صفحة الكاتب : محمد الحمّار

بيانات حول منهاج اللغة عبادة (التناظر والتطابق)
محمد الحمّار
مقدمات:
أ. كثيرٌ هم المثقفون الذين يتباهون بالعلوم وينفرون من بناء الجسور بين دين الإسلام وتلك العلوم. وهذا ذروة الجهل: الجهل بأنّ الإسلام دين علم. ومعنى أنّ الإسلام دين علم هو أنّ كل واحد في اختصاصه بقادر أن يستنبط المنهاج العلمي الذي يتسق معه، من الإسلام.
ب. "الكلام إسلام" يعني أنك تسعى إلى تحقيق فهمٍ للتفاسير المتعارفة للدين، وهو ما لم يستطع تحقيقه لك علماء الدين بواسطة الأساليب التقليدية من اجتهاد في الفقه والإفتاء. يتمثل إذن ما أسميتُه "التناظر والتطابق" في التوصل إلى فهم تكميلي للدين بواسطة فهم صحيح للغة وأداء صحيح لها.
ج. بالنسبة لي إنّ رعاية اللغة واستعمال اللغة كما ينبغي (التكلم) بما يتطلب ذلك من تصحيح وإصلاح قد يكون منهاجا للعبادة و للتديّن. أفترض أن يكون ذلك مَثلُه مَثلُ القول إنّ ملاحقة السارق والمجرم عبادة، ورفع الظلم عن المستضعفين عبادة، ورفع الفضلات من الطريق العام عبادة وكتابة مقال عبادة وما إلى ذلك من الأفعال الراقية التي يُقصد بواسطتها فعل الخير.
د. إنّ فرضية العبادة عن طريق اللغة منهاج عملي وميداني يرمي إلى تحقيق التزامن بين الكلمة والعمل، بين القول والفعل. أي أن الأخصائي في الكلام الإنساني مدعوّ ، بمجرد أنه مسلم، لأن يحقق ما يلي: أن يكون التلاقح بين العلم الذي يستخدمه والإيمان الذي يحركه ويوَجهُ العلمَ الذي في حوزته مُوَلدا لتفكيرٍ ولسلوكٍ قريبين أكثر ما يكون القُرب من الحقيقة.
مسلمات ومبادئ "التناظر" لغة/دين
- اللغة ملكة فطرية؛ الميل إلى التدين فطري.
- الكلام نتاج للعقل؛ التديّن نتاح للعقل.
- "اللغة" شيء و"الكلام" شيء؛ الدين شيء والتديّن شيء. 
- ليست للغة قيمة بغير متكلم؛ ليست للدين قيمة بغير متديّن.
- الكلام هو الإنتاج اللغوي للمتكلم؛ التديّن هو الإنتاج الديني للمتديّن.
- للغة "شريعتها" واسمها "النحو"؛ لدين الإسلام "نحوُه" واسمه "الشريعة".
فرضية العبادة من باب "التناظر"
يخضع تعليم الدين لنفس القوانين التي يخضع لها تعليم اللغة. وبالتالي ليس هنالك مانعا في أن تُستخدمَ مناهج تعليم اللغة (من أجل إنتاج الكلام) ومقارباتها وتقنياتها في مجال تعليم الدين (من أجل إنتاج التديّن).
مسلمات ومبادئ "التطابق" لغة/دين
إذا افترضنا جدلا أنّ فرضية "التناظر" ثابتة، ستكون مبادئها ومسلماتها متداخلة مع مسلمات ومبادئ أخرى، فيتولّد من التداخل ما يلي:
- "الكلام" في علم الألسنيات "فعل"؛ الإسلام دين عمل (وفعل).
- اللسان ينطق بلغة الدين؛ دين الإسلام يتناول "اللسان" و"الكلم".
- بواسطة الكلام، كما بالامتناع عن الكلام، تمتاز اللغة بكونها مُعبّرة عن "فكر" فضلا عن وظيفتها كأداة للتعبير عن الفكر؛ و التديّن، عن طريق الكلام أو بغير كلام على حدّ سواء، يُعتبرُ "فكرا" فضلا عن كونه وسيلة لتبليغ آثار الإيمان.
- الحدث الكلامي واقعٌ معيش؛ الحدث التعبدي واقعٌ معيش.
- تداول الصواب والخطأ في عملية التكلم حدث صحّي بمجرّد أن يُستخدم الخطأ من أجل تصحيح الكلام؛ تداول الصواب والخطأ في التديّن حدث صحي طالما أن يحرص المتديّن على عدم ارتكاب الخطأ من جديد.
فالخطأ مبدأ ألسني إذ به نتأكد من أنّ التعلّم حاصل؛ والخطأ مغفور في دين الإسلام، واقترافه يساعد المتدين على الوعي بضرورة إصلاح النفس والكف عن المعاودة.
- عرض وضعيات للغة، بصفة دائمة، أمام المتكلم تُعدّ ضرورة لتنمية الكلام لديه؛ عرض وضعيات للتدين أمام المتدين يساهم في تنمية التدين.
 - إذن من المستحسن تعلم اللغة من خلال عمل يُنجز؛ إذن من المستحسن تعلّم الدين من خلال عمل يُنجز.
فرضية العبادة من باب "التطابق" 
ما دام "الفعل" (بوجه الصواب فيه وأيضا بوجه الخطأ فيه) قاسما مشتركا بين اللغة والدين، ليس هنالك مانعا في أن يكون "الكلام" (لا اللغة بأكملها) ناقلا وفيّا للتديّن (للإسلام التاريخي والميداني) في سعي دءوب لأن يكون ناقلا وفيا للإسلام المصدري أيضا.
كما أفترض أن يكون "الكلام" ترجمانا للتديّن لا فقط من حيثُ المضمون الديني (الأخلاقي والقيمي والتعبدي وغيره لدى الشخص الذي يدعي أنه متديّن) وإنما أيضا من حيثُ المضمون الفكري بمختلف جوانبه الدلالية والسيميائية وغيرها.
وفضلا عن المضمون، أفترض أن يكون "الكلام" ترجمانا عن التديّن من حيثُ شكل الكلام، بمختلف جوانبه الأسلوبية والبنيوية والنحوية والصرفية وغيرها. 
والخلاصة أن ليس هنالك مانعا في أن يكون إصلاح الكلام (شكلا ومضمونا)، بالوسائل اللغوية بطبيعة الحال، سبيلا للتماس مع المساحات السيكولوجية والعقلية والعاطفية المتعلقة بتصحيح العقيدة إن كانت فاسدة؛ ولا في أن يكون إنتاج الكلام الصحيح (في الشكل وفي المضمون، الديني أو اللاديني على حدّ سواء) عبادة؛ و لا في أن يكون الإصلاح اللغوي سندا للإصلاح الديني. والعكس أيضا صحيح .
الواقع الجديد: الاستراتيجيا والأهداف والتطبيق
تشترك المقدمات و المبادئ والمعاني والإجراءات التابعة للعبادة عن طريق اللغة في توليد واقع جديد مؤسس على معاينات وأحكام تكون الغاية الدينية منها تصحيح ما فسد من العقائد. وبالرغم من أنّ الحدث الواقعي (كما سنرى من خلال الأمثلة أدناه) لا يحمل دائما في ظاهره  مؤشرا على "تورّط" "الكلام" أو الحدث الكلامي فيه (مثل غياب أي مؤشر ديني واضح، على كل)، إلاّ أنّ التفكيك والتحليل يؤديان إلى كشف النقاب عن الخيط الكلامي. ومن أجل تحقيق الإصلاح المسهل  للحياة لا بدّ من استراتيجيا وأهداف وتصور للإصلاح.
1. هندسة السلوك: إنّ هندسة السلوك المندمجة دين/لغة من شأنها أن توفر لكل برنامج عمل مجموعة من الآليات الضرورية لبناء نموذج خصوصي متسق مع نموذج عام. وأعني بالنموذج العام التصور الإسلامي الشامل كما يراه الإنسان (المفكر؛ الأديب؛ السياسي). وأعني بالنموذج الخصوصي أية وحدة متكاملة بدءا بدرس اللغة ومرورا بمشروع ثقافي وانتهاء إلى  خطة سياسية أو أي برنامج عمل أو مشروع لخدمة الفرد أو لخدمة المجتمع أو لخدمة الاثنين معا. والآليات مبنيّّة على الملاحظة والتجربة وكذلك على الوظائف العقلية المتناظرة والمتطابقة للغة والدين.
 2. الهدف والغاية: إنّ الهدف الآني المنشود تحقيقه يتخندق في المسلك العام الذي يؤول إلى بلوغ الغاية العامة المتمثلة في النهوض الحضاري؛ وهي غاية جدّ متصلة بغرض تصحيح العقائد الفاسدة. و يتمثل الهدف الآني في إلحاق الفكر بالحداثة حتي يكون هو، لا هي، المسيطر على الواقع والمشكل لهذا الواقع وذلك من منطلقات الإرادة الفردية والعامة؛ وسيسمح ذلك بالتالي بتجفيف منابع الرجعية بصنفيها الاثنين: العلمانية والسلفية الإسلاموية.
 
3. التمظهرات والتحديات العامة:
- إنّ المسلم أربعة أصناف: متدين موجب ومتكلم موجب، أو متدين سالب ومتكلم موجب، أو متدين موجب ومتكلم سالب، أو متدين سالب ومتكلم سالب. وفي الحالات الأربعة ليس هنالك بَعدُ رابطا متينا بين التدين والتكلم بينما أفترض أنّ الوضع الطبيعي يتطلب أن يكون العقل الديني والعقل اللغوي مُبرمجين على وتيرة واحدة. أمّا تبيينُ ذلك فمن مشمولات هندسة التناظر والتطابق.
- أن يكون الأداء اللغوي عبادة، أو التكلم عبادة، أو الكلام إسلاما، يعني أنك إذا أصلحت الفساد التالي (على سبيل الذكر لا الحصر)، فإنك ستنمّي الإيمان: استعمال الحروف اللاتينية والأرقام لكتابة العربية؛ رفض مساعدة العربية على الارتقاء؛ تعمّد إهمال الكلام والكتابة باللغة التي تتعلمها في المدرسة؛ غض البصر عن الأخطاء المقترفة شفويا وكتابيا.
- إنّ الثرثرة الشفوية والإسهاب الكتابي في مجتمعٍ مسلم دليلٌ على فساد العقل اللغوي، وبالتالي فالتمادي في رفض مقاومة الثرثرة والإسهاب يكون هو الآخر سببا في مزيدٍ من التخلف اللغوي وبالتالي في مزيد من التخلف الديني ومن التخلف الشامل.
- إنّ الكذب والفسق والتمويه والتغليط كلام (ولغة) منبثق من نظام وجودي معطب. لذا فالسيطرة على الحواس والملكات العقلية الماسكة بناصية الكلام أمر لازم للتوصل إلى البلوغ الأخلاقي والديني والذي سينجرّ عنه احترام المواعيد، و الوفاء بالوعود، وتحاشي أكل أموال الناس والنصب والاحتيال عليهم، إلى غير ذلك من الأمراض الأخلاقية والاجتماعية.
- إنّ تعديل السلوك بواسطة التناظر والتطابق دين/لغة يرمي أيضا إلى: فهم القضايا والمشكلات فهما يساهم في إيجاد سبل الإنجاز السريع والجيد للعمل، ربح الوقت ووضع حدّ للتقاعس في العمل، و تغيير الواقع بفضل تحسين النظرة إلى المستقبل.
- لمّا تحصل على حدّ أدنى من التمكين الهندسي اللغوي/الديني، لا فقط يتسنى لك تخطيط برامجك بنفسك وإنما ستكون مغمورا بكونك تنجز عملا متأصلا في ثقافتك وهادفا إلى الارتقاء بك وبثقافتك.
4. أمثلة من الواقع عن فساد العقيدة
من بين الأمثلة اليومية عن الفساد العقائدي (اليومي) والتي تمّ رصدها بفضل منهاج التناظر والتطابق لغة/دين أستحضر ما يلي: 
- إذا كان المعلم هو نفسه ساقط في فخ المادية والنهم والجشع كيف تريد أن لا يكون تلاميذه المتخرجون من المدرسة والمعهد والجامعة قنوعين بوضع مادي محترم ومُستعدّين لاقتسام الفرص مع غيرهم الأقل حظا منهم في المناطق المحرومة ؛ بل وكيف تريد أن يكون هؤلاء الضعفاء الحال راضين بالقسمة وغير مُُبرمجين ذهنيا، هُم بدورهم، لتوظيف النهم والجشع؟
- لكي يكون الفكر، لا الحداثة، قاطرة التقدم لا بدّ أن نسوّي وضعيتنا مع الزمن: أن ندرك أننا بصدد تطبيق فهم معكوس لمقولة  "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا" ، إذ أصبحت تعني" اعمل لدنياك كأنك تموت غدا، إذن اغتم الفرصة تلو الفرصة" (وفرصة كأس العالم 2022 واحدة من الفرص المبتذلة)، والنتيجة سقوط الشطر الثاني من الحكمة  جرّاء ذلك التحريف. فالذي يحدث قي هذا السياق هو تجسيد أن "لا تعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" والعياذ بالله. ونتيجة النتيجة في آخر تحليل: نمشي فعلا، لكن قاصدين المشي إلى الوراء.
 - إنّ حب المال عقيدة فاسدة، والتسرع للحصول على العقارات والممتلكات عقيدة فاسدة، والقيام بأكثر من عمل من أجل الربح المادي عقيدة فاسدة، وتجديد السيارة بواسطة القروض عقيدة فاسدة.
- أن تمتطي صهوة المترو الخفيف وتشغل "ايبودك" ببرمجة أغنية ثقيلة ليسمعها القاصي والداني فتستفز ذائقتهم الفنية قبل أن تقضي عليها، عقيدة فاسدة.
 
- أن تندهش لمّا يدعُك تمرّ قبله قائد السيارة التي على يسارك في مفترق طرقات يخضع لقانون الأولوية إلى اليمين وأن تطلب منه هو أن يمرّ قبلك (لأنك لما فعلتَ ما فعل هو لو كنتَ مكانه)، عقيدة فاسدة. 
- أن تستعمل المنبّه الصوتي لسيارتك عند أول انقداح للضوء الأخضر بينما أمامك طابور متكون من 20 سيارة، عقيدة فاسدة لأنها غير علمية إذ هي حركة تسوى 0/20 في تمرين قياس المسافات والرياضيات الهندسية والفيزياء الكمية.
- مِن أفسدِ العقائد عند العرب والمسلمين اليوم أن يظنّ المرء أنّ الحكام لا يهمّهم الاستماع إلى رأي الرعية؛ فالذي يؤمن بأنّهم كذلك لغاية في أنفسهم هو الذي يدفع بالحكام إلى التوقف عن الاستماع.
لذا فمن أولويات الإصلاح الديني إدراك أنّكم "مثلما تكونوا يُوَلّى عليكم" (حديث صحيح). وليست إذن غلطة حكام العرب والمسلمين إن كانت الرعية لا تملك من الثقة بالنفس ما يؤهلها لأن تكون مسموعة، بل هي غلطة المُعلّم.
5. مقترحات إجرائية 
 
- أقترح مادة مدرسية جديدة اسمها "هندسة السلوك" تعنى بالبرمجة الذاتية لعقل المتعلم بواسطة سلوكيات منبثقة عن التطابق والتناظر لغة/دين.
- كما أقترح إرساء خلية خاصة في كل إدارة وكل شركة تعنى بالبرمجيات السلوكية النابعة من اللقاح لغة/دين.
- ولا ننسى تأسيس آلية لتكوين المشايخ والأئمّة في مادة "اللغة عبادة" أو "الكلام إسلام" حتى يأتي الوقت الذي تعطي فيه ثمارها وذلك كجسر يضمن ربط  قنوات التواصل بين العلم من جهة (علوم اللغة وغيرها) والدين من جهة أخرى.                                                             
- ولمّا يحصل غرض التواصل بين علم (اللغة أو غيرها) مع الدين، عندئذ، وليس قبل ذلك الوقت، يتسنى للمجتهد والفقيه والمفتي والإمام أن ينفعوا منظوريهم بما يشتهي هؤلاء من توصيات ونصائح وفتاوى وأحكام مستنبطة حسب أصول الفقه التقليدي والمتعارف وحسب ضوابط التشريع الإسلامي.
