"الأزمة الخامدة" بين العراق وليبيا.. "تحت رماد" بسبب صدام حسين والقذافي ؟!!
وكالة انباء النخيل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 -لم تتحسن العلاقات بين العراق وليبيا كثيرا، وظلّ الفتور يشوبها حتى مع رحيل معمر القذافي الذي لطالما عادى نظامي الحكم السابق والحالي في بلاد الرافدين كما ساد هذه العلاقات التذبذب رغم وصول قادة جُدد ذوو خلفيات إسلامية إلى سدتي الحكم، أخرها كان في البلد الصحراوي الذي عُرف سابقا بـ"الجماهيرية".

 
حال القطيعة وما بعدها من "علاقة متوجسة" صبغت الأجواء بين البلدين طيلة عقود خلت، والناتجة عن خلافات رسمية ومواقف مزاجية متخذة آنذاك من قبل رئيسيهما الراحلين، تُعتبر شواهد تاريخية لا تزال إطلالها شاخصة رغم محاولات من الجانبين لمحو أثارها الراسخة.
 
وعلى ما يبدو، فإن تلك الآثار ألقت بظلالها في الوقت الحاضر أيضا، إذ تُفيد تسريبات مصدرها نائب عراقي مُقرب من دائرة صنع القرار، بأن الوضع المرتبك بين بغداد وطرابلس وصل إلى حد التأزم، نتيجة وصول المحادثات بين الجانبين حول ملفات مشتركة وأخرى تخص الأوضاع في المنطقة، إلى طريق مسدود.
 
المُشرع المُطلع على ملف العلاقات الخارجية لبلاده، أكد إن أزمة سياسية أخذت بوادرها تظهر في الأفق بين البلدين بل قد تكون وقعت فعلا، بعد محاولات ليبية عبّر مراسلات ووفود رسمية زارت بغداد لفرض أجندات وأهواء دول خارجية على طبيعة العلاقات الثنائية.
 
ومن الأمور التي ترى فيها أوساط المراقبة دليلا على صحة هذه التسريبات، هو تأخر طرابلس في تسمية سفير لها في بغداد رغم إعلانها رسمياً في الخامس من سبتمبر الماضي، إعادة استئناف علاقاتها الديبلوماسية الكاملة مع بغداد، في حين لم تسم الأخيرة سفيرها في طرابلس حتى الآن، وهي المتوّقة جدا لاستئنافها علاقاتها مع كافة دول العالم وخصوصا العربية منها، لأبعاد شُبهات التقارب مع إيران على حساب العرب.
 
ثمة اعتقاد سائد، بأن السبب الظاهري وراء هذا "البرود" في العلاقة بين نظامي الحكم الجديدين، يكّمن في رفض بغداد تسليم السجناء الليبيين القابعين في سجونها منذ سنوات إلى طرابلس التي طالبت باستعادتهم لتكملة باقي عقوباتهم في بلدهم الأم بيد إن هناك "تأثيرات خارجية" تعيق عودة المياه إلى مجاريها بين هاذين البلدين الخارجين من حكم "ديكتاتوريظ" مقيت.
 
مصدر التسريبات العراقي الذي فضل إبقاء اسمه طي الكتمان لحساسية الموضوع، كشف عن رسائل موجهة من دولة صاعدة حديثا على الساحتين الإقليمية والعالمية، حملتها وفود ليبية طُلب فيها من الحكومة العراقية تغيير موقفها من الأزمة السورية تحديدا، ويُفهم من كلامه هذا أنه يغمز من قناة دولة قطر التي لا ترتبط بعلاقات جيدة مع حكومة العراق.
 
مضمون تلك الرسائل، يلخصه البرلماني الذي ينتمي إلى كتلة الائتلاف الحاكم، في أمور رئيسية رفضتها بغداد جملة وتفصيلا، وهي «منع إمداد الأسلحة الإيرانية للنظام السوري، والمساهمة بتسليح المعارضة السورية أو على أقل تقدير غض الطرف عن عملية تسليح الثوار عبر الحدود العراقية، والضغط على حاكم دمشق لأجل التخلي عن سدة الحكم وإقناعه بمغادرة سورية».
 
وإلى أبعد من مضمون الرسائل تلك، يؤكد المشرع إن ضغوطا تمارسها دول خليجية داعمة لثورات الشعوب العربية وباتت مؤثرة في المشهد الليبي وغيره من بلدان الربيع العربي لمنع عودة العلاقات مع بغداد، لأسباب طائفية بحتة وهنا يقصد مطالب دول عربية خليجية تحديدا من بغداد تضمنتها الرسائل، لفك الارتباط مع إيران، الجار الشرقي والحليف الاستراتيجي للعراق.
 
ودائما ما تُتهم حكومة بغداد من قبل عواصم عربية بإقامة علاقات طيبة مع طهران على حساب علاقاتها مع دول المنطقة، وتلام على اتخاذ موقف داعم ومناصر لنظام الحكم البعثي في دمشق على حساب المعارضة، وهو ما تنفيه نفيا قاطعا وتبرر "حيادها" إزاء ثورة السوريين للنأي بنفسها عن التورط بدماء السوريين، كما تفعل دول من المنطقة وخارجها.
 
المؤشرات على أراض الواقع، تدّل إن حال التوجّس والفتوّر ظل طاغيا على العلاقات بين بغداد وطرابلس، رغم استمرار المحادثات الثنائية بين كبار مسؤولي البلدين خلال الفترة الماضية، والتي كان ولا زال هدفها الرئيسي بط مسار تلك العلاقات وإعادتها إلى حالتها الطبيعية.
 
حتى إن مشاركة رئيس مجلس الحكم الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل في مؤتمر القمة العربية المنعقد في بغداد نهاية مارس الماضي، وما سبقها من تقاطر لمسؤولين من الدولة الليبية على بغداد في مقدمتهم رئيس الوزراء السابق محمود جبريل، وسليمان الفورتية، مسؤول ملف السجناء الليبيين في العراق إبان عهد الحكومة الانتقالية، لم تنفع كثيرا في تحريك المياه الراكدة.
 
وسبق أن اعترضت العلاقات بين ليبيا والعراق عقبات عدة.. ففي 1980 سحب الديكتاتور العراقي صدّام حسين الاعتراف بالجماهيرية الليبية التي أعلنها معمّر القذافي، بعدما انحازت ليبيا إلى إيران في حربها مع بغداد في حين رفض صاحب "الكتاب الأخضر" الاعتراف بنظام الحكم الجديد الذي تأسس في عراق ما بعد 2003، قبل أن يحصل تقارب حذر بين البلدين عشية القمة العربية التي عقدت في مدينة سرت الليبية في أكتوبر 2010، أسفر عن مشاركة عراقية خجولة في هذه القمة التي رفضت الدولة المستضيفة تمثيل العراق فيها.
 
ما يدُل على حقيقة وجود "الأزمة المستترة" تحت غطاء ملف السجناء الليبيين، هو رفض الجهات الرسمية العراقية الإدلاء بأي تصريح حيالها رغم اتصالات متكررة على مدار يومين أجرتها مصادر اعلامية مع مسؤولين رفيعي المستوى.
 
حتى إن وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي، وهو الشخص الثاني في هرم الديبلوماسية العراقية، أمتنع عن التعليق على أي سؤال بخصوص هذا الموضوع بحجة انشغاله، ووعد بالرد على الأسئلة في اليوم التالي، لكنه لم يُجب على الاتصالات الهاتفية المتكررة، وهو ما فعله تماما زميله وكيل وزارة العدل بوشو إبراهيم.
 
وثمة اعتقاد آخر، بأن هناك رابط بين "الأزمة المستحدثة" في العلاقات العراقية مع ليبيا وحادثة رفض سلطاتها الملاحية، مرور طائرة خاصة كانت تقّل رئيس البرلمان أسامة النجيفى ووفد نيابي كبير عبر الأجواء الليبية منذ شهرين، وقررت إعادتها من الجو إلى مطار القاهرة قبل إن تسمح بمرورها بعد ثلاث ساعات ظل خلالها الوفد العراقي داخل الطائرة.
 
وكما هو معلوم، فأن "التأثيرات الخارجية" ليس وحدها سبب في "الأزمة الخافية"، بل هناك ملف السجناء الليبيين القابعين في السجون العراقية منذ سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب وغيرها، بعد رفض بغداد الموافقة على طلبات تقدمت بها طرابلس الغرب في شأن تبادل المحكومين، سيما وأن الأخيرة قدمت مشروع اتفاقية بهذا الشأن لم يتم الموافقة عليه من قبل الجانب العراقي حتى الآن، ولا يبدو ذلك ممكنا في المستقبل.
 
وفي هذا السياق، وصف مصدر ديبلوماسي ليبي مطلّع، ما يجري بين البلدين بأنه «أزمة خامدة تحت رماد ملف السجناء الليبيين، مؤكدا إن رسائل احتجاجية وصلت من طرابلس الغرب إلى بغداد على ما تراه "تجاهلا عراقيا لقضية هؤلاء السجناء".
 
المصدر الديبلوماسي الذي طلب هو الأخر عدم البوح باسمه لعدم تخويله بالحديث مع وسائل الإعلام، كشف عن اتصالات متوالية أجرتها السلطات الليبية التنفيذية والتشريعية مع نظيرتها في العراق خلال الآونة الأخيرة، عبر مبعوثين رسميين بهدف إطلاق كافة المعتقلين الليبيين القابعين في السجون العراقية.
 
وطبقا لهذا المصدر، فأن التكتم يلُف مصير هذه الاتصالات التي مضى عليها قرابة السنتين، ومنها رسائل كتابية كان بعثها وزير الخارجية الليبي السابق عاشور بن خيال إلى نظيره العراقي هوشيار زيباري، رافضا التطرق لأي شيء يتعلق بالسياسية.
 
وما زاد الطين بلّه في هذه القضية، هو اعتقال السلطات العراقية في منتصف سبتمبر الماضي للديبلوماسي الليبي احمد الشامي الناشط الحقوقي الذي كُلّف رسمياً من قبل دولته للتباحث في شأن ملف السجناء الليبيين، قبل أن تفرج عنه الأربعاء الماضي، وفقا للوكيل عباوي.
 
الديبلوماسي الليبي يرجّح أن يكون اعتقال الشامي له صلة بواقعة مقتل السفير الأميركي في مدينة بنغازي الليبية، سيما وان اعتقاله تم بعد أيام من وقوع أحداث السفارة الأميركية في بنغازي التي ينتمي إليها غالبية المتورطين في مقتل سفير الولايات المتحدة، مؤكدا إن ترجيحه هذا على افتراض صحته يعتبر "تأثير أميركي على الموقف العراقي".
 
وبينما اعتبرت أوساط ليبية سبب الاعتقال بمثابة عرقلة لجهود الشامي في متابعة ملف السجناء(...)، إلا إن البعض وضعها في خانة رّد فعل على اعتقال سبعة إيرانيين نهاية يوليو الماضي في بنغازي، كجزء من التنسيق في المواقف بين بغداد وطهران لكن ما قلّل من شأن هذه الفرضية هو الإفراج الذي تم عن هؤلاء الإيرانيين في أكتوبر الماضي.
 
وتبقى تبعات قضية السجناء الليبيين البالغ عددهم 11 فردا وينتظر احدهم تنفيذ عقوبة الإعدام بحقه بعد أن تم تأجيلها مطلع الأسبوع المنصرم، تنذر بما هو أشد وأخطر من الأزمة السياسية، خصوصا بعد أن هدد متظاهرون غاضبون في مدينة بنغازي قبل أسبوع، بردة فعل بـ"السلاح" قد تطال الرعايا العراقيين المقيمين في ليبيا في حال إقدام حكومة بغداد على تنفيذ حكم الإعدام سالف الذكر، وعدم حل قضية أبناء جلدتهم المسجونين في العراق.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وكالة انباء النخيل

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/19



كتابة تعليق لموضوع : "الأزمة الخامدة" بين العراق وليبيا.. "تحت رماد" بسبب صدام حسين والقذافي ؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net