صفحة الكاتب : جعفر المهاجر

خيبة أمل العراقيين كبيرة وسفينة العراق في خطر
جعفر المهاجر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا نجانب الحقيقة أذا قلنا أن الكتل السياسية العراقية الحالية التي أفرزتها أنتخابات السابع من  آذار 2010 قد أثبتت وبالدليل القاطع بأنها أحبطت آمال الشعب العراقي في أنقاذ سفينة العراق من الأمواج الخطرة التي تحيط بها وأنها ابتعدت عن الأمانة الكبرى التي  وضعها الشعب العراقي في أعناق رموزها الذين يبتعدون يوما بعد يوم عن بعضهم البعض وتزداد الشكوك والريب بينهم  رغم تلك اللقاءات التي حدثت بينهم والتي تخللتها الكثير من الأبتسامات المصطنعة الزائفة التي خدعوا بها شعبهم  ولم تسفر عن أية نتيجة أيجابية ملموسة تخرج العراق من عنق الزجاجة التي وضعها هؤلاء السياسيون فيه فما أن يسمع المواطن العادي أن تقاربا حصل بين الكتلة الفلانية والكتلة الفلانية من وسائل الأعلام ولم تمض ساعات حتى تتبخر تلك الأحلام  ويبدأ سيل الأتهامات المتبادلة بأن القائمة المعينة هي السبب في أجهاض الوصول ألى حل وهكذا استمرت تلك الأتهامات ولم تنقطع طيلة هذه المدة التي قاربت على الخمسة أشهر فذهبت دون أن تترك أثرا سوى الأنقسامات والتوتر وألغام الساحة العراقية الملغومة أصلا بالمزيد والمزيد من الشرذمة والأحباط  والخيبة وبات المواطن العراقي الذي ذهب ألى صندوق الأنتخاب نتيجة المناشدات والوعود  البراقة والخلابة والوردية التي كانت تترى عليه من كل حدب وصوب والتي صرف عليها الكثير والكثير من الأموال  لكنها جاءت على غير ماتشتهي السفن وكانت رياح هؤلاء السياسيين الذين أفرزتهم الأنتخابات معاكسة تماما لرغبة الشعب العراقي الجامحة التي تطلعت ألى رؤية حكومة قوية قريبة من نبض ملايين المحرومين  تليق بالعراق وشعبه وحضارته وتأريخه  قادرة على النهوض بمسؤولياتها الأخلاقية والوطنية في التخفيف من جراح الشعب العراقي الكثيرة التي تراكمت وتوالت فوق بعضها البعض دون أي علاج فعال ومؤثر  وجذري. فهل هذه المساجلات وهل هذا الجدل البيزنطي العقيم وهل هذه الخطوط الحمر التي توضع من قبل هذه الكتلة أو تلك هي المشروع الوطني الذي وعد به هؤلاء السياسيون  شعبهم؟ وهل صيغ دستور العراق ليكون لافتة  تلوح  بها هذه الكتلة أو تلك وتحاجج به صباحا وتلعنه مساء وتنتقي منه ماتشاء وترفض منه ماتشاءوالشعب يعاني الأمرين  ويتجرع غصصا مابعدها غصص وهو يرى من يريد أن يتولى أمره وكأنهم أصبحوا مجموعة من الصبيان وهم يخوضون في بركة موحلة ولا  يرغبون بالخروج منها ألا بحدوث معجزة من السماء؟ومن حق كل مواطن عراقي مغلوب على أمره أن يتساءل  ألى متى ستستمر هذه الدوامة ؟وماهي المقبولية السياسية التي يتحجج به هذا الطرف أو ذاك   تجاه طرفه المقابل لكي تتألف هذه الحكومة العتيدة التي طال انتظارها وترى النورويتنفس الشعب الصعداء ؟وأذا لم تترسخ القناعة في أذهان  قادة هذه الكتل السياسية بالعملية الديمقراطية  نتيجة ترسبات لايستطيعون التخلص منها  فماذا ستكون النتيجة وألى أين ستتجه سفينة العراق بعد رحيل الأحتلال ؟ أليس من حق المواطن العراقي أن يشعر بالقلق من عالم المجهول الذي  وضعه هؤلاء  السياسيون فيه؟والمليشيات وقوى الأرهاب تنتظر انهيار الأوضاع   لكي توجه المزيد والمزيد من  السهام في خاصرة العراق؟تساعدها في ذلك قوى خارجية سوداء تمتلك المال والأعلام لكي تنقض على هذه التجربة رغم  في أقرب فرصة سانحة؟  أسئلة كثيرة تتردد على لسان كل مواطن حر شريف غيور على تربة العراق ومستقبله بعد أن أشبع الكتاب والمحللون هذا الموضوع بحثا وكل أدلى بدلوه سواء أصاب أو لم يصب وكأن كل هذه الحناجر النقية التي ترتفع وكل هذه الأقلام الشريفة التي تناشد هؤلاء السياسيين ذهبت مع أدراج الرياح ولا قيمة لها في نظرهم ماداموا غارقين في أنانيتهم ونرجسيتهم ورغباتهم الشخصية في الوصول ألى المناصب التي يحلمون بها فأصموا آذانهم وأغمضوا عيونهم عن سماع أستغاثات العراقيين ونداآتهم المتكررة  وبقيت مرارة     المواطن العراقي في حلقه كالعلقم وهو  يشهد  يوميا دماء طاهرة  تسفك وكرامات تنتهك على أيدي برابرة الأرهاب وضباعه الذين وجدوا الساحة مفتوحة أمامهم لآرتكاب المجازر والفضائع في  كل بقعة مقدسة من أرض العراق يستطيعون الوصول أليها فيوم في  بعض مناطق بغداد  الجريحة ويوم  في كربلاء ويوم في الشرقاط ويوم في الأعظمية ويوم في الفلوجة ويوم في الكوت التي كانت بعيدة عن أيدي هؤلاء الأرهابيين وأهدافهم الجهنمية الأجراميه  وقد وصلتني أخبار مؤكدة من أهلي ومعارفي في الكوت العزيزة بأن الشهداء يعدون بالعشرات وأن السيد المحافظ التي اتصل بمحطة العراقية لم يذكر الحقيقة المؤلمة التي كانت غير ذلك وحصر الشهداء بثلاثة فقط. لقد وصلت     جرائم هؤلاء الأرهابيين القتله  ألى حد الحقد على الشهداء وأحراقهم بعد قتلهم كما حدث في الأعظميه وقد قال رسول الله ص (المثلة حرام ولو كانت في الكلب العقور) فأين هؤلاء السفاحين من الأسلام ومن أي دين سماوي آخر؟  أنهم  بذلك يريدون من العراق أن يكون ساحة لجرائمهم ومرتعا ثرا لفسادهم وأفسادهم الذي  بلغ الآفاق  وهكذا دواليك فكلما تأخر موعد أخراج هذه الحكومة ألى العلن كلما دفع الشعب العراقي أثمانا باهضة أخرى وأكثرها  وجعا وأيلاما هي سفك هذه الدماء البريئة الطاهرة  التي لم ترتكب ذنبا من قبل أعتى القتلة والمجرمين الذين ابتلى بهم العراق.وكأن كل هذه الأحداث الجسام  أصبحت أحداثا عادية بسيطة بالنسبة لهؤلاء السياسيين الحالمين بالسلطة والجاه والمال؟ وأن الشيئ الأهم الذي يشغل  بالهم هو الوصول ألى أهدافهم الشخصية ومنافعهم الحزبية ولو على جثث الأبرياء وهم يتبجحون ب (الديمقراطية ) التي يذبحونها في كل لحظة ويتغنون بها ظلما وعدوانا كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته . ولو حدثت  هذه الأحداث الجسيمة في بلد  آخر لتغيرت الكثير من الأمور.

