صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

وحدة وبناء العراق أم تمزيقه ؟!
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

السياسيون المتناغمون مع الارادة الشعبية في بناء دولة عراقية وطنية مؤسساتية موحدة بعيدا عن التأثيرات الخارجية متواجدون وحاضرون في الساحة السياسية العراقية ، وجهودهم وطموحاتهم الوطنية هذه يحس بها الشعب العراقي ، ويشعركذلك بمعاناتهم وهم يسيرون في هذا التوجه الوطني ، ويشعر الشعب ايضا بالعراقيل والمعوقات التي يزرعها في طريقهم شركاؤهم السياسيون الاخرون ، دعاة تمزيق وتقسيم العراق تحت مسميات وحجج كثيرة ، منها مسمى الفيدرالية ، او حجة التهميش او تحت مسمى التقسيم الطائفي او القومي ، الى غير ذلك من المسميات ، التي هي صدى لأجندات دول خارجية يريد وكلاؤهم من السياسيين داخل العراق تنفيذها وتطبيقها مستخدمين وسائل عديدة  لتحقيق غرضهم التمزيقي هذا ، منها العنف والارهاب ، وخلق الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد ، والتحريض على العصيان والتمرد المدني ، وعرقلة العمل والأداء الحكومي من خلال تواجدهم داخل مؤسسات الدولة ، مع دعم أقليمي مفضوح لهؤلاء السياسيين ، خاصة من محور الشر الطائفي في المنطقة ، تركيا والسعودية وقطرممثلة أسرائيل والمنفذة لخططها الصهيونية ، ولقد ثبت بالواقع الملموس أنّ المشاركة مع هذا الصنف من السياسيين باتت مستحيلة لأنهم أدوات بيد قوى خارجية معادية للعراق ولتجربته السياسية الجديدة ، التي أزعجت دول الاقليم الدكتاتورية الطائفية .

مشروع تقسيم دول المنطقة الى دويلات صغيرة ضعيفة لا حول لها ولا قوة ، بالاساس هو مشروع صهيوني أمريكي ، ترى الصهيونية فيه ، وكذلك امريكا والدول الغربية الاخرى الواقعة تحت النفوذ الصهيوني ، خير ضمانة لبقاء أسرائيل ، ووسيلة لانشغال هذه الدويلات بنفسها ومشاكلها بعيدا عن الكيان الصهيوني ، الذي يخشى من قوة هذه البلدان الاسلامية لو كانت موحدة وقوية ، وتمتلك جيوشا قوية ، وقد تبنى كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق هذا المشروع الصهيوني ، تحت مسمى مشروع الشرق الاوسط الجديد ، أذ طُبق هذا المشروع أخيرا في السودان ، ويراد تطبيقه في الصومال ، وهناك دعوات لتطبيقه في الدول التي تشهد  ما يسمى الربيع العربي، وهو في الواقع شتاء قارص بالنسبة للشعوب ، لكنه ربيع بالنسبة للحركات السلفية المتخلفة ، التي تدّعي الاسلام الاوحد ، وهو رؤيتها وفهما للاسلام على الطريقة الوهابية ، مع تكفير كل المذاهب الاخرى التي تختلف عنها او اعتبارها مرتدة ، الحركات السلفية الوهابية اصبحت اليد الضاربة لمشروع كيسنجرالصهيوني التقسيمي ، الذي يراد تطبيقه اليوم في سوريا والعراق ولبنان وبقية البلدان العربية والاسلامية الأخرى .

لقد تحولت الحركات السلفية الوهابية الى أداة بيد الصهيونية لتمزيق العالم الاسلامي، من خلال تبني دول محور الشر في المنطقة ( تركيا والسعودية وقطر ) لهذه الحركات ، ودعمها بالمال والسلاح وتسهيل عملها وارهابها تحت مسميات كثيرة ، ودعم أفكارها التكفيرية المتخلفة ، وفد نجحت الحركات السلفية بدعم من دول المحور الامريكي الصهيوني في سرقة ثورات الشعوب التي شهدت ما يسمى الربيع العربي ، وهذا ما تريده الصهيونية ، أذ هو الخطوة العملية الاولى لتقسيم هذه البلدان  وتحقيق الحلم الصهيوني في تمزيق بلدان العالم الاسلامي الى دويلات صغيرة ضعيفة متناحرة على أساس قومي او طائفي او ديني او أي مسمى اخر .

