صفحة الكاتب : رياض محمود الركابي

اصغر جاسوس .. ام اصغر متورط في العراق
رياض محمود الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  بعد ان وصلتنا قصة اصغر جاسوس عراقي ، مترجمةً من جهة اعلامية واحدة ، واخذت عنها جميع المواقع الاخبارية المحلية التفاصيل ونشرتها على صفحاتها الرئيسية دون ان تضيف او تعدل ، ربما لحساسية الامر، ساسمح لنفسي بأعادة  ترتيب هذه القصة بشكل معكوس ، وابتدء من حيث انتهى الامر بالفتى العراقي ( الجاسوس ) ، ثم اعود الى البدايات التي شهدت بداية الانحدار نحو الهوة السحيقة ، وسأتناول الامر بموضوعية كاملة بعيدا عن العاطفة او الخوف مما قد يتسبب به ماسيرد في هذه المقالة من افكار قد لا تحضى برضى بعض الاطراف ، سيما ونحن نشهد وجوها قاتمة للتطرف هذه الايام  .
  اذن ابتدأ القصة من حيث ما تناقلته الاخبار عن العراقي جاسم محمد رمضان واربعة عراقيين آخرين إتهموا بجريمة اغتصاب جارتهم التي تعيش في شقق وايلدردج في حارة غولد راش في كولورادو سبرنجز ، ولنرى كيف تعاملت الصحافة الامريكية مع حيثيات الحدث منذ البداية ، وانا هنا لست بصدد الدفاع عن المجرمين ، بل الهدف هو الوصول للحقيقة المجردة ، لان الحدث يحمل بعدا انسانيا بغض النظر عن جنسية الجاني والمجنى عليه  . يقول الخبر ان " جاسم محمد حسين رمضان واحد من 5 عراقيين اتهموا بجريمة اغتصاب كانت من بشاعتها ان الناطقة بلسان شرطة كولورادو سبرنجز لم تستطع وصف الجريمة بدون مشاعر غاضبة .. فقد قررت سيدة تعيش في شقق وايلدردج في حارة غولد راش في
كولورادو سبرنجز، الخروج من شقتها والسير على الاقدام حتى صندوق بريدها
لتفحص رسائلها، وبما ان السيدة كانت تعمل في ورديات في منتصف الليل فقد
كانت متعودة على الخروج ليلا. واثناء وجودها في الخارج سمعت جماعة من الناس يتعاركون، كانوا رمضان واربعة عراقيين آخرين يعيشون بشكل قانوني في الولايات المتحدة وهم سرمد فاضل محمد ومصطفى ستار الفراجي وعلي محمد حسن الجبوري وياسر جبار جاسم ، وبما انها كانت تتعاطف مع العراقيين فقد ذهبت الى احدى شققهم بعد المعركة وكانوا يناقشون صعوبة الحياة في بلاد اجنبية وقد وافقتهم لأنها سافرت كثيرا وعاشت في دول اجنبية وهي امرأة ذكية وبليغة ولديها ابن في سنهم ولهذا ذهبت للتعاطف وبالتأكيد ليس لممارسة الجنس معهم"
اثناء ذلك قدم الشباب للمرأة عصير ليمون ولم تتذكر اي شيء بعد ذلك مما
يعني انهم دسوا لها مخدرا في العصير.
ماحدث بعد ذلك هو انواعا من الاعتداءات الجنسية الوحشية  وكانت النتيجة "كما قالت المتحدثة باسم الشرطة "اصابات لم نرها من قبل لأنها كانت بالغة القسوة" ،
بعد ذلك اخذها احد العراقيين الى مايظنه شقتها ولكن فتح الباب رجل رأى
انها كانت بين الوعي والغيبوبة وحين اجلست للحظة لتستريح رأى الرجل الدم
في كل مكان. لم تكن تستطيع المشي كما لاحظ صاحب الشقة ربما بسبب المخدر
او بسبب الاصابات.
وقد اجريت عمليات عدة على المرأة ولكنها جسمانيا لن تعود كما كانت.
التهم؟ اعتداء جنسي ضد رمضان ومحمد واتهامات بالتواطؤ ضد الاخرين . واذا
أدانتهم المحكمة فربما يرحلون الى البلاد (التي خانوها وهربوا منها) ".
 هنا ينتهي الخبر .. ولو دققنا بالتفاصيل ، سنجد ان المرأة الاميركية تصرفت كملاك رحمة حسب الخبر وتم تبرير مكان تواجدها وتوقيته المتأخر في تلك الساعة من الليل ، وانها تناولت مشروبا مخدرا ، لذا فقد اخليت مسؤوليتها بالكامل ، وان ما واجهته من اعتداء ليس له مثيل (اصابات لم نرها من قبل لأنها كانت بالغة القسوة ) او (اجريت عمليات عدة على المرأة ولكنها جسمانيا لن تعود كما كانت ) ، وكأن الجرائم التي ترتكب يوميا في الولايات الامريكية تتم بواسطة اناس طيبين وبسطاء وليس لديهم دراية بعالم الجريمة الذي تتصدر امريكا واجهته كبلد الجريمة الاول في العالم ، بل ان العديد من هذه الجرائم  تتم بشكل سادي يفوق التصور لبشاعتها .
 لذا عند قراءة الخبر ، يشعر القاريء ان هناك شيئا مبيتا ، وهذا لا يعني تبرئة ساحة العراقيين الخمسة من فعلتهم الشنيعة ، ولكن نشعر ان الخبر لم ينقل الحقيقة كاملة ، او تم التلاعب بجوانب القصة الحقيقية للحادثة .
 وما يهمنا هنا هو ( جاسم ) ، الذي اتهم مع الاربعة الآخرين بجريمة الاغتصاب ،
فرغم انه قُدم في خريف السنة الماضية كبطل ساعد قوات الاحتلال بطرق شتى ، ابتدأها بتسليم والده الى الامريكان وتبعه بتسليم اربعين من المسلحين ، واستمر بالتعاون معهم حتى منح لقب (السلاح السري ) و لم يكن يتجاوز الثالثة عشر من عمره .
  وجاسم ، كما تشير القصة انه من اهالي حصيبة ، وبدأت حكايتة حين طلب منه والده النقيب في الجيش السابق ايام صدام ، ان يحمل البندقية ليقاتل المحتلين ، وبدلا ان يقاتلهم ذهب الى نقطة التفتيش واخبرهم بقصة والده وبتحرض من امه كما ذكر هو ذلك في احد البرامج التلفزيونية ، والتي قُتلت فيما بعد على ايدي المسلحين انتقاما منها .
  حكاية ( جاسم ) حكاية وطن ، إستبيح ، وعاثت به بساطيل المحتلين ، وتلوتث عيون اطفاله بمشاهد القتل والرعب التي جلبها معه الجندي الامريكي الهمجي ، ثم تكتمل فصول الصور المشوهة على ايدي المسلحين وهم يقطعون الرؤوس ويفخخون الاجساد ، ويوقدون نار الطائفية البغيضة والتي اطلق شرارتها المحتل ، ووصلت الى مخادع الزوجية ، فاستحالت العلاقة المقدسة داخل العائلة الى علاقة يحكمها الثأر ولا يطفيء نارها سوى الدم .
 هكذا كُتب لجاسم ان يحيا طفولته ، بين اب لم يتوان عن فض بكارة طفولته ببندقية يقاتل بها الاعداء ، وام ترى نهاية مميتة لفلذة كبدها ، ولم تتوان  بتسليم رأسه ابيه الى المحتل . يقول جاسم "رأيت اناسا تقطع رؤوسهم واناس تقطع اشلاؤهم واناسا يموتون امامي وينفجرون " هكذا كانت طفولة جاسم كما رواها في تقريره ، وعند هجرته الى امريكا دخل برنامجا للتبني ، واعترف بأنه كان يعاني من مشاكل في المدرسة المحلية ، فقد كانوا يصفونه بالارهابي ، كما كان يعاني من اضطرابات نفسية نتيجة مامر به في العراق ، و ذكر في تقريره علاقته بأمه الراحلة ، وقال انه ليس نادما على القرار الذي اتخذه بحق ابيه ومساعدة الاحتلال ، وقال عن والدته بأنها بالتأكيد راضية عما فعله .
    اننا امام جيل تربى على تركة الطواغيت وهمجية الاحتلال ، وحكومات متلاحقة ولدت بعمليات قيصرية طغى على ملامحها الفساد بأبشع صوره ، حتى تآكلت الروح الوطنية داخل النفوس ، فالمسؤولون هم دائما بمنآى عن الحساب حتى وإن تلوثت ايديهم بالسحت الحرام والدم ، والمواطن إن لم تكن لديه جهةً تحميه يحاسب بشدة ، بل في كثير من الاحيان لا يحصل حتى على حقوقه المشروعة ويبدو بنظر المسؤولين حجر عثرة امام طموحاتهم الشخصية .
  لم يكن (جاسم ) الجاسوس الوحيد في هذه الحقبة المظلمة ، بل هناك العشرات ممن انزلقوا الى الرذيلة التي تتجسد بخدمة المحتل ، كما لم يكن السياسيين ابرياء واصحاب ذمم نظيفة ، بل قبضوا ونفذوا اجندة خارجية ، وداسوا على احلام الناس . اننا امام تركة ثقيلة زرعها الاحتلال ، ولن نحصد ثمارها المرة وحدنا ، فها هي امريكا تتجرع الحصرم مما زرعت ايديها ، وامامها الآلاف ممن باعوا وطنهم ، وبالتأكيد سيكونون خارج السيطرة ، لأنهم افرازات لحرب قذرة .
 اذن المذنب في حادثة حارة غولد راش في كولورادو سبرنجز ..  جاسم ورفاقه الاربعة  بطفولتهم التي شوهها الاحتلال ،  و الاب بماضيه القاتم وحاضره الذي ولد ميتا  ؟ والاحتلال .. حين رصف شوارع بغداد بنظرية الفوضى الخلاقة ؟
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض محمود الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/06



كتابة تعليق لموضوع : اصغر جاسوس .. ام اصغر متورط في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net