صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

انواع النفس رؤية قرانية
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد واله الطاهرين

 

اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِـرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها، اَللّهُمَّ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ بِذِكْرِكَ، وَاَسْتَشْفِعُ بِكَ اِلى نَفْسِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ اَنْ تُدْنِيَني مِنْ قُرْبِكَ، وَاَنْ تُوزِعَني شُكْرَكَ، وَاَنْ تُلْهِمَني ذِكْرَكَ، اَللّهُمَّ اِنّي أَسْأَلُكَ سُؤالَ خاضِع مُتَذَلِّل خاشِع اَنْ تُسامِحَني وَتَرْحَمَني وَتَجْعَلَني بِقِسْمِكَ راضِياً قانِعاً وَفي جَميعِ الاَْحْوالِ مُتَواضِعاً،

 

ــــــــــــــــــــ

من الحقائق القرآنية التي اكد عليها الله سبحانه وتعالى في أكثر من موقع في الكتاب العزيز هي حقيقة الأنواع او المراتب التي تتصف بها نفس الإنسان .

فالقران يتحدث عن مجموعة من الأنواع  تتصف بها نفس أي واحد منا سواء كان ذلك تكاملا أو تسافلا ومن المهم ان نعرف هذه المراتب لان معرفتها خطوة مهمة في حصول تهذيب النفس الذي أكد عليه الشرع العظيم من خلال جهاد النفس والسيطرة عليها و توجيهها نحو الله سبحانه وتعالى .

ونحن حينما نطالع القران نجده يتحدث عن أهمية تربية النفس فقد قال تعالى { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {النازعات/40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {النازعات/41}  واجمالا نجد ان مراتب النفس في القران هي :

 

1-           النفس الإمارة :

فقد قال تعالى {وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {يوسف/53} وهي التي تأمر الإنسان بالسير نحو المعاصي والسيئات وقد ورد في الروايات ذمها بصورة كبيرة جدا فقد روي ان أمير المؤمنين مر بقتلى الخوارج بعد المعركة وقال (( بؤسا لكم لقد غركم من ضركم فقيل له : من غرهم يا أمير المؤمنين ؟ فقال (ع) : الشيطان المضل والأنفس الأمارة بالسوء )) وتوجد لدينا مناجاة كاملة وردت في الصحيفة السجادية باسم " مناجاة الشاكين " يتناول بها الإمام السجاد (ع) بصورة رائعة ومفصلة هذه الصفة وهذه الحال التي تكون في نفس الإنسان المذنب والبعيد عن الله تعالى فيقول (ع) (( الهي إليك أشكو نفسا بالسوء أمارة – الإمام (ع) هنا يصفها وصفا رائعا ودقيقا : (( والى الخطيئة مبادرة " ثم ماذا " (( وبمعاصيك ملوعة " وبعدها "  (( ولسخطك متعرضة )) وهذه النفس حتما تكون " تسلك بي مسالك المهالك * وتجعلني عندك أهون هالك – ثم يتحدث لنا الإمام عن طرقها وأساليبها (( كثيرة العلل * طويلة الأمل * ان مسها الشر تجزع * وان مسها الخير تمنع * ميالة الى اللعب واللهو مملوءة بالغفلة والسهو * تسرع بي الى الحوبة وتسوفني بالتوبة )) هكذا هي كما وصفها الإمام السجاد(ع) خطر في خطر تدعونا الى ان نمارس كل أشكال المعاصي والذنوب ومن هنا ورد المدح الكثير في ان يجاهد الإنسان نفسه وكان جهادها هو الجهاد الأكبر مقابل جهاد العدو الذي هو الجهاد الأصغر .

والخطوة المهمة في تكامل الإنسان  ان يسيطر على نفسه ويحارب الامارة بالسوء وقد اكد على ذلك سيدنا الولي في اكثر من مورد وقد وصفها بالإخطبوط حين قال " لان الإخطبوط وهو النفس الأمارة بالسوء متلبسة من حد الراس الى أسفل القدم فكيف يكون خوش ادمي الا بتسديد من الله وتوفيق من الله لو أوكلت الى نفسي فشلت بالان واللحظة وصرت انجس الخلق على الإطلاق "

 

2-           النفس اللوامة :

قال تعالى {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ {القيامة/2} وهي التي تندم على ارتكاب الذنب والمعصية فتحصل عند الإنسان حالة اللوم والمعاتبة مع نفسه وهنا اما يترقى الإنسان باستغلال حالة الندم فيكون تائبا او يتردى بالعودة لحالة النفس الأمارة بالسوء وكثيرون منا الذين يتحرك عندهم هذا الحال من حيث الندم على ارتكاب الخطأ والمهم والصحيح ان ننتهز الفرصة هذه ونقوي الحالة فعلينا أيها الإخوة ان نمارس الندم عند صدور أي تقصير وان نتألم ونلوم أنفسنا الأمارة فإذن النفس اللوامة مرتبة اعلى من الأمارة وهي الحالة التي اذا قويت نستطيع من خلالها ان نواجه إخطبوط النفس الأمارة بالسوء حيث ان النفس اللوامة والنادمة هي باب للتوبة  لانه ورد " كفا بالندم توبة " فقد قال  الصادق (ع) : (( وان المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له وان الكافر لينساه  من ساعته )) اذن الطريق المعبد لدخول التوبة والخلاص من النفس الأمارة بالسوء هو طريق النفس اللوامة  ولأهميتها جعلها الله تعالى مدارا القسم حيث قال " ولا اقسم بالنفس اللوامة " وأيضا النفس اللوامة هي مفتاح البداية للمحاسبة التي أكد عليها الشرع العظيم فقد قال الأمام الكاظم (ع) : (( ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فان عمل صالحا استزاد الله تعالى وان عمل سيئة استغفر الله تعالى منها وتاب اليه )) ومن هنا ايضا نجد ان الفرصة موجودة للتوبة وليس علينا سوى ان نبادر اليها فقد قال السيد الولي في إحدى خطب الجمعة (( وعلى أي حال فباب التوبة مفتوح ويد الرحمة الإلهية ممدودة لكي نتلقى أي واحد من البشر بالترحاب ))

وقد أشار بعض العلماء ان النفس اللوامة تكون متعرفة على طريق الخير والشر حيث ان الله الهم الإنسان ذلك وبينه له فقد قال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {الشمس/7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا {الشمس/8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {الشمس/9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {الشمس/10} ويرى بعض اخر من العلماء ان النفس الملهمة هي اعلى  مراتب النفس حيث مرتبة الطهارة من الذنب التي يكون بها الانسان ملهما من الله تعالى ويستطيع ان يميز  طريق الخير وطريق الشر بنفسه .

 

3-           النفس المطمئنة الراضية المرضية :

فقد قال تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {الفجر/27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً {الفجر/28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {الفجر/29} وَادْخُلِي جَنَّتِي {الفجر/30} فبعد ان يتخلص الفرد  ويسيطر على نفسه الامارة بالسوء من خلال تنشيط حالة اللوم والندم والدخول للتوبة والثبات الحقيقي على طاعة الله يصل الى مرحلة النفس المطمئنة حيث تطمئن النفس  بالرضا الإلهي وتكون ساكنة غير مضطربة  بمعصية الله تعالى والاطمئنان هو سكون القلب الى شيء  وعدم اضطرابه وقلقه . وليس هناك شيء تطمئن إليه القلوب مثل ذكر الله " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "  ونحن هنا لدينا عدة وقفات نافعة وجليلة :

أولا: ان الله تعالى خاطبها بقوله " ارجعي الى ربك " وهنا قمة التكامل حيث ان الإنسان يلتحق بطاعة الله ويصل الى مرتبة رضاه الحقيقية ويكون مصيره النهائي هو الرجوع الى الله تعالى اليس نقول دائما" إنا لله وإنا إليه راجعون "

 

ثانيا: انه تعالى عبر عنها بتعبيرين هما  " راضية " والإنسان المؤمن الذي يتصف بهذه الصفة انه راضي عن أي شيء يحصل معه وهذا قمة التسليم والتوكل على الله تعالى وأيضا " مرضية "  أي ان النفس المطمئنة تنال رضا الله تعالى وهذه الغاية القصوى التي سعى إليها أولياء الله  في ان يحصلوا على رضا الله تعالى فقد قال جلا وعلا {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ {البقرة/207} وقال تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء/114}

 

ثالثا: ان الآيات الكريمة استمرت حتى قال تعالى " فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " يتبين لنا ان النفس المطمئنة تكون في مقام عباد الله تعالى حيث الأنبياء والمعصومون والأولياء وهذا ما يعبر عنه بعض أهل المعرفة بمقام الأنس بالاراوح  الطيبة لعباد الله تعالى  وتكون أيضا في جنة الله تعالى  وهو هنا نسب الجنة لنفسه حين قال " جنتي " وهذه إشارة الى مراتب عالية جدا من النعيم الذي يعبر عنه بالقرب الالهي  والتلذذ بنعيم حقيقي لا تطيقه عقولنا القاصرة .

 

رابعا: انه ورد عن الصادق (ع) ان هذه الآيات نزلت بحق الحسين (ع)  . كيف لا يكون ذلك والحسين هو المصداق الأعلى لها حيث ان الإمام بشهادته كان مطمئناً مسلما راضيا بقدر الله تعالى ونال بذلك أعلى مراتب الرضا الإلهي وفعلا دخل لمقام العباد حيث التحق بجده النبي وأبيه وأمه وأخيه ودخل أيضا الى جنة القرب الإلهي  حتى روي عن الصادق (ع) ان سورة الفجر سميت بسورة الحسين لوجود هذه الايات الكريمة بها . ويكفينا هنا ما ورد انه – الحسين – حينما قتلوا ولده الرضيع اخذ من دمه ورماه الى السماء وقال(( إنما هون علي ذلك انه بعين الله الناضرة )) فسلام عليك ياسيد المطمئنين واروع المخلصين .

 

 

ابو فاطمة العذاري

 

 

hareth1980@yahoo.com

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/07



كتابة تعليق لموضوع : انواع النفس رؤية قرانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : صاحب هاشم الموسوي ، في 2013/10/28 .

قرات في فتره ليست بالقصيره ان رجلا جاء امير المؤمنين عليه السلام وقال له صفلي نفسي فقال له امير المؤمنين واية نفس فقالالرجل وهل الانسان له اكثر من نفس قال الامام بل اربعة انفس---------ارجو من الله ان يغفرلي اتذكر هكذا قرات او بما معناه
فعدد الامام الانفس الاربعه وعدد خواص كل واحده وصفاتها ومن اين مبعثها ولمن تعود-----------------ارجو المغفره من الله اطلب المعذره من جنابكم الكريم لا اريد اذكر التفاصيل خوفا من الوقوع في خطا __________________________________________

افليدونا افادكم الله





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net