المراقب والمتابع للساحة السياسية العراقية ، وللسياسيين العراقيين وتصريحاتهم ومواقفهم ، يستطيع تشخيص الأتجاهات السياسية المتصارعة داخل الساحة السياسية، وتشخيص التيار الوطني الذي يبدو وكأنه يصارع ضد التيار ، بسبب موقف السياسيين الآخرين من الأتجاهات السياسية الأخرى البعيدة عن الخط الوطني، والسياسيين أصحاب ألأجندات الشخصية اوالخارجية ،  والذين يحملون عداء للعملية السياسية الجديدة ، ومما يدعو للأستغراب أن الأتجاهات السياسية التي تلعن الحكومة هي نفسها مشتركة فيها وتحتل مواقع مهمة في مؤسساتها المختلفة .

تتنوع الأتجاهات السياسية المتواجدة في الساحة ، التي تشترك في تكوين الحكومة وتعارضها ، لكن أخطرها الأتجاه المدعوم من خارج الحدود ، الذي يشترك في الحكومة ويعادي العملية السياسية ، أذ يمارس دور الحاكم والمعارض ، بل الهادم  والمقوض لمؤسسات الدولة وللعملية السياسية الجديدة ، والقاتل للمواطنين والشخصيات الوطنية الحريصة على بناء العراق ، ومثل هذا السياسي يعتبر الأخطر في الساحة السياسية العراقية ، لأنه يمارس دور القاتل ، ويتقمص دور الضحية ، ويستغل مواقعه في الحكومة لتنفيذ أجندته التخريبية ، هذا الصنف من السياسيين هدفه تغيير المعادلة السياسية الجديدة في العراق ، وخير من يمثل هذا اللون من السياسيين المجرم الهارب طارق الهاشمي وفي تقديرنا يوجد عدد من السياسيين الاخرين من أمثال طارق الهاشمي ، ممن لا زالوا يقومون بنفس الدور ، ولا بد من كشف أوراق هؤلاء لأنهم الأخطر على العملية السياسية ، هؤلاء يعوقون بناء العراق بل يسعون لتمزيقة ، او تغيير المعادلة السياسية لصالحهم ، وهؤلاء يمثلون الخط الوهابي التكفيري ، ومعهم الخط البعثي الدموي ، وكلاهما مدعوم من المحور الامريكي الصهيوني حليف محور الشر الطائفي في المنطقة .

اما الاتجاهات الاخرى في الساحة السياسية العراقية ، منهم من يشترك في الحكومة  ويحمّل رأس الحكومة مسؤولية الأخفاقات التي تحصل أثناء الأداء في العمل ، رغم أنّ وزراء هذا الاتجاه مشتركون في الحكومة ، وربما هم المسؤولون عن هذا الأخفاق ، ومن السياسيين من تقتضي مصالحهم الشخصية محاربة بناء الدولة القوية  لأن في فرض القانون وسلطة الدولة ينحسر نفوذ هؤلاء السياسين الذين تعلوا أصواتهم في أوقات الأزمات او حدوث المشاكل ، هؤلاء لا يعيشون الا في هذه الاجواء ، لأنّ بناء دولة المؤسسات أضعاف أو أنهاء لنفوذهم الذي يقوى في غياب القانون والسلطة القوية ، أضافة الى أنّ هؤلاء يعتمدون على ميلشيات في تنفيذ مخططاتهم وطموحاتهم الشخصية  ، فهم يفضلون بقاء الدولة ضعيفة ، لأن الدولة القوية تنهي نفوذهم اللامشروع ، وعداؤهم وحقدهم ينصب على رأس الحكومة السيد نوري المالكي ، لأنه هو من يتزعم الدعوة لبناء دولة المؤسسات وبناء العراق القوي الموحد ، لهذا السبب جاء حقدهم عليه ، ويتمنون أستبداله بآخر يفسح لهم المجال في تنفيذ خططهم التي تنطلق من مصالح ذاتية ، هؤلاء السياسيون نراهم يصطفون مع أي جهة تعادي المالكي ، حتى لو كان الشيطان ، لأن أفقهم السياسي ضيق ومحصور بمصالحهم الذاتية ، ولا يتعداها الى المصلحة الوطنية العليا للشعب العراقي .

