صفحة الكاتب : عدنان عباس سلطان

حكمة اللعب سعة الخيارات في المدارس
عدنان عباس سلطان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 هل يظن احدا ان المبدعين لايلعبون وان الجنون ليس من فنونهم العالية ؟.
ان المرء لايبدع في مجاله ان لم يتحول ما يهتم به الى لعبة اثيرة تظل طول الوقت فاعلة في ذهنه وفي محيط خياله بحيث ان اللعب بها يوسع مداركه وتتجلى خيالاته عن طرق رائعة جديدة وتتفتق ملكاته الفكرية عن افكار خلاقة مذهلة بحيث تتحول تلك الافكار الى عالم يتسع باستمرار لينتج في المحصلة شيئا مدهشا يثير الانتباه والانبهار . 
والابداع هنا قد يتجلى عندما نعّبر بصورة صادقة وانفعالية وعفوية ايضا دونما عقد ، نلعب بما يشابه الاطفال في العابهم كذلك بحكمة الشيوخ اللاعبون مع الاطفال .
اللعب جزء حيوي في حياة البشر لايحرم منه غير المتزمتون او من وقفت الظروف المنوعة لتعويقه او منعه بصورة قسرية من هذه الظروف الثقافة الاجتماعية ومفهومها عن سمات الشخصية التي يحددها المجتمع كمعيار تجتمع فيه الصفاة البطولية والجد والصرامة ، وان الشخص الذي لايمتلك هذه الميزات قد يعد تافها او ضعيفا لايمتلك الشخصية المحترمة ،
ولذا فان التمظهر لدى الاشخاص يكون محاكيا لتلك المعايير وهو تمظهر زائف بطبيعة الحال فيكون المحرومون من اللعب بعيدون عن دائرة الابداع. بل يميلون الى التعصب والتطرف ويحملون افكارا رجعية في الاغلب . ويفتقدون الى المرونة ولا يفهمون الجديد وتلتصق في اذهانهم صورة الماضي منحوتة لايؤثر فيها الزمن ولا تجري عليها سنّة الحياة .
واللعب الذي يراه العرف الاجتماعي بانه نافلة مذمومة نراه في كل مكان ويمارسه حتى الكبار منا في المقاهي واوقات السمر ولعل لعبة كرة القدم تدلل على مدى تعلقنا باللعب وتاتي مذمة اللعب كونه مرتبطا بالمغالبة وهو الجانب السئ كونه يستقطب الناس بين الغالب والمغلوب السعيد بالتفوق والحزين بالفشل كذلك لارتباطه بالخسائر المادية المحرمة مثل القمار وما
شابه ،
ولعب المغالبة قد يكون مفيدا في بعضه كونه يمتص الطاقة ويحقق اهتماما مشتركا بين المواطنين في اطار قضية واحدة الا انه كثيرا ما يستقطب الناس في مربعات الاقاليم او المناطق او الدين والعرق او المرتبة الاقتصادية رغم ان التفوق في اللعب لايكون بالضرورة تفوقا في تلك المربعات ، انما يدلل على ان الانسان ينمو باتجاه الملائمة لحياة تتطور باستمرار وهو المفهوم الذي ينبغي ان يسود في سلوك البشر . ويعني التفكير الكوني الشمولي الذي يقصد الانسانية بكل تنوعاتها .
واللعب على الطريقة المذمومة ليس هو المقصود بالتاكيد وانما اللعب الذي ينبغي تعليمه للطلبة هو اللعب المبدع الذي تكون نتائجه مصدر فرح لكل المشاركين حيث يرون لمساتهم الذاتية واضحة في انتاجهم الجماعي لشئ ما . 
واللعب جزء كبير وحيوي من التربية واعداد الاجيال اعدادا صحيا لمواجهة المستقبل وهو بموازاة التعليم والتربية الاسرية والمدرسية فالمدرسة التي لاتمنح الطلبة الوقت الملائم والكافي للعب انما تحاول الطيران بجناح واحد يظل يخفق في الهواء دون ان يرتفع ويغير الصورة النمطية او يحقق شيئا على وجه الحياة ، حيث ان الحرمان منه يسبب عدم الكفاءة في التنمية البشرية وله نتائج خطيرة على الافراد انفسهم وبالتالي على المجتمع في الوجه الثقافي والاقتصادي والمعرفي حيث سنحظى بافراد يتصرفون بسلبية ازاء ما يعترضهم من مشاكل الحياة وليس لهم مقدرة من ادارة اعمالهم او الاعمال التي ترتبط بالشان العام كونهم لايستطيعون ان يكونوا رايا او تخطر لهم فكرة جيدة وحتى وان تولدت لديهم مثل هذه الاشياء فانهم سوف يكتمونها لشعورهم بالخوف من الفشل كذلك يخشون الآخرين ويلوذون عن مواجهة التحديات الحياتية ، فلا تجدهم الا في المناطق الداكنة او في آخر الطابور ويتنازلون بسهولة عن تفكيرهم ورأيهم للاخرين ويكتفون بما فكر غيرهم بالنيابة ولا تهمهم النتائج وما تصل اليه الامور سواء كانت ايجابية او سلبيه ، وهكذا تكون نمطية تفكيرهم غير منتجة على الدوام ، وهم في كل الاحوال روتينيون لايتأمل منهم سوى كونهم اشبه بآلات بطيئة تنفذ ما يريد غيرهم ، دون ان تكون للمستهم الذاتية من حضور . هم غائبون وان حضروا وذلك يكون فاعلا حتى في علاقاتهم الاجتماعية التي لاتعدو عن كونها تنفيذ فروض سلبية نمطية. لا روح فيها ولا تعبر عن مشاعر صادقة للمودة والتقارب والتواصل انما فقط يسجلون الحضور بما يشبه تواقيع الدوام الرسمي لكي لايعتب عليهم عاتب .
واذا كانت مدارسنا تعد الرياضة درسا فان هذا الدرس لم يكن نشيطا في كل المراحل الدراسية وهو ايضا مقتصرا على الرياضة وكان الاحرى ان يسمى درس اللعب درس يحتوي كل نشاطات اللعب المنوعة حتى تلك الالعاب الشعبية لكي يتعلم الاطفال الاندماج والتواصل وتقبل الاخرين واشاعة المودة ليس مع الاولاد فقط وانما مع معلميهم ايضا لتسقط الحواجز التي تعوق الشجاعة والابداع وتعدم التردد والاحباط وتزرع فيهم الاقدام وابداء الراي والمبادرة كذلك تؤسس للثقة بانفسهم ، لانه يراد منهم ان يتخرجوا من المدرسة كاشخاص كفوئين لهم العزيمة العالية لتجديد الحياة والعمل بفاعلية ايجابية وابداع جديد .
واذا كان المراد من الاجيال الجديدة كل هذه الصفاة فلا بد من موازنة علمية رصينة لمسالة التعليم برمتها تبدأ من مرحلة تأليف الكتب الدراسية مرورا بكمية المواد الضرورية التي سيجري تعليمها للطلاب سنويا ووقت كل حصة دراسية أي زمن الدرس الواحد وكذلك زمن مجمل الدروس لليوم الواحد ثم نسأل كم الوقت الذي خصص لدرس اللعب والذي لاتؤثر عليه الدروس الأخرى وكم مرة بالاسبوع الواحد يتكرر درس اللعب ؟.
ولا بد من ان ندرك بصورة اكيدة ضرورة درس اللعب وان نقتنع بانه درس مهم للغاية لكي ينال اهتمامنا بدرجة كبيرة . وهذا يستدعي تثقيف المعلم باهمية اللعب واجراء كثير من المسوحات الميدانية وتشجيع الدراسات والبحوث للاستفادة منها في هذا الميدان او في ميدان التربية والتعليم بصورة عامة .
ان الاسس القديمة التي يقوم عليها التدريس لايمكن ولا ينبغي لنا ان نجل ثبوتها وديمومتها باعتبارها اسس مثالية تنفع لاي زمن ولاي عصر من العصور فاننا بذلك لانعترف بحقيقة ناموس الحياة المتحرك وان كنا فعلنا ذلك لمدة طويلة فلكوننا تركنا عامل اللعب وما ينطوي عليه من اهمية بالغة والتزمنا بالتزمت بافراط وهذا ما كان من بعض الاسباب في انحدار الرغبة المعرفية لدى الشباب وبالتالي سيكون ارثا يتلقاه الاطفال واليافعين الجدد والمتسيبين من المدارس كذلك هبوط مستويات الاستيعاب والتفاعل الدراسي . 
اذن فالتربية والتعليم تواجه مشاكل حقيقية كبيرة وان هناك خللا في برنامجها التعليمي ومجموعة من النواقص التي ينبغي تلافيها في ظل التطورات الهائلة في التكنلوجيا وتطور الاتصالات وظهور الانترنيت والالعاب الالكترونية التفاعلية والتلفزيون والستلايت والمحمول والكامرات المنوعة والنسخ السريع وهذه الاشياء وغيرها لها بالمقابل وقت أي ان لها حصة من زمن الدروس وهي حاجات ضرورية الاستعمال وصار لها التاثير الكبير في الثقافة الاجتماعية وتغيرت بسببها كثير من السلوكيات والفعاليات الحياتية وصارت تهم الاطفال واليافعين ذكورا واناثا كما تهم الكبار فالبرنامج التعليمي الذي يغفل هذه المستجدات انما كالذي لايعترف بوجود الشمس في يوم غائم .
فاطفالنا يلعبون رغم كل الحصار التعليمي لهم ورغم شحة الفرصة ويظل فعلهم هذا على حساب مستوياتهم التعليمية التي تدخل الى اذهان بعضهم حشوا بغيضا يفتقد الى روح التواصل المثمر وانعدام الخيارات الحميمة المشوقة في المعرفة والتعليم .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان عباس سلطان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/28



كتابة تعليق لموضوع : حكمة اللعب سعة الخيارات في المدارس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net