صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

( المفتي الكبير ) اوباما !!؟؟
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الرئيس الاميركي هذه الايام يقوم بدور ( المفتي ) الحريص على الشعوب ، وكأنه هو المسؤول شرعا وقانونا عن الحكام العرب وشعوبهم، ومن واجبه تقديم ( الفتاوى ) والنصائح لبلدان المنطقة ، فمرة الى تونس وشعبها واخرى الى لبنان وشعب لبنان وهو متخوف ومحذر من ممارسة اللعبة الديمقراطية عندما تنتج شخصا لا يرتبط باللعبة الاميركية، ولا ندري لماذا يخاف اوباما عندما تمارس شعوب المنطقة الديقراطية الشعبية البرلمانية السليمة ؟ فهل يوجد في ذهنه ديقراطية من نوع خاص يتمناها للمنطقة تختلف عن ديمقراطيتهم ؟ ام يختاراللون الذي يروق له من الديمقراطية التي تؤمن مصالح امريكا ، مثلا الديقراطية الموجودة  في البلدان العربية والتي انتجت زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح وغيرهم من الحكام ( اللزكة )- ( عفوا اللزكة اصطلاح عراقي شعبي معناه ان يتشبث الحاكم ملكا او اميرا او رئيسا بالكرسي ولا يمكن قلعه الا بالقوة )- التي تمارس ( الديمقراطية الكارتونية) تحت الحماية والرعاية الاميركية، والتي تنتج حاكما يحكم مدى الحياة اولعشرات طويلة من السنين، ومن ثم يورثها الى ابنه او من يريد من الشخصيات المقبولة و( الموثوقة ) عند اميركا ،ويقدم اوباما نصائح اخرى لبلدان النظام العربي التي تشهد هذه الايام ثورات شعبية ، والملفت للانتباه ان نصائح اوباما موجهة فقط الى البلدان التي اعلنت شعوبها رفضها لحكامها ، ولانعلم ولا ندري - ( وربما يعلم البعض لكن لا يريد التصريح بذلك لمقاصد في النفس ) - ماذا يقدم اوباما من ( فتوى ) او نصيحة الى البلدان التي تدور في فلكه ولم تتحرك شعوبها بعد  ؟ ان ثورات شعوب المنطقة على حكامها هذه الايام هي التي تقلق اوباما ، لهذا نراه يتحرك ويقدم نصائحه لهؤلاء الحكام الذين رفضتهم شعوبهم بسبب الجوع والقهر والظلم الذي يمارسه هؤلاء ضد شعوبهم ، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تكلم اوباما في هذا الوقت بالذات ؟ وما هو المسوغ الذي يدعو اوباما للتدخل في شؤون هذه البلدان ؟ وهل نصائح اوباما جاءت لمصلحة هذه الشعوب الثائرة ام لمصلحة حكامها ؟ هذا الامر تقدره وتعرفه الشعوب نفسها ، ومنذ بدأت شرارة الثورةمن تونس ودق جرس الانذار من هناك ، تحرّك اوباما وشعر بالخطر الذي يحيق بحلفائه في المنطقة ، وفي رأينا ان الاصلح لاوباما بدل ان يقدم النصائح لهذا او ذاك من الحلفاء ، الاصلح له وبعد هذه السنوات الطويلة من الدعم الامريكي للنظام العربي الذي عفا عليه الزمان واصبح ( ستوك ) أي قديم، ان يراجع اوباما نفسه ونقصد امريكا ان تراجع نفسها ، وحان الوقت لها ان تقتنع ان الزمن هو زمن الشعوب ، وان زمن الطغاة قد ولّى ، وكان المفروض على امريكا ان تقتنع بهذه الحقيقة منذ سقوط صنم بغداد صدام ( هدام العراق ) ، وعلى الحكام