 وهناك فئة من السياسيين تصطف مع الاخر المعارض لأنهم يتخيلون أنفسهم هم الأفضل لقيادة البلاد ، واصطفافهم لا من أجل الاخر، بل يسيرون على قاعدة عدو عدوي صديقي ، أذ ربما يؤول هذا الأصطفاف الى تغيير المالكي والمجيئ ببديل عنه من مجموعتهم ، لأنهم يعتبرون أنفسهم هم الاحسن وهم الأفضل  ، لأفكار وأوهام خيالية غير موضوعية ، متناسين أنّ من يحدد رأس الحكومة هي الارادة الشعبية ، وليس الرغبات الشخصية ، وهناك من السياسيين مَنْ يستغل قرب موعد الأنتخابات ،  فيتحرك في هذا الظرف بالذات لغرض تشويه سمعة الحكومة أو الدعوة لأسقاطها لأغراض أنتخابية ، سيما وأنّ الأنتخابات على الابواب .

 كل هذه التوجهات في الساحة السياسية العراقية ، حتى التوجهات المرتبطة بأجندات الدول الخارجية ، او المتورطة في الأرهاب ، أو التي تتنافس من أجل مصالحها الشخصية على حساب المصلحة العامة ، تشترك في الحكومة من جهة ، وتلعنها او تدعو لأسقاطها من جهة أخرى ، وهذه حالة فريدة لا يوجد مثيل لها في دول العالم الديمقراطية ، لكن يا ترى ما هو موقف الشعب من هذه الحالة الشاذة في الساحة السياسية العراقية ؟

من المؤكد أنّ الشعب يريد بناء دولة المؤسسات القوية ، دولة القانون ، ومن مصلحته القضاء على جميع أنواع التخندق الطائفي او الحزبي او القومي ، والقضاء على كل المظاهر المسلحة خارج مؤسسات الدولة ، والقضاء على الأرهاب المدعوم من دول أقليمية ، ومن مصلحة الشعب العراقي ايضا أنْ يلتزم السياسيون بالدستور ، والمحافظة على العراق من التمزيق تحت أي ذريعة كانت ، وعدم ألغاء مادة ( 4 ) أرهاب ، لأنّ الاأرهاب ما زال موجوداً داخل العراق ويستهدف جميع العراقيين بغض النظر عن الدين او المذهب او القومية او المناطقية ، وعدم ألغاء قانون المساءلة والعدالة ، لأنّ فلول البعث المدعومة من دول الشر الطائفية ، لا تزال تطل برأسها بين الفينة والأخرى ، وتتحين الفرص للتسلل الى مؤسسات الدولة ، كذلك يريد الشعب عدم التدخل في شؤون القضاء وضرورة أبقائه مستقلا بعيدا عن التدخلات السياسية ، ويريد الشعب ايضا عدم العفو عن المجرمين والأرهابيين وسراق المال العام ، هذه هي مطالب الشعب العراقي التي لا يمكن المساس بها ، ومن يطالب بالغاء هذه المطالب فهو أما أنْ يكون من فلول البعث الدموي الطائفي ، او من المتورطين بالارهاب بشكل من الأشكال ، أوهو منفذ لأجندة خارجية معادية للشعب العراقي ، العراق لكل العراقيين ، والشعب بمختلف ألوانه وأطيافه يريد وحدة وسلامة العراق من أي عدوان ، ويقاوم أي دعوة للتمزيق والتفتيت  تحت أي مسمى من المسميات .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/01/10



كتابة تعليق لموضوع : وحدة وبناء العراق أم تمزيقه ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net