علّمني حبّك..!!
د . سمر مطير البستنجي

أن  اكبر قبل الأوان..

علّمني كيف  أعيد  ترتيب اشيائي ..

وأسند الذات المنكفأة على بعضي..

علمني.. ألاّ أأتَمِن البحر على جسدي الطافي

وكيف الملم زبد الروح المنثور على أكتاف موجة حزينة

ألاّ أتعلّق بأستار  قشّة الغريق...

وكيف أذرف غصّة الملح المذاب في العينين.

علمني حبّك...!

كيف أنقذني من انكسارات بهرجتك 

ومن سلوى  الضياء المخمور في عقيق عينيك

أن أغتسل من  ضُحاك المعتلّ البريق ..

وأقطع دابر دمك الموقوت في أبهري...

أن أمدّ أضوائي الى اللامنتهى 

قبل اختناق قوس البصر بين حاجبيْ والعين..

علمني حبك:

 ألا ارتضي بأنصاف الحلول

وألاّ أدمن  أقراص الصبر  

فعقائد الرضى فيّ قد تقهقرت..

وآلهة الحكمة قد  تخلّت

وكواثر الخضوع فيّ قد نضبت......

حبك علمني:

الا أقترب من حبّ  زادني رَهقا  ...

ألا أتسرّب  مثل وهمي..

أو أتكوّر مثل حزني...

أو أتبخر ، أتلاشى مثل دمعي..

ان لا أهِب الروح قربانا لضوء خافتٍ بعيد...

فوحدي من يعرف مواعيد الصحو ونبوءات الشروق

ووحدي من يجيد تكوين قزحٍ

وقت اندماج النور بجفنيَ البكّاء.

علمني حبك..!

ان اتنشق من رائحة جرحي إكسير البقاء

وأصنع  من حليب وجعي مراهم  الشفاء..

ومن دقائق الرحيل الف بقاء.

ان أبرأ من سجع الذكرى ومن صوتي المبحوح الآه

وأن أقاوم  صوتك الهادر في أمواج مسمعي...

وكيف أكتم شهقاتي التي ما استنفرت يوما إلا إليك...

علمني:

ان لا استسلم لخيالي العاقر المريض

وأبيت في انتظار طيفك  السوّاح  طويلا   ..

و أرقب  تحبّبا  زحف تصحّري.

علّمني:

ان أُلقي بأثقالي على عاتق النسيان

وأخضّب هالتي بحنّاء الثبات 

أن أرقِني في الليلة ألفاً

وأضرب حوليَ سورا من البركات

كي  أتعافى منك ، من شوقي اليك..

من شغفي من أرقي..من قلقي عليك..

من سحائب  الآه  المعمّدة على  سلاسل الكلام..

من حبر قلبي المسكوب عنوّة على أوراق اليباس

ومن بيوت الشعر الخواء المنسوجة من عتيق الوداد...

من قصائدي المعلّقة بأغصان  ياء النداء... 

ومن نون النسوة المنقوشة ثرثراتٍ على ورق أنوثتي...

علمني:

ان اكفر بالحظّ..بالصدفة..بالاحتمالات ،

بالمنطق بخدع الألوان...

فوحدي من يجيد تلوين  جداريات  الليل  بأزرق الصباح

ووحدي من يملك الحق في سكب باهت الألوان على  لوحات ذاكرتي  ..

علمني:

أن أكذّب  طقوس الحظّ وفنون العرّافات

وألاّ أمتهن  الخرافات...

وأن أنسى ذكرى ميلاد النبضة الأولى...

وأمنياتي التي  أمست  على عروشها خاويات.

حبّك علّمني:

أن أذود؛ أن أفتّش عن نجمي الضائع في ملكوت الجَوى

السابح في أفلاك هواك

فيقينا ما زال في دُنا العلياء  ما هوى

فنجمي ما زال حيّا وما هوى

يقينا ما هوى..

حبّك علّمني :

علّمني أن أتحلل من قَسمي...

وأن أتوضأ من إثم ذكراك

وكيف اقيم جهرا صلوات العفاف 

أن أتسامى...

أن أتطهر..أترهبن ، وأتبع ركب العذراوات..

 

لكنّ حبك يا قدّيس مهجتي علمني أشياء لست أنكرها..

علّمني كيف أمسي عابدة  في محراب اليقين والثبات

 كيف  أرفعني عن اللغو مقاما

وأرتضي بقدري المشروخ النصيب

كيف أسامح..

كيف أطلب الغفران  من رغبة عقابك 

وأستغفر سرّا وجهرا..

لئلا ألوكك لحماً محرّماً عليّ في الغياب 

لئلا ألوكك لحماً محرّماً في الغياب.

19/3/2013

الموضوع السابق سيمياء الحب

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat