صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

أسْئِلَةٌ تُحَدِّدُ آفَاقَ المَسَارِ السِّيَاسِيّ بَيّنَ العِرَاقِ وَ تُركِيَا
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بثّتْ فضائيّة الاتّجاه، تقريراً يوم الخميس 13 أيلول 2012 ، تَحدَثَ عن قضيتيّن حساستيّن ومهمّتيّن، عند جميع العراقيّين. أولاهما: مبادلة طارق الهاشمي بعزّة الدوري، (الصحيح عزّة والخطأ عزّت).

ثانيهما: وقف دعم الإرهابيّين، مقابل إعطاء تمثيل سنّي أكثر من تمثيل الأكراد في الحكومة. والذي أدهشني في هذا التقرير، تصريح النّائب محمود عثمان حول الموضوع المطروح. فأكّد السيّد النّائب، بأنّ هذا الموضوع معروف. ولتأكيد الموضوع أكثر، عرضت قناة الاتجاه الفضائيّة، يوم الجمعة 14 أيلول 2012، شريطاً خبرياً نصّ على الأخبار التالية:

(مصادر برلمانيّة: ان السعودية وقطر تسعى لاقامة اقليم سني يتكون من نينوى والانبار وكركوك وصلاح الدين). (مصادر مطلعة: تركيا عرضت على المالكي تسليم عزت الدوري وقادة المجاميع المسلحة مقابل العفو عن الهاشمي). (المصادر: المقترح التركي يتضمن تعهداً بوقف العمليات المسلحة في حال تم منح "السنة" تمثيلاً اكبر من الأكراد في الحكومة). (مصادرنيابية للاتجاه: تركيا وقطر والسعودية تسعى لانشاء اقليم "سني" يشمل محافظات نينوى والانبار وكركوك وصلاح الدين). (المصادر: المخطط يقضي باستقدام فلسطينيين من غزة والضفة لتوطينهم في الاقليم السني في العراق)(انتهت عناوين الاخبار).

لقد أدركتُ حينئذٍ، أنّ الموضوع أعمق وأكبر من أنْ يكونَ، مجرد خبر بسيط عابر. كما أنّ الموضوع ليّس وجهات نظر، أو آراء سّياسيّة عابرة، لا تستحقّ الوقوف عندها، والتّأمُل في مضامينها. إنّه خبر يعبّر عن مشروع استراتيجيّ، تتبنّاه تركيا في المنّطقة. وتخطّط له السعوديّة وقطر، اللتان لهما دور مؤثر في السّاحة العراقيّة. والمُلفت للنّظر، أنّ حكومتُنا المُوقّرة عامّة، ووزارة الخارجيّة خاصّة، لم يأبه فيهُما أيّ مسؤول لهذا الخطر. ولم يقدّر أحدٌ خطورة الموضوع، ومدى تأثيرهُ على سلامة الأمن الوطني العراقي بصور خاصّة، والأمن الاقليمي بصور عامّة.

ءآليّتُ على نفسي، أنْ أثيرَ التَساؤلات التّالية، لعلّ أحداً من المسؤولين، يتفضّل مُسعفاً بالاجابة على هذه الأسئلة:

1.  هلْ سأل المعنيّون أنفسهم، ماذا سيحصل للعراق، إذا ما تُركت الأمور تسير على عواهنها، بدون اكثراث أو اهتمام بهذا الموضوع ؟.

2.  الموضوع ليس مُزحةً، وإنّما من أخطر المواضيع التي تمسّ أمننا الوطني، وسيادَة العراق وسمعَتِه. ولو فَرضنا أنّ العراقَ صرّح، بمثل هذه التّصريحات، ضدّ المصالح القوميّة التركيّة (كدعم العراق لانفصال أكراد تركيا). أو صرّح العراق ضد المصالح السعوديّة والقطريّة في الخليج. فهل ستبقى هذه الدّول صامتة، كما يفعل المسؤولون العراقيّون؟. بلا شكّ ستقوم الدّنيا ولا تقعد.

3.  والمحيّر في الأمر، (إذا فرضنا أنّ السيّد رئيس الوزراء، لمْ ينتبه لهذا الموضوع، لكثّرة مشاغله الرسميّة). لماذا لمْ تتحرك هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء، وهي تضمّ عدداً لا يستهان به، من المستشارين المتخصصين(كما يفترض بهم ذلك) في مختلف المجالات؛ الاستراتيجيّة والدّفاعيّة والأمنيّة والاعلاميّة وغيرها ؟.

4.  لماذا لا تهتمّ بهذا الموضوع وزارة الخارجيّة، وهي وزارة سياديّة، تقع عليها مسؤوليّة الدّفاع عن مصالح العراق، بالطّرق الدبلوماسيّة ؟.

5.  لماذا لمْ تَصدُر أيّة ردّة فعل، من وزارة الأمن الوطني، وهي من واجباتها المركزيّة، حماية الأمن الوطني. ليس من المخاطر الماديّة، وإنّما من المخاطر المعنويّة، كالدّعاية الصّفراء الموجهة من الخارج إلى الداخل. وكذلك أساليب الحرب النفسيّة، التي تستهدف افتعال الأزمات، لتوريط أطراف معينة في نزاع داخلي، تستفيد منه جهات خارجيّة ؟.

6.  هلْ إمكانيّات العراق الماديّة الهائلة، لا أثر لها في صناعة سياسة عراقيّة، تحمي مصالحه الاستراتيجيّة ؟. وهلْ السّياسة العراقيّة قصيرة النّظر، بالشَكل الذي لا تجيد فيه، استخدام الموقع (الجيوسياسي) للعراق وأهميّته في المنطقة ؟.

7.  هلْ تحالف العراق مع أمريكا، ضمن إطار الاتّفاقيّة الأمنيّة العراقيّة، الموقّعة بيّن العراق وأمريكا، في 1 كانون الثاني 2009، لا أثر لها على أرض الواقع ؟. علماً أنّ المادّة السّابعة والعشرين من الاتّفاقية، نَصّتْ على مايلي:

(عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق أو وقوع عدوان ما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو استقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه، أو تهديد نظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة، وبناء على طلب من حكومة العراق، يقوم الطرفان، بالشروع فوراً في مداولات استراتيجية، ووفقاً لما قد يتفقان عليه فيما بينهما، تتخذ الولايات المتحدة الإجراءات المناسبة، التي تشمل الإجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو أي إجراءٍ آخر، لردع مثل هذا التهديد.)(اقتبس هذا النَصّ، من موقع مركز الرافدين للبحوث والدراسات).

8.  إذا كانت أدوات الضّغط العراقيّة غير مجدية، إزاء التحدّيات السعوديّة والقطريّة، بسبب الوضع الاقتصادي المتميّز لهاتين الدّولتين، وعدم احتياجهما للمعاملات التجاريّة مع العراق. فهل تركيا كذلك ؟. علماً أنّ حجم استيراد العراق من تركيا، بلغ 8.3 مليار دولار، حسب إعلان وزارة التجارة العراقيّة في 3 أيار 2012.

9.  يَستخدم العراق خطّ إنبوب (كركوك – جيهان)، لنقل ما يقارب من 500 ألف برميل يومياً، من النفط العراقي إلى تركيا. وبالطبع تركيا تحقق أرباحاً مقابل هذه الخدمة. فهل فكّر المسؤول العراقي، إستخدام هذا المصدر، كجزء من أدوات الضغط على تركيا، لغرض تعديل موقفها مع العراق ؟. 

10.   من المعلوم أنّ العراق دولة صديقة لأمريكا، وتوجد بيّنهما مصالح كثيرة (على الأقل مصالح أمريكيّة في العراق). فهلْ تمكّن المسؤول أو السّياسي العراقي، باستثمار هذه العلاقة الخاصّة، لحثّ أمريكا لتكون جهة ضاغطة، تقف بوجه التحدي التركي ؟. علماً أنّ تركيا صديق حميم لأمريكا، فالقنوات مفتوحة بين جميع الأطراف لهذا الغرض. ويَصدُق هذا الطّرح مع الإتّحاد الأوربي، حيث تتمنى تركيا، خطب ودّ هذا الإتّحاد، الذي يتمَنّع عن قبولها فيه، لأسباب تتعلق بطبيعة القوانين التركيّة، وموقف تركيا من مجزرة الأرمن، وعلاقتها مع اليونان. والعراق له علاقات جيّدة مع أبرز مكونات الإتّحاد الأوربي، بريطانيا و فرنسا والمانيا.     

واستكمالاً للموضوع، لابدّ أنْ أطرح ثلاثة أسئلة أخرى، تتعلّق بموضوع طارق الهاشمي، الذي يعتبر المقدّمة الأساسيّة للموضوع. وزيارة السيّد أحمد داوود اوغلو، إلى إقليم كردستان، ومن ثم زيارته لمحافظة كركوك. وتوطين الفلسطينيّين في الإقليم السنّي، المزمع تأسيسه في العراق ، فأسأل:  

1.  صرح قبل فترة ليّست بالطّويلة، السيّد أوردغان، بأنّ تركيا لنْ تُسَلّم طارق الهاشمي للحكومة العراقيّة. ألمْ يجرّم القضاء العراقي، طارق الهاشمي بتهمة الارهاب ؟. هلْ القوانين الدّوليّة ومواثيق العلاقات والصداقة والجوار بيّن الدّول، تسمح بهذا التجاوز؟. ما هو موقف الدبلوماسيّة العراقيّة أمام هذه القضيّة، التي لها مساس بهيّبة العراق الدّوليّة، والقضاء العراقي ومصداقيته ؟.  

2.  زار السيّد أوغلو كركوك، واحتجّت الحكومة العراقيّة على تلك الزّيارة، ونقلت الموضوع إلى جلسة مجلس وزراء الخارجيّة العرب. ولم يُتّخذ بصددة إجراء حاسم، من قبل المجلس وذهب الموضوع طيّ النّسيان. فهلْ توجد نيّة لدى الحكومة العراقيّة، لحسم الموضوع في المحافل الدوليّة، لوضع حدّ للتدخّل التركي في الشؤون العراقيّة الحسّاسة ؟.

3.  هلْ العراق أصبح ضيّعة، تمتلكها تركيا والسعوديّة وقطر، وهذه الدّول تقرر توّطين الفلسطينيّين فيها، لتخّفيف الضّغط عن إسرائيل.    

 

عدم وجود إجابات لهذه الأسئلة، تضعنا أمام نقاط استفهام كبيرة، تخص وضع العراق، وعلاقته مع دول الجّوار، ودول المنطقة العربيّة. وأنا متفائل جداً، بأنّ المسؤولين العراقيّين، سيشمّرون عن ساعد الجدّ، ويسرعون بجهد حثيث، للإجابة على أسئلتي هذه، لأنّ حرصهم على سلامة العراق، وأمنه ومستقبل شعبه، يجعلهم لا ينامون على ضَيّمْ، ولا يَمْضُون على شَيّنْ. والسلام.     


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/19



كتابة تعليق لموضوع : أسْئِلَةٌ تُحَدِّدُ آفَاقَ المَسَارِ السِّيَاسِيّ بَيّنَ العِرَاقِ وَ تُركِيَا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net