صفحة الكاتب : د . ناهدة التميمي

يا نوّاب البرلمان زكوا رواتبكم في منطقة معامل الطابوق
د . ناهدة التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

هي منطقة النهروان والتي دارت فيها رحى حرب قادها امير المؤمنين وامام المتقين علي عليه السلام .. وربما لاسمها هذا ولاعتباريتها الرمزية كانت من المغضوب عليهم وقد ذاقت الامرين قبل وبعد التغيير .. فكم من غزوات قام بها (المجاهدون) لقتل اكبر عدد ممكن من ابناء هذه المنطقة البائسة التي تعيش على هامش التاريخ والزمن والانسانية..  وكلنا قد شاهدنا من قبل الفيلم الذي بثته احدى الوكالات عندما اقدم حماية الدليمي على نحر احد ابنائها في حمام بيته وهو شاب بائس فقير رث الثياب تعتلي وجهه صفرة الفقر والبؤس والحرمان والهزال من قلة التغذية وسوء الاحوال المعيشية بعد ان استدرجوه هو وبعض رفاقه البؤساء الى حي العدل بحجة وجود فرصة عمل لهم في البناء ..  وعندما وصلوا نحروهم كالخراف .. 

كانت هذه المنطقة البائسة والمعدمة والمهمشة حالها حال اخواتها في الوسط والجنوب من مدن الفقراء والضائعين .. تحلم بان يأتي عليها يوم تشعر فيه بالانسانية وهي تنعم بعيش كريم فتشبع بطون اطفالها وتستر اجسامهم بثياب تليق بالعراق العائم على بحور من نفط وتليق ببلد الانبياء والاولياء والصالحين ومهد الحضارة التي تمتد ربما الى اكثر من عشرة الاف عام او يزيد... 

 حَلِم هؤلاء الفقراء بالتغيير وجاهدوا من اجل ان يصل رجال الدين والاحزاب الدينية للسلطة لانهم صدّقوا بان الارض قد مُلئت ظلما وجورا وانه ان الاوان لان تمتليء قسطا وعدلا ومساواة وقيما وان هؤلاء هم من سيعدل المايلة وسيقتدون بامام المتقين ابا تراب الذي كان يجلس وينام على التراب من منطلق اننا من التراب خُلِقنا واليه نعود , فلم يكن يلبس غير الخشن من الثياب ولاينعم بشيء لاينعم به فقير او معدم ... هذا بالنسبة للشيعة واما السنة من النواب واعضاء الحكومة والرئاسة ..فأين قدوتهم بعمر بن الخطاب العادل والذي قال لو ان شاة اضلت في العراق سيسال عنها عمر يوم القيامة واين اقتدائهم بعمر بن عبد العزيز عندما لم يجد من يتصدق عليه من بيت المسلمين بعد سنتين من حكمه فامر بنثر الشعير والحنطة فوق رؤس الجبال لياكل منها الطير فلايقال ان هنالك من جاع في عهده 

لقد مَنّى هؤلاء الجياع في منطقة معامل الطابوق في النهروان وفي حي التنك وحي طارق في الثورة ومنطقة ام العظام في التاجي ومنطقة المسلخ في الشعلة  ومناطق العشوائيات في سلمان باك وغيرها الكثير من المناطق البائسة في الوسط بتقديمهم فلذات الاكباد والرجال قرابين لحكم جائر او عندما زحفوا بالملايين لينتخبوا المعميين ورجال الدين والاحزاب الدينية بعد التغيير  املا في الخلاص وتحسن الاحوال... 

 ولكن ماذا كانت النتيجة .. لقد ازداد البؤساء بؤسا والاغنياء والموسرين غنى .. لا بل حتى الحفاة الذين حوسموا او دخلوا البرلمان في غفلة من الزمان او تولوا منصبا مهما قد اتخموا من السحت الحرام ومن الاموال المقتطعة من افواه هؤلاء الجياع .. وتغر الزمان وهم بقوا على حالهم بل اسوأ 

قبل ايام كنت اشاهد تقريرا عن منطقة معامل الطابوق ورايت مالم تراه عين من قبل اطفال بعمر ثلاث سنوات يعملون في هذه المهنة الشاقة في تحميل ورص الطابوق ونساء عجائز محنية ظهورهن من العجز والفقر والفاقة والمفروض ان تقدم لهن الرعاية والعناية وراتب يكرم صبرهن على الايام, يعملن في نقل الطابوق وهنالك ايضا شياب وحتى عروس وجهها ممتقع من الفقر والبؤس عندما سالوها لماذا تعملين وانت عروس منذ يومين قالت لان راتب زوجي وهو يعمل ايضا معي ثمانية الاف دينار في الشهر وهذا لايكفي حتى خبز ولذلك اضطررت ان اعمل معه ربما يسد ذلك بعض رمقنا .. 

هل فكر مسؤول يتمرغ بالملايين شهريا بهؤلاء وماذا يأكلون او يشربون وكيف يعيشون .. هل شعر احدهم كما شعر علي بن ابي طالب عليه السلام او عمر او عمر بن عبد العزيز بالفقراء وبالمسؤولية والخوف من الله وكيف انهم كانوا لايستطيعون النوم او وضع رؤسهم على وسادة او يغمض لهم جفن وهناك فقير يئن من الجوع او الخوف او المرض 

اين مشاريعكم من اجل هؤلاء اين تشريعاتكم في سبيل اسعادهم ورفع مستواهم اين هو نفطهم وحقهم فيه 

اين هي المؤسسات الدينية والمراجع التي تحتكم على اموال العتبات والخمس والزكاة والغافية عن اوجاع هؤلاء ومعاناتهم 

هل مات الضمير الانساني في العراق ام اننا مازلنا نكابر ونقول نحن بلد علي بن ابي طالب والسائرين على نهجه كذبا فنسير بهؤلاء الفقراء والمعدمين في مسيرات مليونية للزيارات او الانتخابات دون ان نرحم بؤسهم وفقرهم وجوعهم 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ناهدة التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/05



كتابة تعليق لموضوع : يا نوّاب البرلمان زكوا رواتبكم في منطقة معامل الطابوق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net