صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

شرعنة الارهاب !
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الارهاب بالمختصر فرض فكر ما أو واقع معين ، بوسائل العنف والقوة والقتل العشوائي ، واقترن اسمه عالميا بالسلفيين المتلبسين لباس الاسلام ،فهم الذين خلقوا الارهاب ، واعطوه الشرعية الدينية  وضمنوا الجنة للارهابين على طريقة  صكوك الغفران في القرون الوسطى ، هؤلاء السلفيون على الاغلب  يتبعون المذهب الوهابي ومؤسسه محمد بن عبد الوهاب الذي تتبنى فكره السعودية  .

ظهر الفكر الوهابي في الساحة السياسية الاسلامية ، فأستقبلته الاوساط والجهات المعادية للاسلام والمسلمين والحاقدة على الفكر الاسلامي الاصيل ، بترحاب كبير ، ووجدت فيه بابا لتمزيق الوحدة الاسلامية  ، وتفتيت الوجود الاسلامي ، لذا دعمت الجهات المعادية للاسلام رجال هذا الفكر وصنعت منهم أصناما كبيرة ، واعطتهم الحرية والدعم المباشر وغير المباشر ، لنشر افكارهم في جميع البلدان الاسلامية تقريبا ، وأعترفت بهم  ناطقين وممثلين للاسلام خاصة أمام الشعوب الغربية ، بهدف تشويه صورة الاسلام الحقيقية، لأن اسلام الوهابيين السلفيين لايستوعب المسلم الاخر ، ويدعو لتكفيره وقتله ، وبذلك يصور هؤلاء الاسلام ، بأنه دين القتل والعنف وأقصاء الاخر المختلف ، أضافة الى أنّ أعداء الاسلام مطمئنون  للفكر الوهابي  كفكر يعادي التطور ، ويتصف بالتحجر ، وتحنيط العقل ، وهذا هو المطلوب   لانه يخدم الاهداف المعادية للاسلام والمسلمين ، أذ يعكس صورة سلبية عن الاسلام الذي اراد الله تعالى ان يكون أسلام العدالة والحرية والانسانية وأحترام الاخر المختلف ، ونشر المحبة والسلام ، واحترام العقل ، وتحريك الفكر .

الارهاب ثمرة من ثمرات الفكر الوهابي المتخلف ، أحتضنته الصهيونية العالمية وامريكا والدول التابعة لمحورها ، كونه في النهاية يخدم الاهداف الامريكية الصهيونية ، على المدى البعيد والقريب ، الحكومات السلفية والدكتاتورية في المنطقة كالسعودية وقطر و غيرها من الحكومات البعيدة كل البعد عن الديمقراطية ، نراها مدعومة بشكل قوي من امريكا والصهيونية ، رغم ادعاء امريكا انها لا تدعم الحكومات الدكتاتورية، وليس غريبا ان نرى حالة التناقض  والازدواجية في الموقف الامريكي ، أزاء ثورات الشعوب في المنطقة ، لأن مواقفهم تنطلق من المصالح ، وليس من المبادئ او القيم ،  ثورة  شعب البحرين مثلا ، المطالب بالحرية والديمقراطية ، نرى دعم امريكا لحكومة البحرين الديكتاتورية الوراثية التي تقمع ثورة الشعب المطالب بالحرية والديمقراطية بقوة السلاح ، وبدعم سعودي قطري ايضا ، فأي ديمقراطية تريد امريكا للمنطقة ؟

 في سوريا تتصرف امريكا والسعودية وقطر وتركيا وبقية الدول التابعة لنفس المحور، بالضد من تصرفاتها في البحرين ، وياليت هذه الدول تدعم الشعب السوري لتحقيق مطالبه المشروعة في الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، بعيدا عن العنف والقتل والتدخل الخارجي ،  لكنها تدعم المسلحين الارهابيين الذين يقتلون الشعب السوري ويفجرون السيارات المفخخة في وسط الجماهير ، والذين يهدّون البنايات السكنية بتفجيراتهم على رؤوس ساكنيها ، هؤلاء الارهابيون كثير منهم من جنسيات اجنبية تابعين للحركة السلفية من مختلف الدول الاسلامية ، تقوم هذه الدول بدعمهم وتسهيل دخولهم الى الاراضي السورية ، امريكا والدول التابعة لمحورها يسمون الارهاب في سوريا مقاومة ، او جيش التحرير ، ويعطونه الشرعية ، بل يقدمون لهؤلاء الارهابيين كل الدعم المالي واللوجستي والاعلامي ، مشرعنين قتل الابرياء من الشعب السوري تحت لافتات متنوعة ، فأي ارهاب تقاوم امريكا ؟

الارهاب هو سلاح السلفيين بوجه الاخرين ، ما يشاع عن امريكا انها عدوة للارهاب غير صحيح ، بل هي من يخلقه في مناطق كثيرة من العالم ، من اجل مصلحتها ومصلحة الصهيونية ، خلقت الارهاب في العراق ، ولا زالت دول المحور الامريكي كالسعودية وقطر وتركيا تغذي الارهاب في العراق وتدعمه لغرض قتل ابناء الشعب العراقي ، بالتعاون مع بعض السياسيين الذين يدورون في فلك هذه الدول الداعمة ، كذلك خلقت الارهاب في افغانستان لاهداف  كثيرة ، منها كي يبقى مبرر لتواجد قواتها واستمرار احتلالها ، لهذا البلد الاسلامي القريب من الحدود الروسية .

