صفحة الكاتب : علي فاهم

ابني المشاكس
علي فاهم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لي إبن مشاكس لا يرتاح حتى يراني انتزع ما تبقى من شعر رأسي الذي وزعته على مصائب العراق و يبدو أن رأسي سيتصحر كما هي بساتيننا التي جف و يبس ترابها و ارتحل عنها اللون الأخضر و غدت صفراء مهملة تحنُ الى تلك الايادي السمراء الخشنة التي كانت ترعاها , عندما غادرها أبنائها مرغمين الى جبهات الحروب حيث لا ناقة لهم فيها و لا جمل   و سيغدو راسي بلا ادنى شك أبيض بلا شَعرٍ يواسي العراق مصائبه و ياليت العراق يواسيني كما أواسيه , ابني هذا خبير في إثارتي على السادة المسؤولين في كل زمان و مكان , رغم أني أحاول التهرب من بساميره و مطرقته للحفاظ على حياتي المتهالكة ببقاء بعض من الهدوء الزائف و المصطنع فلا هدوء مع هذا السيل العارم من الأحداث و الأخبار التي تسبب الجلطة  و بسبب الأمراض التي منيت بها و يتقاسمها العراقيون بأجمعهم كالسكر و الضغط و الفقر المزمن في حب الوطن الذي لا علاج له حتى في الخارج ,

جاء متعثراً يجر خيبته في حقيبته الثقيلة , مطئطئاً رأسه و الدموع تترقرق في عينيه و يده تحمل ورقة صفراء يحاول إخفائها خلف ظهره , لأول مرة لا يحصل على درجة كاملة وهذه أول مرة يذوق طعم الخسارة المر و لا يدري أننا إنغمسنا بالمرارة حتى هاماتنا منذ قيل لنا أن وطنكم أسمه العراق  و رافقتنا الخيبات تجرنا و نجرها حتى يومنا هذا ,

 لماذا ؟مالذي حدث ؟ أنت السبب !!! قالها بحرقة و دموع حمراء  شبعت بكاءاً.... أنا ؟ نعم ... نقلتني الى مدرسة بثلاث دوامات , و كاعد برحلة يشاركوني أربعة بالجلوس عليها , و صف مفتوح على البرد و المعلم ما ادري شبيه ؟ أنت المسؤول ... أنت ...

يا للمفارقة أخيراً أصبحت أنا مسؤول ...!! أنا الذي كان لساني كالمنشار على المسؤولين ركنت بخانتهم و أنتقلت من جهة المعارضة التي أحتلها أبني و بنقلة نوعية أصبحت في جهة المسؤولية , وقفت كأن السماء سقطت على رأسي مذهولاً أمام أبني و ترهلت أكتافي مستشعراً ثقل المسؤولية عن تلك الدموع التي قطعت نياط قلبي .

نعم لست مسؤولاً مباشراً عما حدث لابني و لكني لم أتحمل أن أقف أمام من أنا مسؤول عنه يحاسبني و يواجهني بما اقترفت يداي !! تذكرت و انا في هذا الموقف ماهو شعور الأخوة المسؤولين عندما يقصروا بواجباتهم و هم مقصرون لا محالة و لكن يبدو انه لا توجد عيون توقفهم أو أصوات تحاسبهم هذا ان لم تكن تلك الاصوات ترفعهم مرة أخرى , يا للخيبة المتكررة ,  و تعود حليمة الى عادتها القديمة في تقليب كفيها على بعضهما و عض أصابعها و الصراخ من الألم في غرفتها المغلقة ,

اما ابني فلم اجد حلا لي الا ان اجتر له ما بلعته سابقاً من وعود اطلقتها له و ها انا اكرر له تلك الوعود و اضيف لها وعداً أخر ان انقله الى مدرسة أخرى فيها بدل الدوامات الثلاثة دوامين أثنين و الله المستعان على ما تقترفه أيدينا . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي فاهم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/09



كتابة تعليق لموضوع : ابني المشاكس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net