صفحة الكاتب : علي السيد جعفر

سفينة النجاة
علي السيد جعفر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في بدايات القرن المنصرم وسنة العراق من العرب يتصدون لزعامة البلد وقيادته ساسة وعسكر ، وضعوا كل ثقل لهم سياسي وإجتماعي في سفينة نجاة إنكليزية مدركين بحس السلطة زوال حكم آل عثمان وأفول شمسهم التي ضلت تسطع لتنير درب إخوان مذهب لهم في العراق .
 في حين لم يجعل من الظلم الذي طال الطائفة الشيعية أيام سلاطين الدولة العثمانية والتهميش والإبعاد الذي مورس بحقهم سببا" في عدم مقاومة محتل جديد فكانت ثورتهم العشرينية إحدى أكبر أخطاء التاريخ عندهم ومبررا" لثمانين سنة أخرى من ظلم السلطة بعد ان سبقتها قرون طويلة .
فقد أبتاع الشيعة من عرب العراق حقهم الطبيعي في الحكم بوطنية مطعونة حزت رقابهم ، وأبنائهم قرابين تضحية كلما ازفت ساعة صفر لخطر يتهدد الوطن متهمين بالأعجمية تارة والهندية تارة اخرى مع مواطنة منقوصة ممزوجة بمنة ، يحيط كل فعل لهم شك وريبة مبعدين عن مراكز إتخاذ القرار السياسي ، وشعائرهم عرضة للتنكيل ، يوصمون بالطائفية كلما أريد لهم متنفسا" للحرية ، مناطق سكناهم مهملة غائرة في بؤس مدقع ، تكتنز ذهبا" وغلة وفيرة ووجوه أبنائها يعلوها شحوب وصفرة ، يمضون لحتفهم جهالا" ومرضى ، ومراثي حسينهم وآلاف من ضحاياهم أعطت قلوبهم رقة فوق رقتها ، وأدبهم وأبيات شعرهم تطفح منها لمسة حزن وألم وابوذيات أعراسهم بكاء ، وأرضهم موشحة بسواد لباس عباءات نسائهم  .
ومع انهم لم يكونوا سببا" (لإحتلال) جديد لأرض العراق وما حدث كان بفعل سياسات غبية لنظام البعث فيه ، الا ان إخوان لهم في الوطن مع ساسة عرب طائفيون وجدت في متنفس الحرية الأخير إفراطا" بحق (رافضي) النظام العربي الشوفيني ، وبالتالي الوقوف سدا" منيعا أمام طموح مشروع ( لعبيد ) الامس من الحكم .
مشروع العدالة وحقوق المواطنة التي أريد لعراق اليوم الوصول اليه ، رافقه سوء أخلاق مزمن لشارع (آخر) تغلب عليه جلافة صحراء وقسوة قلوب أفرزتها ولاءات عمياء لحكام جور  .
ومرجعياتهم السياسية والدينية (المقاوم) منها للإحتلال والمهادن ، تستعد لركوب سفينة نجاة أمريكية تتجه نحوهم ، وبريق السلطة المنتزع (عنوة) ودهاء السياسة وقبول المحيط بهم وكرم متوقع غير مسبوق لعودة سريعة ، تجعل كفتهم ترجح ومبتغاهم قريب (وكل شيء يهون دون الطائفة) .
في المقابل وجد الأمريكيون أنفسهم أمام قوى سياسية ودينية منحها التغيير الأخير فرصة الحكم التأريخية وحقوق مواطنة حقيقية لم تحلم بها ، غطت شارعها تنظيرات إسلام سياسي راكدة في مستنقع الشك والريبة لكل ما هو غربي في حين كان المفروض منها السعي الحثيث نحو إيجاد وشائج علاقات حميمية وحلف إستراتيجي مع كل قوى التحرر والديمقراطية في العالم المتحضر بعد الذي لمسته من ظلم أيام محنتها الكبرى ، والإستعداد التام لحمل رزمة الأفكار والتوجهات التي تعمل بها قواها الفاعلة في الساحة ، ليبرالية وإسلامية لركوب السفينة والإبحار بها نحو شاطيء يحفظ لها دم أبناء يراد لهم ان يذبحوا من جديد ، ويجعل منها لاعب رئيسي في دعم مشروع امريكي في المنطقة وإسناده ، لتغيير نظم الإستبداد والتخلف ، وعكسه تكون الدائرة قد ظاقت والفرصة قد فاتت ولن تقوم لكم قائمة .





 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي السيد جعفر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/24



كتابة تعليق لموضوع : سفينة النجاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net