صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

الباص !
حيدر الحد راوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

انطلق الباص بما يحمل من الركاب , قاصدا جهة بعيدة , توقف فجأة عند تقاطع طرق , تمعن السائق النظر في ازدحام السيارات , وفكر ان ذلك سيشكل عائقا في انسيابية المرور , فقرر ان يكسب عامل الزمن , وان يسلك طريقا مختصرة , لكنها تمر في صحراء موحشة , وفيها حيوانات مفترسة . 
شغل بعض الركاب انفسهم بتبادل اطراف الحديث , بينما غـط اخرون في نوم عميق , وغيرهم انشغل بمطالعة كتابا او مجلة , اوالتقاط صورا فوتوغرافية , اما الاطفال فكان بعضهم ينظر من خلال النافذة , واخرون يلعبون العاب فيديو .
مرّ الباص في طرق متعرجة , واجتاز وديانا ضيقة , حتى وصل في ارض مبسوطة , انتاب السائق شعورا غريبا , الم حاد في قلبه , فأنعدمت عنده الرؤيا , واخذ الباص يترنح في وسط الشارع , فزع الركاب وتشبثوا بالكراسي واي شيء اخر , فخرج الباص عن الطريق , وتوقف بعد ان ابتلعت الرمال احدى عجلاته , تنفس الركاب الصعداء , والقوا نظرة عتاب وملامة على السائق , الذي كان مرتميا على المقود بدون حراك , بشجاعة اقترب منه احدهم , تفحصه , فوجده ميتا ! . 
ترجل الركاب جميعا , وضعوا يدا بيد وخلصوا الباص من محنته مع الرمال , دفعوه وأعادوه الى الطريق , فحاول احدهم ان يقوده ويكمل الطريق , فاعترض عليه اخرون : 
- يجب ان اقود انا ! . 
- بل أنا من يجب ان يقود ! . 
- لا انت ولا انت ... طالما أنا موجود ! . 
احتدم الجدال , وطال النقاش , فقرروا اختيار الاكفأ , عندها قالوا :
- انا عندي دبلوم في القيادة ! . 
- انا عندي بكالوريوس في القيادة ! . 
- انا عندي ماجستير في القيادة ! . 
- انا عندي دكتوراه في القيادة ! . 
- انا عندي خبرة ثلاثون سنة في القيادة ! . 
تنازعوا مرة اخرى , وكاد يصل بهم الامر حد الاقتتال , فأقترح احدهم ان يجري انتخابات , وعلى الركاب اختيار الاجدر , وهكذا كان , فرست الانتخاب على احدهم , لكن الاخرين اعترضوا عليه , واتحدوا على المعارضة , واحتجوا انه سيقود الباص الى الهلاك , استمر النزاع , وانضم لهم بعض الركاب , فأزداد الطين بله , وتعالت الاصوات بين رافض و مؤيد , حتى ضرب احد الرافضين شابا من المؤيدين , فبادر بدوره الى حمل السلاح , و اسرع الرافضين الى اشهار السلاح ايضا , فأشتبك القوم , كل منهم يحاول الوصول الى كرسي القيادة ! . 
اثناء ذلك , كان المستضعفون من الركاب يجلسون في كراسيهم يتفرجون , لا حول لهم ولا قوة , وكان هناك بعض الشباب لزموا الحياد , لا يحركون ساكنا , رمق احدهم تلك الفوضى الخلاقة , ثم نظر الى كرسي القيادة , فرأى ابليس متربعا ضاحكا ! . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/03



كتابة تعليق لموضوع : الباص !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net