ولا يمكن لأي شخص بسيط في العراق أن يتجاهل هذا الكم الهائل من المتربصين بوطنه من الذين يسيل لعابهم وتداعبهم أحلامهم في وأد العملية  السياسية رغم فقرها وتعثرها لأنهم  لايرغبون بأن يروها ولو بأبسط صورها فهم يحلمون  بقبرها ألى  الأبد والعودة ألى الحكم  الدكتاتوري البغيض لكي ترضى عنه هذه الأنظمة المحيطة بالعراق  وتقول للعالم لايمكن لنظام كهذا أن يعيش في منطقتنا فمنطقتنا مغلقة على الديمقراطية وهي لاتلائم منطقتنا أبدا قال الشاعرالمتنبي  والقضية لاتتعلق أبدا  برفض نوري المالكي أبدا لكنها أبعد من ذلك بكثيروكما يقول الشاعر :

وشبه الشيئ منجذب أليه-وأشبهنا بدنيانا الطغام

لقد بدأت كل  الأنظمة الأستبدادية  المعادية للعملية السياسية في العراق توجه أعلامها ليبين عقم هذه العمليه وضررها على الشعب العراقي وتمزيقها لوحدة العراقيين ومع الأسف الشديد لقد أعطى سياسيوا العراق الحاليون المثل الأسوأ  لمعظم السياسيين في العالم  ومنحوا ويمنحون  المبررات المجانية لهذه الأنظمة المستبدة لتقول أن الديمقراطية لاتصلح لمنطقتنا أبدا لأنها تقودنا للضياع والدمار وتدمير الأوطان وأذا لم تصدقوا أنظروا بأعينكم كيف  يضيع العراق الآن .!!!

لقد بدأت بعض الأصوات ترتفع هنا وهناك لأيجاد صيغ ترقيعية باهتة  تزيد الطين بلة وماهي ألا دعوات للهروب من الحل الحقيقي في تأليف حكومة عراقية قوية بعد الأنتصار على الذات ووضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار فمن قائل يقول أن الحل في تقاسم السلطة بين القائمة العراقية  التي يرأسها الدكتور أياد علاوي وقائمة دولة القانون التي يرأسها الأستاذ نوري المالكي وهذا (الحل ) المنشود من قبل هؤلاء سيدخل العراق في متاهات جديدة كبرى وسيستمر الصراع داخل السلطة على أشده وسينقسم الجهاز الحكومي والوزارات ألى قسمين وهي لاتختلف عن حكومة المحاصصات السابقة التي عانى منها أبناء الشعب العراقي الأمرين وسيزداد التشرذم بين المركز والمحافظات وسيحرق الفساد الأخضر واليابس وسيغني كل مسؤول على ليلاه والنتيجة أغراق العراق في بحر من الفوضى لايعلم ألا الله مداها.

أما الأصوات التي تطالب بأعادة الأنتخابات فهذا الرأي أسوأ من الرأي لأن الشعب  مازال يتجرع الغصص من الأنتخابات السابقة ويراد له أن يزج في أنتخابات أخرى تصرف فيها الكثير من الجهود المضنية والأموال الطائلة التي يحتاجها العراق في بناء بنيته التحتية المدمرة وعلى الأخص الكهرباء  شبه المعدومة في صيف حار لاهب تجاوزت درجة الحرارة فيه ألى أكثر من  خمسين درجة مئوية  وستبقى المراكز خاوية لاتضم ألا المقيمين عليها وعلى المواطن أنتظار سنة أخرى من الصراعات والتهم بالتزوير وربما أعادة الفرز هنا وهناك  في ظل هذه الأوضاع المزرية والمأساوية  (وجيب ليل وخذ عتابه ) و(تيتي تيتي بيش رحتي وبيش أجيتي ) كما يقول  المثلان العراقيان ولا يمكن لشعب ذكي مثل الشعب العراقي أن يلدغ من جحر مرتين خلال ظرف قصير.وهناك من تفتق ذهنه باختيار شخص رئيس الوزراء من خارج الكتل السياسية أو من الذين حصلوا على أصوات ضئيلة لاتؤلهم لأن يتبوؤا منصب رئيس وزراء العراق  ك( مرشح تسويه )كما يسمونه   وهو أمر عقيم لايرضى به العراقيون الذين ذهبوا ألى صناديق الأقتراع وأدلوا بأصواتهم وهذا الحل استهانة كبرى بتلك الأصوات التي كانوا هم أنفسهم يعتزون بها ويطالبون  الشعب بأن  يذهب  ألى صناديق الأقتراع لينتخبوا من يثقوا بهم وأن صوت كل ناخب لديهم هو صوت (مقدس)على حد زعمهم  أما اليوم فأنه أصبح عديم الجدوى ولا يلتفت أليه وهذه من أغرب الأمور التي لم ينساها العراقيون في أنتخابات مقبلة .

أما المطالبون  بتدويل القضية في مجلس الأمن فهو كمن يدفن رأسه في الرمال فمجلس الأمن أعجز من أن يحل قضية مثل القضية العراقية  والحل لاينبع ألا من داخل العراق ومن أهل العراق الذين لم تلوثهم المطامع الشخصية الجامحة  في الوصول ألى السلطة  من أجل السلطة فقط.

أن مصيبة العراق هي عدم اعتراف أية كتلة سياسية بأخطائها وتصرفاتها وكل كتلة تلوم الأخرى في تعثر الحل وتبرئ نفسها من كل خطأ وتعتبر نفسها  هي الأصلح لحكم العراق  وينطبق عليها بيت الشاعر الراحل أحمد شوقي التهكمي :

لايلم بعضكم على الخطب بعضا-أيها القوم كلكم أبرياء.ولا أحد يستطيع أن يبرئ نفسه ويرمي أخطاءه على الآخر والكل يتحملون المسؤولية في تعثر المشهد .

أن الحل الوحيد الذي أراه برأيي المتواضع كمواطن عراقي للخروج من هذه الأزمة الخانقة هو أن يبادر الأغلبية من نواب الشعب الذين منحهم الشعب ثقته  بأنهاء هذه المهزلة ويقطعوا هذه  البدعة الجديدة (الجلسة المفتوحة)  ويجتمعوا اجتماعا طارئا تحت قبة البرلمان بأسرع  وقت ممكن دون رغبة رؤساء كتلهم باسم الشهداء الذين سالت دماؤهم على أرض العراق وباسم الأرامل والثكالى والأيتام وباسم الشعب العراقي المظلوم الصابر المصابر ليعلنوا عن براءتهم من هذا الوضع الشاذ الذي وضعه رؤساؤهم فيه ويقوموا بكل شجاعة ورباطة جأش  بانتخاب الرؤساء الثلاث   وبذلك سيسجل التأريخ لهم موقفا شجاعا لاينساه الشعب العراقي وتتعزز ثقته بمن انتخبهم .    ولابد أن أوجه التحية ألى النائب الشجاع البطل الشيخ صباح الساعدي الذي وضع النقاط على الحروف وأدان هؤلاء السياسيين بأعلى صوته واعتبرهم (دعاة أزمة )وليسوا (دعاة حل ) كما يزعمون وبدون ذلك فلينتظر العراقيون الحل من الخارج  ليشكل لهم الأمريكان وحلفائهم  (حكومة أنقاذ) ولكن بعد سفك المزيد والمزيد من سفك دماء العراقيين الأبرياء على أرض العراق الجريح التي  ارتوت بدماء العراقيين.ولم يعد في القوس منزع.

جعفر المهاجر

4/7/2010


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر المهاجر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/04



كتابة تعليق لموضوع : خيبة أمل العراقيين كبيرة وسفينة العراق في خطر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net