صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

احذروا.. إنهم يغتالون الثورة؟
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 هرب الطاغية وترك وراءه افواجا من اللصوص والقتلة، كما فعل مثيله قبل سنوات هنا على ارض الرافدين حينما اطلق سراح كبار المجرمين والسفاحين والسراق والقتلة قبل هروبه بعدة اشهر، لكي يكملوا المشوار من بعده، فيما اوصى اركان حكمه وقيادات نظامه بسرقة ونهب كل موجودات البلاد ومخازنها ومعسكراتها في ابشع عملية إفراغ للدولة من مكنوناتها المادية والوثائقية والفنية والمتحفية؟
   وفي الوقت الذي انكفأ دكتاتور العراق في حفرة تحت الأرض ليواري عورته وجرائم نظامه، حلق دكتاتور تونس طائرا في الأجواء تاركا منظومة متكاملة ممن تقع عليهم مهمة اغتيال الثورة او الانتفاضة، حيث بدأت فرق الغوغاء بالانتشار في المدن والبلدات على طول البلاد وعرضها لكي تثبت لتلك الجموع الثائرة ودول الجوار قبل غيرهم بأن ما يحدث هو نتيجة لغياب منقذ الأمة ومخلصها الهارب، كما يفعلون في العراق منذ سبع سنوات ونيف في إحراق الأخضر واليابس تحت مختلف الشعارات الرنانة والجوفاء، وهم يستهدفون الأهالي العزل في الشوارع والأسواق والمساجد والكنائس والمدارس بنافورات من الدماء التي لم ينزاح فيها قطرة من دماء المحتلين!؟
  صحيح ان دكتاتور تونس شد الرحال هاربا الى جنة اخرى بعيدة عن قصره وعبيده الا انه ترك نظاما اشرف على تربيته وصناعته لأكثر من عشرين عاما بذات الفكر والنهج كما فعل النظام هنا في العراق وترك سلوكيات ونهج في الثقافة والتفكير تعمل على إبطاء التقدم وتعرقل تحقيق الأهداف النبيلة في بناء عراق ديمقراطي حر.
 ان مجرد هروب دكتاتور لا يعني انجاز الثورة او التغيير المرتجى، فقد سجل التاريخ الكثير من عمليات الهروب والعودة، وما زالت ثورة مصدق الإيرانية وهروب الشاه في الذاكرة السياسية للشعوب الإيرانية، وفي تونس ما زالت قوى هذا الدكتاتور وغيره مهيمنة على كثير من المفاصل المهمة في الدولة والمجتمع وهي قادرة على إحداث تغييرات بالاتجاه الذي تريده وبالضد من آمال وتطلعات الأهالي، فمعظم المؤسسات المهمة في البلاد هي من إنتاج وتصنيع ذات الفكر الشمولي الذي صنعه الدكتاتور الأول بورقيبة ومن انقلب عليه لاحقا قبل عقدين من الزمان صنيعته علي زين العابدين، ابتداءً من المؤسسة العسكرية والأمنية وانتهاءً بالبرلمان وكثير من اوساط الطبقة المتوسطة.
 ومع كل الاحتمالات الواردة فان ما يحدث الآن يؤشر تطورا نوعيا في الأداء الشعبي المعارض في الدول ذات الأنظمة الشمولية، وهي بالتأكيد واحدة من اولى ردود الأفعال لعملية التغيير الجارية هنا في بلاد الرافدين منذ سبع سنوات، بكل ما رافقها من ايجابيات خلاقة ومن أخطاء او تشويهات من قبل معظم الأنظمة السياسية وأجهزة إعلامها التي تنتمي لعقلية وثقافة الحكم الشمولي.
   ويقينا ان ما يجري هنا في العراق من عمليات ارهابية وتعقيدات لتأخير او اعاقة تطور العملية السياسية والبناء الديمقراطي انما تتورط فيه كثير من هذه الانظمة ذات النظم المستبدة والدكتاتورية، لأنها تتقاطع وطبيعة التكوين السياسي والاجتماعي للنظام الجديد وفلسفته في التداول السلمي للسلطة والاعتراف بالآخر المختلف، ولكي تنأى بنفسها وانظمتها عن نيران التغيير التي تصب في خانة الشعوب وتعيد تعريفات كثير من المصطلحات والتسميات لكي لا يكون الرئيس موظفا يؤدي خدمة عامة حاله حال أي موظف آخر، بل ليبقى كما يريدوه في كل هذه المنطقة زعيما ومنقذا وملهما فوق الشبهات والشك والنقد، لا شريك له ولا معترض!؟  
  ان ما يحصل اليوم في تونس يمثل رسالة مهمة جدا لشعوب هذه المنطقة بعد ان ذاقت الأمرين من حكم الطغاة المستبدين لعشرات السنين وهي تبشر ببداية عمليات تغيير واسعة النطاق في معظم هذه البلدان، ترافقها عمليات تشويه وصراع خفي لؤد الحركة او تقزيمها من خلال ما يحدث من تداعيات امنية تقوم بها اجهزة الامن المرتبطة بنظام الحكم كما حصل هنا في العراق طيلة سبع سنوات بالتعاون مع مخابرات واجهزة تلك الدول المعنية، محاولة اغتيال الحركة او الانتفاضة بشتى الطرق والأساليب، مستغلة كثير من نقاط الضعف والتناقضات التي انتجتها الأنظمة السياسية المستبدة على كل الصعد.
  انهم يرعبون الناس بأن أي تغيير في البلاد وطبيعة النظام ستؤول فيه الأحداث الى ما آلت اليه في العراق من حمامات للدماء وحرب طائفية او عرقية، وان النظام الحالي مهما يكن فهو افضل بكثير مما سيحدث من فقدان للأمن والسلم الاجتماعيين، وبذلك يغطون على تورطهم بكثير من تلك الحمامات وحتى الحروب الداخلية في العراق، حقا انهم يحاولون اغتيال مبدأ الثورة او الانتفاضة لدى الاهالي من خلال الترهيب واشاعة الفوضى وعمليات السلب والنهب وفقدان الأمان.
   

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/19



كتابة تعليق لموضوع : احذروا.. إنهم يغتالون الثورة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net