 الارهاب في أي دولة من الدول ان وجد يُمنح هوية من قبل امريكا والصهيونية والدول الاخرى التابعة لنفس المحور ، احيانا يمنح الارهاب في دولة من الدول هوية ادانة في العلن ، لكنه يبقى مدعوما في السر والخفاء ، واحيانا يُحارب الارهاب في دولة من الدول ، لكن ليس بطريقة الاسقاط  والانهاء ، بل لابد ان تبقى فيه الحياة لاغراض بعيدة او قريبة، الارهاب يمنح هوية حسب الطلب والحاجة والهدف لامريكا والصهيونية ،  ففي العراق مُنح الارهاب هوية المقاومة ، وفي افغانستان له هوية اخرى ،  كذلك في سوريا له هوية ، فما يكون ارهابا في دولة ما ، يكون مقاومة وجيش تحرير في دولة أخرى ، وهذا ما يحصل في سوريا اليوم ، الارهاب وقتل الابرياء في سوريا مشروع ومبارك من دول المحور الامريكي الصهيوني ، واكبر دليل على ذلك الدعم الكبير للمسلحين بالسلاح والمال والاعلام من دول هذا المحور ،  التفجيرات الارهابية  في ساحة ( سعد الله الجابري ) في مدينة حلب ، التي قتلت العشرات من الابرياء ، نموذج  للارهاب المشرعن في سوريا .

 في سوريا الارهاب مسموح ، لكن في تركيا مثلا ممنوع ، لأن تركيا هي جزء من منظومة دول المحور الامريكي الصهيوني ، ما يحدث في تركيا من عمليات عسكرية تستهدف الجيش التركي من قبل حزب العمال الكردستاني هو ارهاب عند امريكا ومحورها ، لكن ما يحدث في سوريا من قتل للابرياء وتهديم للبيوت والبنايات العامة على رؤوس ساكنيها من العوائل هومقاومة ، هذا هو شرع امريكا والدول التي في محورها ، تمنح هوية وعنوان للارهاب حسب الحاجة والمصلحة ،  الصهيونية طرف مهم في رعاية ودعم الارهاب ،  لها مصالحها في دعم الحركات المسلحة في العالم الاسلامي ، ومن مصلحتها تشجيع الحركات المسلحة على الانفصال وتقسيم الدول الى كيانات هزيلة صغيرة تسمى دولة ، بل هي دولية وليست دولة ، وهذا ما تريده الصهيونية  للدول الاسلامية ، التي تعتبرها عدوة لها ، ليس الحكومات طبعا بل شعوب هذه الدول ، وهذا ما جرى في السودان ، ويجري في بلدان اخرى ، اذن لا نستغرب عندما يقول احد ، ان اسرائيل تدعم مثلا حزب العمال الكردستاني ضد تركيا ، رغم العلاقات الطيبة بين اسرائيل وامريكا مع تركيا،  لأن المصلحة الصهيونية فوق المصلحة الوطنية لأي بلد من البلدان في العالم حتى لو كانت  امريكا .

 المراقب والمتابع يسأل ما هو شرع امريكا فما يجري في البحرين  من ثورة شعبية سلمية ، يطالب فيها الشعب بحقوقه المشروعة في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم ، بطريقة حضارية سلمية؟

 الجواب معروف ، ما يجري في البحرين في شرع امريكا  ، هو ارهاب، ومسموح لحكومة البحرين التي تحكم بالوراثة العائلية البعيدة كل البعد عن الديمقراطية التي تدعي امريكا انها تساند الشعوب في تحقيقها ، يحق لهذه الحكومة الديكتاتورية ، استخدام مختلف انواع العنف والاسلحة الخفيفة والثقيلة لقتل ابناء شعب البحرين المطالبين بحقوقهم  بصورة سلمية ، ليس هذا فقط بل مسموح للحكومة البحرينية الوراثية ،  الاستعانة بالسعودية ودول الخليج الاخرى لاستخدام السلاح الثقيل لقتل ابناء شعب البحرين الثائرين ، هذا هو شرع امريكا ، وهكذا تشرعن الارهاب وثورات الشعوب ، ثورة شعب البحرين السلمية ارهاب ، وقتل الناس الابرياء في سوريا بمسلحين مستوردين من خارج الحدود تحرير وثورة .

العجيب والمحيّر ان الحركة الصهيونية العالمية باسطة لنفوذها على اغلب حكومات دول العالم ، لهذا جاءت مواقف الامم المتحدة ، في غير صالح الشعوب ، بل لصالح امريكا والصهيونية ، اما جامعة الدول العربية المسيطَر عليها من دول النفط العربي، نراها تطبل مع السعودية وقطر ، وتستجيب للارادة الامريكية الصهيونية ، وهذا امر يؤسف له ، أن احداث الربيع السلفي العربي ، اثبتت للشعوب التي ثارت ابتداء مصدقةً أن هناك تغييرا سيحدث لصالحها ، وقدمت تضحيات في هذا الطريق ، لكن في النتيجة النهائية سرقت ثمرة الثورات  بدعم امريكي سعودي قطري صهيوني ، لصالح الحركات السلفية ، ان احداث ما يسمى بالربيع العربي ، وانا اسميه الربيع السلفي ، وكذلك احداث سوريا ، اثبتت للشعوب أنّ الضجيج الاعلامي الذي تقوم به امريكا ، ومحورها من الدول الاخرى شيئ ، والواقع على الارض شيئ اخر ، وان الخاسر الوحيد هو الشعوب ، لانها هي صاحبة المصلحة في التغيير ، وهي من قدم التضحيات في هذا السبيل . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/08



كتابة تعليق لموضوع : شرعنة الارهاب !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net