صفحة الكاتب : ليالي الفرج

بصمات في تاريخ الوطن
ليالي الفرج

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مازال الوطن مُتصدعاً رغم مساعي العقول النيرة لترميم تلك التصدعات المُترسبة, كبقايا تصدعات بنيان شامخ صارع هزات زلزال مدمر.بأذرع الولاء والوطنية و الانتماء لتراب هذا الوطن تُنفض الأتربة المُتراكمة بسواعد الطيبين المخلصين , و في المُقابل هناك من يروي عطشه الطائفي البغيض بزخات من البغض و التفرقة و التشاحن بين افراد المجتمع الواحد.ومما لا شك فيه أن أي عمل و سلوك للفرد أو الجماعة في مجتمعنا سواء كان على المستوى الرسمي أو الشعبي فإنه لا بُد أن نجد لهذا العمل بصمة وأثر يُذكر و تداعيات إما ايجابية أو سلبية في الوسط المحيط حسب طبيعة العمل و بمقدار وقعه على أفراد المجتمع .

هنا سنسلط الضوء على مشاهد مختلفة تماماً لهم بصمة سيُخلدها تاريخ هذا الوطن لتبقى راسخة في أذهاننا كمواطنين مع اختلاف توجهاتنا و مستوياتنا الفكرية رغم المُفارقة بينهم. مشاهد كصيِّبٍ تخلل أروقة العقول اليقظة لتُبارك ما يستحق المُباركة و ترفض ما لا يتوافق مع وعيها الإنساني .

1-  مشهد تتجسد فيه الإنسانية الحقيقية و التي لا تُفرق بين الأفراد و تصنفهم لتصنيفات مُهينة ,نجد اللحمة الوطنية و التي تَخطت عراقيل الوهم المُنغرس في بعض العقول و التشاحن المُفتعل ولِتُمَزِّق صفحاتٍ بعُتمةِ الجهلِ تكاثرت و تشعبت.هو نموذج للوعي والتسامح والألفة و سلمية التعايش بين اطياف المجتمع , الشيخ مخلف من دهام الشمري من الطائفية السنية الكريمة , الناشط الحقوقي الذي عرف بوطنيته و حبه لتصحيح كل ما يُعكر صفو الوطن , و من أقواله : " الأخوة في الاسلام تفرض علينا مشاركة الآخ المسلم لأخيه في الأفراح والاحزان وعيادته عند مرضه ونحن اخوة في الدين ثم الوطن ثم الانسانية ,ونحن بعملنا هذا هو اقتداءً بنهج رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وسلم"

لم تكن هذه المُقتَبَسة شعاراً مُدوِّياً أو تغريدة عابرة, بل كانت منطق و منهج مُتَّبع لهذا الرجل و سلوك ترجمه على أرض الواقع , إذا لم تثنه ريبة و خوف في التوجه  لتقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد المظلوم أحمد آل مطر رضوان الله عليه في مدينة القطيف, و كم كان هذا الحدث يشرح النفوس و يغرس بذور الإخاء و التآلف , و ينشر ثقافة اللحمة الحقَّة التي لا تُفرق بين هذا و ذاك , فجميعنا شركاء في هذا الوطن نستنهض الهمم ليعتلي شأنه بسواعدنا جميعاً.و مُشاركتنا لبعضنا البعض في مناسبات الفرح و الحزن أمر إنساني قبل كل شيء ,فلا للطائفية التي تنخر لحمَتنا الوطنية و نعم لتجاوز كل العقبات.

2-   على الطرف الآخر من هذا الوطن , في صرح من صروح التربية و منهل العلم و القيم تهاوت قيم و مبادئ, تصادمت و ثوابت طالما نشأ عليها كل من اتخذ الإسلام الحقيقي منهله. لم تكن لوحة تقليدية باهتة بل كانت لوحة رُسمت بألوان تقطرُ ابداعاً و تألقاً لكن ذلك التألق ليس في مجال ابداعي, بل تألق في اسقاط  و سحق هوية الآخر بجهل طُعِّمَ بصبغة العلم الأجوف , لم يخطئ المفكر( جون ديوي ) عندما عرّف المدرسة بأنها " الحياة- النمو - التوجيه الاجتماعي " ورأى أن عملية التربية والتعليم ليست أعداد للمستقبل فحسب، بل إنها عملية الحياة نفسها. و ما حصل في مدرسة الصديق في منطقة حائل السعودية يتناقض مع تلك المبادئ التربوية التي تُساهم في تهيئة الأجيال الواعية المنفتحة على الآخر و التي هي أداة لبناء المجتمع لا هدمه و محاربة أطيافه المختلفة , شاهدنا جميعاً ذلك المشهد المسرحي الاستعراضي  الذي يهزأ و يستنقص من طائفة كاملة تقطن في عدَّة مناطق من أنحاء المملكة و دول الخليج و العالم بأسره . و كأن الذي أعَّد هذا المشهد يريد أن يوصل رسالة مفادها أنه و شاكلته هم من يقومون بتوزيع صكوك الجنة , و أعطى نفسهُ الحق من تصنيف المذاهب مابين القبول و الرفض من خلال نظرته الضيقة التكفيرية و نبذ شعائر الآخرين لمجرد عدم رضاه و قبوله لها , و لا نستغرب ذلك منه و من أمثاله كَمذيع قناة وصال - التكفيرية – خالد الغامدي , فهذه الفئة مُتعطشون للفرقة و العداء المذهبي و يُصدرون لغة الدم و القتل لجيل ناشئ و ذلك من خلال غرس الظنون و الريبة و التخوين اتجاه طائفة يشهد الله و العالم الواعي بمدى سلميتها الفكرية و سلوكها الحياتي .

المشهد الثالث و المخزي و المؤلم  فعلاً هو موقف وزارة التربية و التعليم حيال الحدث , و مُباركتها له خلف الستار من خلال الاستهانة في الإجراءات الرسمية الصادرة , و تجاهلها للطائفة الشيعية بعدم الإعتذار رسمياً و بشجاعة عما حدث و هذا ما سيؤدي لتكرار ما حدث و تنامي التعصبات المذهبية داخل البيئة التعليمية فمن أمن العقوبة أساء الأدب .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ليالي الفرج
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/01/09



كتابة تعليق لموضوع : بصمات في تاريخ الوطن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net