إنّ ممارسة هندسة السلوك، المبنية على أس "التناظر والتطابق" صنفٌ من أصناف ما يسمى بفقه التنوير أو فقه الواقع أو فقه الحضارة. وقد سبق أن سميت هذا الصنف السلوكي (الذي باللغة والدين) "الاجتهاد الدائري" و"الاجتهاد التمهيدي" و "الميطا- اجتهاد" و"التحت- اجتهاد" و"الاجتهاد الثالث".
وهذا الصنف يتسم بكونه تحتي أو "ميطا" أو "ثالث" لأنه اجتهاد في ما لم يقع فيه اجتهاد وفي ما لا يقعُ تحت طائلة الاجتهاد الديني ولا تحت طائلة العلماني الصرف (الحداثوي). ومن أهمّ فوائد الميطا- اجتهاد التمهيد للاجتهاد الديني حيث إنّ هندسة السلوك سوف تسهل على المؤمنين رصد وفهْم وتشخيص حاجياتهم الحقيقية قبل أن يتفاعل معها المجتهدون في الدين، ولأنّ نفس المنهاج سيسهل، من جهة أخرى، على المجتهدين فهم حاجيات الناس الحقيقية وبالتالي استشعار الرغبة الأصلية لديهم في ممارسة الاجتهاد (الديني)، أي تلك الرغبة الموصولة بالمعرفة وبممارسة المعرفة من أجل إيجاد الحلول وذلك باقتحام مجالات كانت بالأمس مقفلة ومساحات كانت غير مهيأة .  
آفاق منهاج التناظر والتطابق (ما وراء تشومسكي)
عدا الجوانب التصحيحية للعقيدة والجانب التعليمي والتربوي متعدد الأبعاد والجانب الاجتهادي، وهي جوانب من المفترض ازدهارها بفضل هندسة السلوك، هنالك بُعد يخص عملية التفكير، إن العقلاني اللاديني أم الإسلامي:
أ. يمكن أن تكون غير مسلم، لكن يكفي أن تكون متشبعا بالمبادئ والمقاربات الألسنية (الفطرية) وأن تكون في نفس الوقت ميالا إلى التفكير في حالة الإنسان وأوضاعه لكي تؤول  بحوثك ومحاولاتك النظرية المستندة إلى ملاحظاتك الصادرة عن معاينة دقيقة لحالة الإنسان إلى نتائج تضاهي النتائج التي يرغب كل مسلم التوصل إليها. عندئذ يمكن القول إنك " مسلم بغير إسلام".
وليس من محض الصدفة أن أكون عاشقا لموقف نعوم تشومسكي الإنسان وفي نفس الوقت لعلم تشومسكي (الألسنيات الفطرية، العقلية). فهو بالنسبة لي نموذج "المسلم بغير إسلام". 
ب. أما بخصوص المسلم، ومن باب أوْلى وأحرى ذاك الذي ليس خبيرا في الدين، فالعبادة عن طريق اللغة تعفيه من عناء التهافت على النظريات الدينية غير المواكِبة للواقع المتحول بسرعة، وتخلصُه من الاتكال على الإفتاء العشوائي. هكذا يكون "التناظر والتطابق" بابًا مفتوحا أمامه على مصراعيه لكي يدرب نفسه لا فقط على التفكير السليم وإنما أيضا، وبالتناسب مع ذلك، على الارتقاء بالأداء الميطا - ديني لديه في انتظار أن يدعّمَ فكرَه الديني الإنساني لمّا يقع الاحتكاك البنّاء بين فكره وفكر المجتهدين، الذين يكونوا قد تخلصوا هم أنفسهم من عقدة الاحتباس التواصلي المُبطل للاجتهاد الفعلي.
وهذه فائدةٌ أنطولوجية تجعل من المتعبّد إنسانا مضطلعا لذاته كمسلم، ومُطلّقا لآفة النقل والإتباع في ما لا نقل فيه ولا إتباع، ومساهما في بناء عالم الإبداع.
 
محمد الحمّار
"الاجتهاد الثالث: الكلام إسلام.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/30



كتابة تعليق لموضوع : بيانات حول منهاج اللغة عبادة (التناظر والتطابق)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net