صفحة الكاتب : صفاء ابراهيم

ومتى سترحل أنت أيضا ؟
صفاء ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
توكل عبد السلام كرمان صحفية يمنية وناشطة في مجال حقوق الإنسان , امرأة يحق لكل عربي أن يعلق صورتها في أجمل ركن من بيته ولكل عربية أن تكتب اسمها على قلادة توشح بها جيدها
اعتقلها جلاوزة صالح الأسبوع الماضي بعد أن قادت  داخل جامعة صنعاء مظاهرة صغيرة من أفراد قلائل طالبت فيها برحيل الطاغية وأعوانه بعد أكثر من ثلاثة عقود قضاها متربعا على عرش اليمن السعيد ,عاث فيه خلالها فسادا وأرهقه فقرا ومشاكل واضطرابات
توكل اعترضت طريقها مجموعة مسلحة بملابس مدنية واقتادوها من سيارتها التي كانت تستقلها مع زوجها في طريق عودتها إلى بيتها وأخذوها إلى جهة مجهولة
روى ذلك زوجها للصحافة والخوف باد على قسماته وذكر بالتفصيل الطريقة المهينة التي عاملوهما بها
في اليوم الثاني لاعتقالها تجمع عشرات الشبان المحتجين أمام حرم الجامعة حيث كانت قوات الأمن بانتظارهم فانهالت عليهم ضربا  بالعصي والهراوات الخشبية واعتقلت اثنين وثمانين متظاهرا منهم واعتقلت مصور قناة الجزيرة الذي صور عملية ضربهم وصور مشاهد الدماء التي سالت من وجوههم وأنوفهم من جراء ذلك وصادرت الكاميرا العائدة له
ليس من الشذوذ أن تصدر هكذا أفعال من نظام هو نفسه في قمة الشذوذ والغرابة
وصل صالح إلى السلطة بانقلاب عسكري دموي مثل بقية حكام اليمن الذي سبقوه وكانت مسيرته التي قاربت الثلاثين عاما مليئة بالمتناقضات والتوترات السياسية التي عانى منها شعب اليمن ولايزال
 
بتسرع وطيش واضح للعيان أعلن صالح دعمه لنظام صدام حسين في حرب الخليج الأولى ومازلنا نتذكر الأشرطة الحربية التي صورته برفقة صدام  خلف الجبهات وهو يضغط بزهو زر الإطلاق لصواريخ (كراد) المتجهة نحو العمق الإيراني ورأسه الأشعث يتمايل طربا وابتسامة صفراء ترتسم على شفتيه الأكثر صفرة
 
لقد استفاد صالح من ذلك الدعم  اقتصاديا وسياسيا كأفضل ما يستطيع الاستفادة ومن ثم انهار الحلف المقدس بين النظامين بغزو الكويت وما سببه ذلك من عزلة عربية شبه كاملة لنظام العقيد صالح المتهم برفضه اتخاذ عمل عسكري عربي أو دولي من اجل إنهاء الغزو
 
العقيد صالح استقتل من اجل توحيد الشطرين الشمالي والجنوبي من اليمن وبعد أن تم له ذلك وتولى رئاسة الاتحاد الجديد ظل يتصرف بما عرف عنه من نزعة اقصائية لجميع من لا يثق بولائهم فجعل القيادات العسكرية والأمنية والمناصب الحكومية والوظائف المهمة  حكرا على أبناء الشمال وحرم الجنوبيين من أي منها في الوقت الذي يعاني فيه اليمن وجنوبه على وجه الخصوص من الفقر والجوع وانعدام فرص العمل وقلة الموارد والاستثمارات بسبب السياسة التي ظل ينتهجها الشيوعيون المتعاقبون على حكمه
 
وبسبب شعور الجنوبيين بالتهميش والظلم ما لبثوا أن تحركوا عسكريا للانفصال , الأمر الذي حسمه صالح بالدبابات والطائرات في حرب مريرة وغير متكافئة استمرت لأسابيع  وانتهت بهروب القادة الجنوبيين ودمار وخراب لامثيل له وآلاف الضحايا مدعوما في ذلك  بالمال والسلاح من  مشايخ إمارات النفط المجاورة
 
ومازال إلى الآن هناك حراك في جنوب اليمن, مظاهرات واعتصامات واحتجاجات وتصادم بالسلاح في بعض الأحايين مما يؤدي الى وقوع بعض الضحايا من الأهالي وإفراد الأمن على حد سواء
 وربما لازالت في الأذهان مشاهد من تلك الحرب الطائفية التي شنها العقيد صالح على الحوثيين في صعده وما نتج عنها من آلاف الضحايا  مئات الآلاف من المهجرين والدمار الواسع الذي أصاب البنى التحتية والمؤسسات والمدارس والجوامع وبيوت المدنيين الآمنين
وكان مدعوما في ذلك بشكل مباشر من (آل سعود)  وجيشهم الذي ألقت طائراته ومدافعه حممها على ربوع صعدة لمدة شهر كامل واحتلت قواته بعض القرى المحيطة بها ومن ثم انتهت تلك الحرب  الوحشية بعجزه وعجز من استعان بهم عن القضاء على عبد الملك الحوثي  وأصحابه بعد صمودهم الأسطوري المثير للإعجاب وسط صمت عربي ودولي مخجل
ماذا حقق علي عبد الله صالح لليمن طيلة عقوده الثلاث السابقات؟
اليمن الذي كان ومازال يكافح الجوع والقات والبطالة 
 اليمن الذي انهار اقتصاده وتدهورت قيمة عملته حتى كادت تتلاشى  وأصبح الغلاء فيه أمرا لا يطاق
 اليمن الذي يفتقر الى البنية التحتية والخدمات
 اليمن الذي يهاجر أبناؤه طلبا للعمل في إمارات النفط في ظروف مهينة ومذلة  ولولا ذلك لما استطاعوا إعالة أهلهم وذويهم وتوفير لقمة العيش لهم
ماذا فعل صالح ليغير من واقع الشعب اليمني الذي مازالت تحكمه الأعراف القبلية ويتحكم فيه شيوخ القبائل وتغيب عنه سلطة المؤسسات ويتلاشى فيه دور القانون؟
ألا يكفي العقيد صالح كل ما تسببت به سياساته الرعناء من خراب لليمن الذي كان يوما ما يسمى بالسعيد
 
أما آن لصالح أن يرحل؟
أما آن له أن يلتحق بزين العابدين بن علي في مملكة المخلوعين العرب؟
لا يسعنا إلا أن ننحني احتراما وتقديرا لموقف توكل عبد السلام كرمان  وإخوانها من المناضلين الشرفاء وندعو الله لها ولهم بالفرج والخلاص ونضم أصواتنا الى أصواتهم ونسأل الطاغية
ومتى سترحل أنت أيضا؟؟؟ 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صفاء ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/26



كتابة تعليق لموضوع : ومتى سترحل أنت أيضا ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net