ما في المخازن ، ولكنه امتد الي كافة المكاتب الادارية التابعة له .وكذلك تم كسر الخزينة الخاصة بالمخزن وسرقة ما بها من اموال.
8- بمواجهة الاهالي بهذه  الامور وتلك الانتهاكات انكر البعض قيام الاهالي بهذا الامر ، وان هناك بعض البلطجية هم من قاموا بهذا الامر.
9- اشار  بعض الاهالي الي عدم رغبتهم في عودة الاقباط الي بيوتهم مرة اخري وعدم رضاهم عن محاكمة الشخص القبطي والذي تسبب في وفاة مسلم بعد مشاجرة بينهم ..
10- في حوالي الساعة الرابعة عصرا انتهت اللجنة من زيارتها وعودتها للقاهرة .
11- مرفق بهذا التقرير العديد من الصور التي سجلت كل وقائع تلك القضية .                       
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مدحت قلادة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/21



كتابة تعليق لموضوع : تقرير مؤسسة اللوتس للتنمية وحقوق الإنسان حول تطورات الاوضاع في قرية دهشور والاعتداء والتهجير القسري لأقباط القرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net