صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح106 سورة الاعراف الشريفة
حيدر الحد راوي
بسم الله الرحمن الرحيم
 
قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{123}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 
1- (  قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ ) : يرى فرعون لنفسه السلطة العليا في البلاد , ولا يجوز لاحد من اهل مملكته ان يتصرف في شيء من دون اذنه , فخاطب السحرة بعد ان شاهدوا علامات الربوبية التي جرت على يد موسى (ع) وخروا ساجدين , غير مبالين به , وقبل ان يسمعوا كلمته وجوابه لموسى (ع) . 
2- (  إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا ) : النص المبارك تضمن اتهام فرعون للسحرة ( وموسى "ع") , بأنهم قد دبروا هذه المؤامرة , والهدف منها (  لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا ) .        
3- (  فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) : تضمن النص المبارك تهديد فرعون للسحرة , وما سيحل بهم من العذاب والتنكيل .                 
 
لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{124}
تروي الاية الكريمة تهديد فرعون للسحرة بالعذاب الذي سيلحق بهم , وكان على نحويين : 
1- (  لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ) : أي قطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى , اوالعكس بالعكس . 
2- (  لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) : ان يعلقوا على جذوع النخيل وما شابه , وفي ذلك يتحقق امرين : 
أ‌) التنكيل بالسحرة . 
ب‌) ارهابا للناس , ليبتعدوا عن موسى (ع) وما يدعو اليه .               
 
قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{125}
تروي الاية الكريمة جواب السحرة لفرعون , كلمة موجزة فيها الكثير من المواعظ والعبر ! . 
 
وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ{126}
تروي الاية الكريمة استمرار جواب السحرة لفرعون , وفيها موقفين للتأمل : 
1- كلام السحرة لفرعون (  وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا ) : (  وَمَا تَنقِمُ مِنَّا ) = لم تأخذ علينا شيئا او ما تكره وتعتب ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .      
2- التوجه لله رب العالمين : وكان في محورين : 
أ‌) (  رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً ) : سألوا الله تعالى ان يفيض عليهم الصبر عند حلول العقاب والعذاب من فرعون عليهم .
ب‌) (  وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ) : وايضا سألوا الله تعالى ان يثبتهم على الايمان .     
نلاحظ ان السحرة طلبوا من الله تعالى ان تدركهم فيوضات الصبر اولا , ثم الاحتفاظ بالايمان , وذلك مصداق الحديث الشريف ( الصبر من الايمان , بمنزلة الرأس من الجسد ) ! . 
 
وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ{127}
تروي الاية الكريمة , ان وجهاء وكبراء القوم سألوا فرعون على نحو التعجب والاستنكار (  أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ) , فكان جواب فرعون حازما , وتضمن ثلاثة نقاط : 
1- (  سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ ) : قتل الذكور من الاولاد . 
2- (  وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ ) : الاستبقاء على النساء لغرض الخدمة , وفي ذلك اذلالا كبيرا لهم . 
3- (   وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) : بالسلطة والملك .                      
 
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{128} 
تروي الاية الكريمة كلام موسى (ع) لقومه , وفيها اربعة موارد للتأمل والتوقف : 
1- (  اسْتَعِينُوا بِاللّهِ ) : الاستعانة بالله تعالى اولا وقبل كل شيء . 
2- (  وَاصْبِرُواْ ) : يأتي الصبر ثانيا . 
3- (  إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) : الله عز وجل المالك المطلق . 
4- (  وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) : العاقبة الحسنة ( المحمودة ) , لمن اطاع الله تعالى واجتنب نواهيه .                         
 
قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ{129} 
تروي الاية الكريمة حوارا بين القوم وموسى (ع) : 
1- القوم : (  قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ) , كان بني اسرائيل يتعرضون لشتى انواع العذاب والتنكيل على يد فرعون واهل مصر قبل موسى (ع) , فأزداد العذاب والتنكيل بهم بعد مجيئه (ع) .
2- موسى (ع) : (  قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) , وفيه ثلاثة محاور : 
أ‌) (  قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ) : لعل الله تعالى يهلك فرعون وقومه , قد يتضمن هذا النص المبارك اخبارا بقرب هلاك فرعون وجنوده .  
ب‌) (  وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ ) : ويستخلفكم في ارضهم , قد يخبر النص المبارك عن استخلاف بني اسرائيل في الارض . 
ت‌) (  فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) : يرى ان كنتم ستشكرون , وتؤدون حق النعمة , ام انكم سوف تكفرون ( تجحدون ) بها , وهذا النص المبارك يترك المجال مفتوحا للتنبأ بما سيكون من شأن بني اسرائيل ! .                        
 
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{130} 
تروي الاية الكريمة ان الله تعالى ابتلى قوم فرعون بأمرين : 
1- (  بِالسِّنِينَ ) القحط والجدب  . 
2- (  وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ ) : نقص الثمار والغلات ( قلة عطاء خيرات الارض ) .         
تذكر الاية الكريمة سبب هذا البلاء ( لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) , يتعظون فيؤمنوا , ويفزعوا لله تعالى بالتوبة ! .      
 
فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{131}
تتكلم الاية الكريمة عن قوم فرعون ( مصر ) انهم اذا حلّ عليهم الخصب والغنى (  قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ ) نستحقه بما بذلنا من جهود لتحصيله , وتركوا شكره تعالى , اما اذا حلّ بهم القحط والجذب ( البلاء ) ( وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ ) اعلنوا تشاؤمهم من موسى (ع) ومن معه من المؤمنين , وأوعزوا سبب البلاء الى وجودهم , فيرد النص المبارك ( أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ ) ان ما يصيبهم من القحط والجدب بقضاء الله تعالى وقدره , والسبب كفرهم وتعنتهم وتشاؤمهم , ( وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) , ان ما يصيبهم من عنده عز وجل , وسبب عدم معرفتهم بذلك , انغماسهم في الجهل والضلال ! 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/09



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح106 سورة الاعراف الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net