كانت السيدة عائشة تطالب الخليفة الراشد عثمان بن عفان بأرثها من رسول الله فرفض أن يعطيها فخرجت منه وهي تقول: أقتلوا نعثل فقد كفر ، وحينما قتل الخليفة عثمان سألت عن الخليفة الجديد فقيل لها لقد بايع الناس علياً فقالت: لقد قُتل عثمان مظلوماً, (الإمامة والسياسة ج1 ص71) ورُفع قميص الخليفة المقتول بوجه الخليفة الجديد ، فسالت الدماء واشتعلت الحروب وراح ضحيتها عشرون الف من المسلمين. فقد كفر عثمان وكفر علياً لأنهما لم يحققا رغبات البعض واستحقا القتل والحرب.
وكفر المالكي و أستحق القتل لأنه وافق على إعتقال مجرمين وارهابيين؟ ولو غض الطرف عنهم لصار وطنياً, انه منطق المصلحة وليس منطق الحق فبين الحق والمصلحة بون شاسع.
فما حصل للسيد وزير المالية على ما يبدو يشبه ما حصل ويحصل وسيحصل للبعض حينما تمس مصالحهم و تقترب النار الى حصونهم، فقد تنبه السيد الوزير مؤخراً أن المالكي كفر ويجب قتله ,و ان حكومته فاسدة وطائفية ويجب ٌاسقاطها ، وهو يعمل معها منذ سنين ، لم يكتشف فسادها إلا عندما القي القبض على حمايته ، وكأن الفساد والطائفية ظهرا فجـاة، اين كان ضمير السيد الوزير من قضية الهاشمي ثم اين كان ضمير معاليه من قضية المعتقلين والمعتقلات، واين ضمير سعادته من قضية محافظ البنك المركزي، واين ضميره وهو يتعامل مع السيد المالكي ولم يعترض عليه ولم نسمع انه يوما قد استنكر طائفيته وفساده. لا ادري اين سيكون ضميره لو تفجرت الحرب الطائفية بين العراقيين، وماذا سيقول للأمهات اللواتي سيفقدن فلذات أكبادهن, ولماذا يستغل البسطاء ويجعلهم وقوداً لمصالحه الشحصية وخصوماته السياسية, كان عليه ان يثبت فساد وطائفية المالكي ويقدم استقالته وعصيانه منذ أمد بعيد,فإستعادة العزة والكرامة لا تحتاج الى مظاهرات وقطع الطرق, ولا تحتاج الى عزف منفرد على اللحن الطائفي,وكرامة العراق وشرف العراقيات لا تحققه قطر ولا يصونه أردوغان, ولا يسترجعه جرذ هارب كعزة الدوري, فكرامة وعزة العراق مسؤولية العراقيين جيمعاً, ولا تخص منطقة دون أخرى, فالعراق اليوم بوسطه وجنوبه يحتاج الى الكرامة التي هدرها السياسيون, فالشعب هو الذي يحتاج للعزة والكرامة وليس المسؤولين الذين يرقصون على أشلاء الضحايا ولا يعرفون الشعب إلا حينما تشد الخصومة بينهم, فلو كان العيساوي والعلواني وجوقتهما فاقدي العزة والكرامة.. فلماذا قبلوا بالذل والهوان كل هذه لفترة, ولو افترضنا ان ذلك صحيح فهل يكمن إستعادة العزة والكرامة بالشعارات الطائفية وسلب الولاء والهوية الوطنية من الشيعة؟ وهل لديهم خصومة مع الشيعة أم المالكي وهل خصومتهم مع المالكي الشيعي أم المالكي السياسي. كل هذه الاسئلة تحتاج الى تأمل فيمن يقف وراء هذا الحدث الخطير الذي يمر به الوطن. فهل يعقل أن نجر الوطن الى حرب لا تبقي ولا تذر من اجل رجلين او ثلاثة؟ هل يمكننا ان نصدق أن ما حدث كان عفوياً ونتيجة ظلم المالكي ودكتاتوريته ؟
فلو سلمنا أن الامر جاء بحسن نية مع عدم وجود عامل خارجي وان اعلام الجيش الحر ظهرت بشكل غير مدروس وان صور الدكتاتور السابق رفعها مدسوسون, وان صور اردوغان هي الاخرى كانت مركونة في الشارع واستغلها أحد المتظاهرين فرفعها , وان العلواني لا يقصد بوصفه الشيعة بالخنازير والعملاء لإيران ألا المالكي وجماعته, ففي أحسن الاحوال فقد أخطأوا الطريق لأسقاطه بل على العكس كرسوا بقاءه في السلطة من خلال سلوك الطريق الطائفي . فلوا كانوا قد رفعوا شعار أقتلوا المالكي فقد كفر كان أفضل من إستنفار العامل الطائفي وتثوير الشارع وتوجيهه نحو الكراهية والحقد , فقد سلموا خصومهم ورقة مهمة لمواجهتهم, ولو نادوا بعزة وكرامة العراقيين جميعاً لكان تأثيرهم أكثر واعمق في نفوس العراقيين , وهم يعلمون أن العراقيين في الجنوب لم يكونوا أحسن حالاً من أخوانهم في الوسط فهل قطعت الحكومة الكهرباء عن الرمادي ولم تقطعه عن كربلاء او البصرة وهل ما يتمتع به أبن البصرة والناصرية أفضل بما يتمتع به أبن الانبار وصلاح الدين. فلماذا هذه المزايدات وزج الطائفية في الصراع, وبالتالي لا يدفع ثمن هذا الصراع إلا البسطاء وأولاد الخايبة, فاذا وقع السيف فسيكونون أمتين, وسيندم الجميع كما ندم أصحاب الجمل.
علاء الخطيب – لندن
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat