صفحة الكاتب : حمدالله الركابي

فشل الحكومة في إدارة الأزمات
حمدالله الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا يكاد العراق يخرج من أزمة حتى يستقبل أزمة أخرى، وكأننا من البلدان التي أصبحت متطورة في صناعة الأزمات، هناك أزمات نتيجة لظروف طبيعية وهناك أزمات مصطنعة تستخدمها جهات أو أحزاب أو أشخاص لتحقيق أهداف معينة الغرض منها الكسب السياسي والانتخابي، فمنذ أول حكومة بعد الاحتلال وليومنا هذا ونحن بلد الأزمات والصراعات السياسية حتى أصبح ابسط مواطن يعرف كيف يفكر السياسيون وما هي أهدافهم، لكثرة المشكلات السياسية التي عصفت ولازالت تعصف في المشهد السياسي، ولا نعلم لماذا لم تستفد الطبقة السياسية من تراكم الأزمات وتكرارها في إيجاد الحلول السريعة التي تجعل الأمور تسير في الاتجاه الأكثر سهولة وصولاً إلى نتائج واقعية ملموسة، ولماذا كل شيء في العراق يتحول بسرعة البرق إلى أزمة يتوقف من اجلها البلد ومؤسساته، فمثلاً كشف المفسدين والسراق يتحول إلى أزمة، ويصبح هؤلاء السراق أشبه بالملائكة في نظر أحزابهم، وإقالة وزير مقصر جعل من وزارته  مكتب للمقاولات، يتحول موضوع إقالته إلى حرب شعواء ربما تقود إلى تقسيم البلاد، حتى أصبح الدفاع عن الوزير الفاسد أهم من الدفاع عن وحدة العراق في الفقه السياسي للطبقة الحاكمة، وعندما تقوم المؤسسة البرلمانية الممثلة للشعب بأداء دورها التشريعي والرقابي يتحول عملها إلى خيانة وتطبيق أجندات سياسية خارجية بنظر من يرفض الإصلاح والتغيير الدستوري، حتى قطر السماء الذي يروي عطش الأرض ويكحل جروف الأنهار فهطوله يغرق البلاد والعباد ويصبح الوطن عبارة عن مستنقع آسن من الأوحال والمشكلات وكل جهة ترمي الكرة بملعب الجهة الأخرى للخروج من دائرة التقصير، وهكذا تدور الأيام والسنين ونحن من أزمة إلى أزمة، وهذا يعطي صورة سوداوية عن الواقع العراقي، هناك أسباب عديدة للمشكلات والأزمات، ومن هذه الأسباب فشل الحكومة في التعاطي الايجابي مع الأحداث السياسية، وافتقادها إلى المرونة في التعامل مع ما يجري في الساحة وبذلك تتحول كل وجهات النظر والاختلافات إلى مائدة دسمة للأزمات يعتاش عليها من يعانون حالة من الإفلاس السياسي، فالحكومة بحاجة إلى خطاب وسطي يحفظ هيبة الدولة ويخفف من حالة الاحتقان في ساحة الأطراف المعارضة على الأداء الحكومي، وليس من الصواب أن تتعامل الحكومة برؤية أحادية وفق  إستراتيجية حزبية، هذا التعامل ينعكس سلباً على الوضع العام، فالعراق يمر بمرحلة استثنائية تستوجب جلوس الجميع لطاولة الحوار الوطني، فالوضع الداخلي يعاني من فقدان الثقة بين مكوناته السياسية، نتيجة لتنصل الحكومة من الاتفاقات الكثيرة التي أبرمتها مع الشركاء، مما ولد فجوة واسعة بين التيارات والقوى الفاعلة، هذه الفجوة تحتاج إلى  ثقافة الإيثار وتغليب المصلحة العامة من أجل خروج العراق من نفق الصراعات السياسية التي ربما تتحول إلى صراع طائفي يدفع ثمنه أبناء الوطن الواحد وهذا الأمر مرفوض، فالدم العراقي لهُ حرمته ويجب الحفاظ عليه مهما كانت الظروف، وعلى الحكومة أن تتعلم من هذا الدرس جيداً، وأن يكون فشلها في إدارة الأزمات باباً للإصلاح الحقيقي وفرصة لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، فلا حل سوى الحوار واحترام المؤسسات الدستورية وعدم الهيمنة على كل مفاصل الدولة بطريقة أحادية من قبل الحزب الحاكم، الظرف الحالي بحاجة إلى إشراك الجميع من أجل تجنيب العراق مخاطر وكوارث قد تكون لها تبعات على المستوى البعيد، كفانا تناحراً وصراعاً من أجل مناصب زائلة لم تنفع من تمسك بها من قبل والماضي ليس ببعيد، على الحكومة أن تعترف بفشلها في إدارة الأزمات وعلى الجميع أن يركنوا إلى لغة الحوار والخطاب الوطني الذي يرسم خارطة وطنية لتجاوز المرحلة الحالية بدون غالب أو مغلوب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمدالله الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/13



كتابة تعليق لموضوع : فشل الحكومة في إدارة الأزمات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net