صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

لكي لا يترحمون عليهم؟
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  لا أريد أن اجري مقارنة بين زعيمين لكتلتين سياسيتين في أدائهما السياسي والإداري منذ توليهما السلطة عن طريق صناديق الاقتراع، رغم أنني كنت أأمل مع الملايين من شعبنا في إقليم كوردستان وبقية أنحاء العراق أن تجري مناظرة تلفزيونية يقدم كل منهما نفسه، لا ادعاءً بل كلاما دقيقا موثقا مدعما بالحقائق على الأرض، لكنني وددت أن استذكر ومعي الكثير بعضا مما سجله الشارع في الإقليم وفي بغداد وبقية المحافظات ومما ترسب في ذاكرة العراقيين شمالا وشرقا وغربا وجنوبا خلال العقد الأخير فقط من عمر بلادنا المديد.
 
     للأمانة؛ كليهما لم يأت بانقلاب عسكري ويسرق السلطة سواء بثورة بيضاء أو بعروس الثورات كما كان يشتهي البعثيون في إطلاق أسماء على أفعالهم المشبوهة طلبا للتمويه والإخفاء، بل جاءت انتخابات كانون ثاني 2005م تحمل للبلاد رئيس حكومة من عامة الأهالي، بقي لاجئا سنوات عديدة متنقلا بين طهران ودمشق، راكبا حصان الائتلاف الشيعي ودافعا إلى الحكم مشروع صناعة جديدة لنوع من الحكم تحت يافطة دولة القانون، التي قدمت برنامجا لحكمها يشبه إلى حد كبير قصص الأفلام العربية أو الهندية التي تنتهي دوما بانتصار البطل عادة!؟
 
     وفي كوردستان التي سبقت بقية البلاد في تطبيقاتها للديمقراطية، كان خيار شعبها وفعالياتها السياسية بعد أشهر قليلة من انتفاضة آذار 1991م هي الانتخابات والمؤسسات الدستورية التي أنتجت أول برلمان كوردستاني منتخب عام 1992م، وهي ذاتها التي أوصلت السيد البارزاني رئيسا لكوردستان في انتخابات تموز 2009م  بما يقرب من 70% من أصوات الناخبين. 
     وفي بغداد وخلال دورة ونصف الدورة من الحكم أي لست سنوات أو أكثر، بقيت مآسي الكهرباء والسكن والبطالة والإرهاب وتردي بقية الخدمات كما هي، بل زادت وتيرة تقهقرها وارتفاع أسعار معظم ما يتعلق بحياة المواطن ابتداءً من الغذاء والدواء وانتهاءً بالبنزين والنفط الأبيض ووقود الديزل، التي أصبحت بقدرة قادر وبعد ست سنوات من حكم دولة القانون وعشرات المليارات من الدولارات لتطوير إنتاجها ونوعها، أكثر سوءً واكبر كمية في الاستيراد من كازاخستان وسوريا وتركيا، بينما يزداد نزف الدماء في معظم محافظات العراق نتيجة تفاقم العمليات الإرهابية والجريمة المنظمة التي وصلت إلى مفاصل مهمة من الدولة وتكلست فيها تحت أغطية ومسميات عديدة.
 
     يقابل ذلك في إقليم كوردستان مع وجود مساحات الفساد والمفسدين ونقاط الضعف هنا وهناك وأفواج الانتهازيين والوصوليين تحت عباءة المحسوبية والمنسوبية، تطور كبير في معظم الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء التي نجحت إدارة الإقليم بالتعاون مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي على تجاوزها تماما، مع تطور هائل في بقية الخدمات المتصلة بحياة المواطن كالماء والصحة والتعليم والمستوى المعاشي، إضافة إلى عنصر مهم جدا في تطور كل هذه الخدمات إلا وهو السلم والأمن الاجتماعيين اللذين تعاون في تكريسهما طرفي المعادلة الأمنية وهي أجهزة الأمن والشرطة الواعية والمخلصة والمواطن نفسه، حيث نجحت إدارة الإقليم ومؤسساتها في إنتاج سلطات أمنية نوعية غير مخترقة ومهنية ووطنية، يقابلها وعي المواطن وإدراكه وارتباطه بوطنه من خلال المحافظة على أمنه واستقراره.
 
     وإذا كانت طموحات المواطن أعلى بكثير مما تم تحقيقه لكن مقارنة بسيطة بين الحالتين وما آلت إليه الأمور تظهر لنا البون الشاسع بين ما تعلنه إدارة الحكومة الاتحادية وكثير من الحكومات المحلية في المحافظات وبين واقع الحال في إقليم كوردستان الذي استقطب مئات الشركات والمستثمرين الأجانب من شتى بلدان العالم وتحول إلى خلية نحل في كل مدنه وبلداته وقراه مما احدث طفرة نوعية في تقدم الإقليم وتطور خدماته، دفعت مئات الآلاف من العراقيين إلى زيارة الإقليم واستقرار الكثير منهم فيه، بل إن أكثر من ربع مليون سائح من جنوب ووسط البلاد كانوا في الإقليم خلال عطلة عيد الفطر المبارك، رغم ما تفعله ماكينة الإعلام المضاد سواء ما يرتبط منها بكتلة الحكم في بغداد أو أجهزة الإعلام الخارجية وبالذات تلك التي تصعد الأزمات خدمة لبقاء نظام الأسد واستمرار مشروع السلاح الذري في طهران. 
 
     واذا ما خرجنا من إطار دولتنا وتجربتنا والاحباطات الكبيرة التي أصابت مواطننا، وذهبنا إلى فضاء الربيع العربي فان الخشية الكبرى هي أن لا يكون البديل بمستوى تضحيات تلك الشعوب، وان لا يكون التغيير في الأسماء والعناوين والوسائل فقط بعيدا عن الجوهر والأساس، إن شعوب العراق ومصر واليمن وليبيا وسوريا وغيرها من شعوب الشرق الأوسط لم تناضل وتنتفض من اجل إقامة نظام سياسي ديني أو مذهبي أو قومي مغلق، بل هي تواقة لتأسيس دولة الديمقراطية والمدنية والعدالة والنزاهة وإحقاق الحق لا إلى دولة شعارات واديان وشوفينيات قومية أو عرقية أو مذهبية.  
     
 
     وهنا في بلاد الرافدين، حقيقة كنا نتمنى جميعا أن تكون كل بلادنا بهذا الشكل في إقليم كوردستان، على الأقل لكي نقول لأعداء تجربتنا إننا أفضل من الذين حكموا العراق طيلة ما يقرب من نصف قرن، لا أن نجعل الشارع العراقي يترحم على نظام الاستبداد والفاشية كما يحصل الآن في بغداد وغيرها من محافظات البلاد للأسف الشديد؟
 
 
 
 
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/19



كتابة تعليق لموضوع : لكي لا يترحمون عليهم؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net