صفحة الكاتب : علي حسين الجابري

زهرة في رياض الشقاء
علي حسين الجابري
بعيداً عن ملاهي الصبا وأغاني أوائل السنوات , بعيداً عن مزاح القرين والعاب الرياض الزاهية بعطر الورود والجنان الفائحة بضحكات البراءة المحضة , كان هنالك عقل طفولي بمسؤولية رجل .
تتفحص عيناه الوجوه وتقرا الأفكار , يجري هنا وهناك حركاته رشيقة كنحلة تتجول في بستان , ملامح طفولية ويدين صغيرتين يحبهما الله ورسوله ولكن في غير أوانهما . 
لحظة ترى " سليم" في أروقة السوق الكبير يتحرك بصمت وخفة يربط ظهره 
وبطنه بنطاق من حبل بلاستيكي صنعه بيده يكاد يطبق على بطنه الخاوية النحيفة بقوة , ملامح وجهه تخفي تعب وألم شديدين  , لم امتلك نفسي ولم احبس طوفان الأسئلة التي راحت تجول بخاطري حين رايته للمرة الأولى يمسك بيديه الصغيرتين عملة نقدية صادرة بموجب القانون , القانون ذاك الذين يضمن للكل حرية العيش وكرامته , كان يحمل بكلتا يديه ليضعها في غياهب سرواله فلا يصل إليها غير أنامله الصغيرة  اقترب مني يتفرس فيما بين يدي لحظة لقاءه أنجبت سؤال
_ ما اسمك أيها الصبي الشهم ؟
_ قال : سليم
_ كم عمرك ؟
_ قال: تقول أمي انك ألان في السادسة رغم اني رجل ...  وبيني وبينك لا أصدقها لأني كبير حتى اني اعرف كل شيء .
قهقهة الم تلك التي أخرجتها من بين شفتي وابتسامة كانت تغازل الموناليزا  لان عيني كانتا غير فرحتين بما قال سليم رغم الابتسامة  , ناولته مائتان وخمسون ديناراً ومثلها علامات استفهام لمستقبله المجهول في سوق مليء بالأساليب الملتوية وعبارات لا تليق بمن هو بعمر الزهور .
لم تكن بشرته السمراء هي الحقيقية بل اكتسبها مؤخرا بفعل حياكة الأشعة  ونسجها من خيوط  حرارتها ثوبا اسمراً يلتصق بجسمه الناعم  اثبت لي هذا من خلال حركة بريئة فعلها  , رفع زنده ليبان بياض جسمه  تحت قميصه الأصفر  الذي تزينه وردات نافرة .
 لحظة إمساكه العملة النقدية كانت عيناه تمارس اللمعة وإحساس الفرح الغامر ينبأ عن فطرة جبل الإنسان عليها منذ الخليقة الأولى على حب المال لكن الحب يتفاوت في درجاته بين شخص وآخر  رغم إني ادرك ان حب " سليم " حب يأتي في سبيل توفير الكرامة في العيش .
ويستمر في التجوال وتصفح الوجوه حتى تطوي الشمس خيوطها وتلملم كل أشعتها ويبقى تأثيرها على الأرض والشجر وأسطح الدور ومسامات جلد "سليم" المكتسبة للدكنة بفعلها.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/24



كتابة تعليق لموضوع : زهرة في رياض الشقاء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net