الاخرين من امثال صدام ان يأخذوا العبرة من صدام ، ولا يقولن احد ان امريكا هي التي اسقطت صدام ، فنحن ابناء الشعب العراقي الذين عانينا مختلف صنوف الظلم والقهر والقتل الجماعي ، وقدمنا الافا من الشهداء والملايين من المهجرين ، فلم يقدم وقتها لا امريكا ولا حلفاء امريكا في المنطقة ، لم يقدم احد من هؤلاء نصيحة الى صدام لصالح الشعب العراقي المظلوم ، لكن تحركوا ضد صدام حينما خرج صدام عن الطوع ، وخرج عما هو مرسوم له ، وعندما غزا الطاغية صدام الجارة الكويت واخرج منها بالقوة ، واعلن الشعب العراقي حينها ثورته في الانتفاضة الشعبانية عا 1991 ،وحتى في هذه المرحلة لم تتخل امريكا وحلفاؤها في المنطقة عن صدام ، بل ساندوه وقدموا له الدعم كي يجهض انتفاضة الشعب ، واعود فاقول لا يقولن احد ان اميركا هي التي اسقطت صدام ، ان الذي اسقط صدام هو الشعب العراقي صاحب التضحيات الكبيرة ، فلو كان الشعب لا يريد اسقاط صدام ، لما استطاعت اميركا او حلفاؤها من اسقاطه ، لكن الآلام والجروح التي سببها صدام للشعب العراقي هي التي جعلته يتخلى عن صدام ونظام صدام ، وهذا الوضع النفسي للشعب العراقي هو الذي سمح للمحتل باسقاط صدام ، فالشعب تخلى عن صدام ونظام صدام ،  لكنه لم يتخل عن الوطن ، وعن الكرامة ، وعن الاستقلال ، لذا استمر الشعب في كفاحه للتخلص من المحتل ، والتمتع بالحرية والاستقلال ، والمشاركة الواسعة في العملية الديقراطية لانتخاب حكومة وطنية تعمل لاخراج المحتل من جهة ، وبناء دولة المؤسسات من جهة اخرى ، رغم جهود الارهاب لتعويق العملية السياسية الجديدة في العراق ، وبدعم من قوى خارجية ، ورغم جهود المحتل بالتعاون مع بعض دول الاقليم لخلق نظام حكم على شاكلة انظمة الحكم في المنطقة ، لكن وعي الشعب العراقي ووعي قادته الوطنيين افشلت محاولات الالتفاف على ارادة الشعب ،الذي وقف متفرجا ومتعجا من اقدام اميركا على اسقاط جندي من جنودها الاوفياء لها طيلة فترة حكمه هو والحزب المقبور الذي ينتمي اليه صدام ، لكن تمرد صدام على اسياده هو الذي دفعهم لاسقاطه لغرض استبداله بوجه جديد من حزب البعث المصنوع امريكيا ، هذا احد العوامل التي دفعت امريكا لاسقاط صدام ،والعامل الاخرهو اعطاء درس الى الحكام الاخرين في المنطقة من الذين يتحركون داخل الدائرة الاميركية ، بأن لا يخرجوا عن الطوع او الدائرة المخصصة لهم بالتحرك فيها ، والا سوف يخرجون من الخدمة ، هكذا تتخيل اميركا المنطقة ، ساحة شطرنج تلعب فيها على راحتها ،وتمارس لعبة ( كش ملك ) في الوقت الذي تشاء ، لهذا نراها شعرت بقلق شديد عندما رأت الامور في العراق تتجه في غير ما خططت،رغم جهودها الكبيرة وحلفاؤها قبل الانتخابات واثناءها وما بعدها للتأثير على نتائجها ،ثم فوجئت بالثورة الشعبية في تونس ،وفوجئت أكثر بثورة الشعب المصري ،وازاء هذه المواقف المضطربة للامريكان علينا ان لا ننسى ان الاميركان لا يملكون مبدءا او يراعون قيما في التعامل مع اصدقائهم في المنطقة ، فهم يتخلون بسرعة عن أي حاكم تصبح الظروف في غير صالحه مهما يقدم لهم هذا الحاكم من خدمة ومهما يكن مطيعا ، فقد تخلوا سابقا عن شاه ايران ، وتخلوا عن صدام طاغية العراق ، وتخلوا عن زين العابدين بن علي في تونس ، واليوم لا مانع عندهم ان يتخلوا عن حسني مبارك في مصر ، اوعن علي عبد الله صالح في اليمن ، او.. او.. الى غير هؤلاء من المفروضين على شعوبهم بالقوة والقهر ، هذه هي السياسة الاميركية لا جديد فيها ، وعلى الشعوب المضطهدة ان تعرف ان امريكا لا يمكن ان تقف في يوم من الايام لصالح الشعوب ، وموقفها من الشعب الفلسطيني واضح للقريب والبعيد ، اذن عندما اسقطت اميركا صدام ، لم يكن في خطة اميركا وحلفاؤها في المنطقة تغيير سلطة حزب البعث في العراق ، بل تغيير الوجوه العليا للنظام مع الابقاء على قاعدة النظام وبوجوه جديدة من رجالها ، لكن هذا الامر لم يقع قي يد امريكا رغم تعاون فلول حزب البعث المقبور معها ودول الاقليم العربي الخائفة من الوضع الجديد في العراق  لتحقيق هذا الهدف ،لكن بفضل وعي الشعب العراقي ووعي القيادات الوطنية للشعب حالت دون تحقيق المخطط الامريكي في العراق ، فأتجهت الامور بالاتجاه الذي يخدم الشعب ويحقق طموحاته في الحرية والاستقلال وبناء دولة المؤسسات المستندة الى الارادة الشعبية ، مع افشال الاتجاه الذي يريد خدمة امريكا وخدمة دول الاقليم العربي المتخوف من الديقراطية الشعبية الحقيقية بعيدا عن محاولات الالتفاف والتزوير التي تمارس في دول المنطقة تحت ستار الديمقراطية وبحماية امريكية عربية ، ولا ينسى الشعب العراقي كيف وقفت امريكا ومعها دول النظام العربي مع صدام عام 1991 ضد الشعب العراقي ، فكانت النتيجة الآلاف من شهداء المقابر الجماعية ، وبهذا سقط الزيف الامريكي وادعاءاتها بأنها تقف الى جانب الشعوب المظلومة بحكامها ،واليوم امريكا تلعب نفس اللعبة في تونس ومصر واليمن ولبنان وغيرها من الدول ، لمقاومة المد الشعبي الذي يطمح الى التغيير لصالح شعوب المنطقة ، اذ تحاول امريكا ومعها محور النظام العربي المنتهية صلاحيته زمنيا  ان تحافظ على المتبقي الموجود وذلك بتغيير الوجوه والالتفاف على  ارادة الشعوب في المنطقة ، وهذا ما تسعى اليه اليوم في تونس و مصروغيرهما من بلدان النظام العربي الذي انتهى وقته واصبح من الماضي ، رغم تشبث سلاطين النظام العربي بالسلطة بقوة ، ورغم مقاومة الشعوب لهذا التوجه السلطوي ، وما ثورة الشعب التونسي والمصري اليوم ، ووقوف اوباما ناصحا و( مفتيا ) وهو يعطي الحلول والوصفات الجاهزة لحل مشاكل هذه الشعوب الثائرة ، الا محاولات للالتفاف على الثورة ونتائجها الايجابية ،ومحاولة لحرف اتجاهها لصالح رجال اميركا في هذه البلدان الثائرة، وعلى الشعب المصري والتونسي ان يأخذا العبرة من الشعب العراقي وكيف قاوم ولا يزال محاولات الالتفاف على التغيير الذي حدث في العراق ، واليوم اذ تقدم اميركا نصائحها الى الشعوب الثائرة ، فهي لا تقدمها حبا في هذه الشعوب بل حفاظا على مصالحها ، وحفاظا على رجالها في هذه الدول التي تحكم باسم الديمقراطية المزورة المزيفة ، الشعوب تعرف طريقها ، وتعي محاولات الالتفاف التي تجري اليوم في تونس ومصرسواء تعين فلان او علان من رموز النظام السابق بحجة التغيير والاصلاح ، هذا الامر هو استخفاف بهذه الشعوب وبثوراتها ، وتسطيح للمشاكل الكبيرة التي بسببها قامت هذه الثورات ،  الشعوب ترفض التغيير الشكلي ، وترفض الديمقراطية الكارتونية التي يعيش في ظلها النظام العربي الذي انتهى وقته وعمره ، الشعوب ترفض ديمقراطية الحكم مدى الحياة ، وترفض ديمقراطية التوريث، وندعو الشعوب الثائرة الى ان تستفيد من تجربة الشعب العراقي الذي قاوم بكل قوة الديمقراطية الكارتونية التي ارادت اميركا فرضها بالتعاون مع حلفائها من دول النظام العربي لاجل فرض رجال المحور الاميركي في الحكم ، واليوم اذ نسمع ( المفتي الاكبر ) اوباما وهو يقدم نصائحه وفتاواه الى الدول التي يتأرجح فيها كرسي الحكم لاصدقاء وحلفاء امريكا، بفعل الضربات الشعبية القوية، نسمع ( المفتي الاصغر ) القذافي وهو يعلن اسفه على سقوط زين العابدين بن علي ، وقبل ذلك اعلن اسفه على سقوط صدام المقبور ، واليوم يعلن اسفه على ما يحدث في مصر ، اذ ابرق الى الرئيس المصري يدعوه للمحافظة على المكتسبات ، ويعني بذلك التشبث بكرسي الحكم باي ثمن كان ، واذ نرى القذافي وهو يتحرك مرة هنا ومرة هناك، انما يدفعه الهلع الشديد الذي اصابه وزملاؤه الاخرون من الحكام العرب بسبب ثورة الشعب التونسي وثورة الشعب المصري ،وتخوفهم من امتداد نار الثورة الى عروشهم فتحرقها ، وأخيرا ندعو الشعبين الثائرين المصري والتونسي وبقية الشعوب التي لا زالت في بداية ثورتها ، ان تستمر في ثورتها حتى التغيير في صالحها ، وان تنتبه لمحاولات الالتفاف على الثورة ، وترفض لعبة تغيير الوجوه مع الابقاء على قواعد وجذور النظام ، وندعو الشعوب الثائرة ايضا ان لا تنتبه ( لفتاوى ) اوباما المضطرب حاليا ولا يدري ماذا يفعل  ؟ وعلى اوباما ان كان حقيقة يتكلم لصالح الشعوب ، ان يترك هذه الشعوب لتختار طريقها ، وان يمنع نفسه ويمنع موظفيه في المنطقة من التدخل في شؤون هذه الشعوب التي سئمت من حكامها وجزعت من ظلمهم ، لان تدخله غير مرغوب فيه ، ولا تريده هذه الشعوب ، وعلى اوباما ان كان فعلا يريد الخير للشعوب ، ان يتحرك بأتجاه الحكام الاخرين الذين لم تسنح الفرصة لشعوبهم بعد بالثورة على حكامهم المفروضين عليهم بالقوة والقهر ، عليه ان يتوجه الى هؤلاء الحكام ( ويفتيهم ) بوجوب التخلي عن كرسي الحكم المتشبثين به منذ عشرات السنين ، لصالح شعوبهم قبل ان تلقي بهم الشعوب في مزبلة التأريخ ، حينها نصدق ان ( فتاواه ) حقيقية !!
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/30



كتابة تعليق لموضوع : ( المفتي الكبير ) اوباما !!؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net