إذا غــَـاب المعـلّم
عماد يونس فغالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الطبيعيّ أن يغـيب معلّم عن صفـّـه لسببٍ أو لآخر، خصوصًا إذا كان الداعي صحـيّـًا. ومن الطبيعيّ أيضًا أن يقوم معلّم آخر بتأمين الساعات التي فرغت بغياب زميله. وإذا كثرت أيّام الغياب، يؤمّن المدير معلّمًا بديــلاً لئلاّ يضيع على التلاميذ ما يجب أن يأخذوه في المادة التي تغيّب أستاذها. وفي كلّ الأحوال، يقـدّم المعلّم المتغيّب تبريرًا عن غيابه، وإذا كان بداعي المرض، يُبرز تقريرًا طبيّـًا.
من ناحية أخرى، عنـدما يدخل معلّم ليؤمّن مكان زميله، أو عندما يفعل النـاظر ذلك، يكون المعلّم الأصيل، أو زميل له في المادّة نفسها، قد أمّن للصفّ عملاً يشغل التلاميذ به، غالبًا ما يكون تمارين تطبيقـيّة حول درس كان قـد شرح سابقـًا. وفي هذا فرصة للتلاميذ، ليُمكـّنوا ما اكتسبوه بطريقةٍ أعـمق.
يعتقد بعض التلاميذ أنـّهم ارتاحوا من المادّة التي تغـيّب معـلّمهـا. وكم تكون خيبتهم عندما يُطلعهم من يؤمّن مكانه أنّ أستاذهم ترك عملاً يقـومون به. لكن إذا نظرنا إلى وضعهم كتلاميذ، ووضعـنا أنفسنا مكانهم، يمكـننا أن نفهم شعـورهم، خصوصًا إذا كـانوا ممّن لا يحـبّـون هـذه المادة أو أستاذها. لكنّهم في المدرسة ليتعلّموا، والمهـمّ أن ينجحوا في نهاية المطاف. وكلّ ما يحـول دون ذلك مرفوض.
ولكن النــاظر أو الأستاذ البديـل، يمكنه أن يربح تلاميذ الصفّ قـليلاً، وأن يكـون جوّ الدرس أقـلّ جديّة من العادة. وبهذا يكسب قلوب التلاميذ ويُـكسبهم مُتعةً بما يُـفرض عليهم. طبعًا لا يمكن للبديل أن يكون في شخصيّة الأصيل، حتى ولو علّمهم المـادة نفسها، لأنّ لكلّ إنسان شخصيّـته، ولا يمكن لأحد أن يدير الصفّ كما يفعل الآخـر. ولكن لا يعتبرنّ البديل أنّـه يدخل الصفّ مرّة، وكلّ شيءٍ مباح لأنّه ليس أستاذ الصفّ. فكلّ شيءٍ يؤثّر في التلاميذ، ولكلّ معلّم وقعـُه عليهم. فليكن إذًا تأثيرنا إيجابيّـًا. ولنعمل على أن يحبّـنا التلاميذ مهما كان دورُنا معهم. ففي هذا منفعة ٌ لهم وراحة ضمير لنا.
وعندما يعـود الأصيل، يجب ألاّ يشعر أنّ الصفّ تأثّر سـلبًا بغيابه. بالعكس، فليشعر أنّ الذي بدأه، إنْ لم يكتمل، لم يتراجع. فيكون ممتنـّـًا للذي أمّن مكانه، لا منزعجًا منه. في كلّ الأحوال، الأصيل والبديل يتبع كلاهما سياسة المدرسة، وهما لها أمينان. وهي سياسة موحّـدة تقـودها الإدارة بتوجـيهات المسؤولين التربويّين. فيتـلقّى التلميذ منهجًا واحدًا بصرف النظر عن الأشخاص. وتكون تربية متكاملة من حيث الموادّ والصفـوف التي ينتـقـل إليها عبر سني دراسته. وتكتمل شخصيّـته اكتمالاً طبيعيّـًا ومتوازنًا. فيخرج من مدارسنا الرجال الذين تأتي على أيديهم العظائم. فـيكبر الإنسان أفرادًا وجماعـات، وتتكـوّن المجتمعات على مستوى النبل والمكارم، وتبنى الدول على أسس السلام والعدالة، وتسود حضارة الحياة وتفيض.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عماد يونس فغالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat