قبل ان ياتي الربيع
د . بهجت عبد الرضا
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . بهجت عبد الرضا
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مازال فصل الشتاء في العراق في بداياته وهي للآن بدايات خجولة فالصيف يأبى الرحيل النهائي ومازالت بعض خيوط الصيف تداهمنا من خلال حرارة الشمس في فترة الصباح والظهيرة. إذا فمادام الشتاء في بداياته فالربيع بعيد القدوم إلينا، ولكن هناك ربيعا نخشى قدومه ألينا وهو ما يسمى بالربيع العربي فنحن في بلدان العرب بلدان الغرائب والعجائب ويمكن للفصول أن تثور على سياقها الزمني الطبيعي فتأتي متى شاءت. الخشية من هذا الربيع موجودة على مستوى الشعب والحكومة وإن كانت الحكومة لوحدها تمثل عدة مستويات بسبب تعدد الجهات والأحزاب والانقسام الموجود حتى على مستوى الحزب الواحد. والخشية هذه مصدرها هو أن للجميع يدركون أن هذا الربيع لم يفعل شيئا سوى تمكين السلفيين أحفاد ابن تيمية وتلاميذ محمد عبد الوهاب وعملاء السعودية من التسلط على رقاب الناس وهؤلاء السلفيون لهم عشق خاص وولع كبير بالرقاب فهي تثير فيهم خيالات الذبح ورؤى السكاكين وهي تحز الرقاب. الربيع العربي شمل عدة دول ووصل إلى سوريا ولن تكون سوريا الأخيرة ونحن نعلم أن سقوط سوريا سيكون ذا نتائج وتداعيات كارثية على بلدنا معروفة لأغلب العقلاء. المهم، نحن الشعب العراقي المسكين وكما يقال باللهجة العامية "إلنا ألله" في حال وصل الربيع المشؤوم والسلفيون معه إلى العراق فنحن تعودنا على الضيم والبلاء منذ قرون وخصوصا القرن الماضي وإلى اليوم حتى تكيفنا مع الواقع المرير وصرنا نستغرب الهناء وراحة البال، ولكنني مشفق على ساستنا وأنا جاد في هذا الكلام، أتعلمون لماذا؟ لأن صدام الملعون لو تسنت له فرصة الفرار خارج العراق بعد عام 2003 فكان سيجد كثيرا من الدول العربية أو الأجنبية مستعدة لإيوائه وتوفير الحماية له ولكل من معه، فبالنسبة للدول العربية حتى التي كانت لها مواقف معادية لصدام كدول الخليج، فإنها كانت ستوفر لصدام المأوى ليس حبا به بل نكاية بالشيعة لا أكثر فمادام الشيعة بنظرهم إيرانيين فارسيين صفويين وأخبث من اليهود فإنهم مستعدون للتحالف مع اليهود ومع الشيطان مجسدا بشخص صدام ضد الشيعة، أما الدول الأجنبية فكانت ستوفر لصدام المأوى كجزء من التزاماتها الإنسانية حتى مع المجرمين، خصوصا ان صدام كان بارعا في إخفاء جرائمه على كثرتها فكان العراقيون يعانون ويموتون بصمت ولا من سامع لهم أو مجيب كما إن بعض الدول وعلى رأسها أمريكا تسترت عمدا على جرائمه، وبالفعل فقد هرب كثير من أزلام صدام الملطخة أيديهم بدماء العراقيين وحصلوا على اللجوء في بعض الدول الأجنبية. أما أنتم يا ساستنا، وبالذات قادة الأحزاب الدينية المحسوبة على الشيعة فستكونون أقل حظا من صدام، فالدول العربية لن تؤويكم فهي لا تقبل الشيعة كما تعلمون، والدول الأجنبية أيضا لن تقبلكم ففضائحكم صارت معروفة لكل الدول وأنتم لم تكونوا ببراعة صدام في إخفاء سرقاته وجرائمه، إذا فلا مفر لأغلبكم والاحتمال الأكبر هو انكم ستموتون في هذا البلد وبالتحديد ستموتون ذبحا بسكاكين مثلومة بأيدي السلفيين والغاية من السكاكين المثلومة هو تعذيبكم أقصى تعذيب قبل أن تموتوا كالخراف، فأنتم شيعة في نظرهم وإن كنتم بعيدين جدا عن روح مذهب التشيع وعن تعاليم أهل البيت عليهم السلام ولكن السلفيين كغيرهم يعملون بالظاهر. ولكن قد تكون أمامكم فرصة أخيرة قبل ان يأتي الربيع العربي والذي يبدو أنه مستمر بزحفه مادامت من ورائه أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، فرصتكم الأخيرة تتمثل في أن تصلحوا ما بينكم وبين الشعب، أن توقنوا أن الشعب هو من يبقيكم في المناصب وليس جهات اخرى غير الشعب سواء كانت داخلية أو خارجية، أن تتذكروا أن صدام كان أكثر منكم قوة وبطشا وامتلاكا للأزلام المطيعين ولكنه مع ذلك هوى وسقط كأي شئ تافه ومادمتم أقل منه عدة وعديدا فكيف سيكون حالكم؟ وللعلم فإني لست ممن يقول أن زمن صدام كان أفضل فقناعتي أن حالنا بعد عام 2003 أفضل من حالنا قبل 2003 أو على الأقل حالنا الآن أقل سوءا من حالنا قبل عام 2003 في زمن صدام وهذا شئ شرحته بالتفصيل في مدونتي الشخصية في مقال عنوانه "أيهما أفضل العراق في زمن صدام أم زمن ما بعد صدام" ولكن يا ساستنا الأعزاء مادام يمكن الارتقاء نحو الأفضل ومادام البلد يعج بالخيرات والثروات كما يعج بالمحرومين والفقراء فلماذا التواني وعدم توفير الحياة بأبهى صورها للشعب؟ لماذا تتقاتلون بينكم وخيرات البلد تكفيكم وتكفي الشعب وأجياله القادمة؟ لماذا تفشى الفساد بأنواعه بينكم كالسرطان وصرتم تحمون الفاسد وتمنعون محاكمته؟ الكلام يطول لو أردنا تعداد عيوبكم ولكن لا حاجة للتعداد فالحال معروف للجميع. لست أكتب مقالي هذا للتهكم والسخرية منكم أو للشتم والانتقاص بل إنها محاولة ربما يائسة لتنبيهكم وتذكيركم عـلـّـكـم وعسـاكم تصلحون بعضا من الذي فسد في هذا البلد وهذا والشعب، وتذكروا ان إصلاحكم لحال البلد والشعب يعني بقائكم في الحكم فترة أطول وأنتم بالتأكيد تريدون هذا. كونوا أنتم الربيع قبل أن يأتيكم ويأتينا الربيع......العربي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat