صفحة الكاتب : وداد فاخر

الرحيل المتأخر لطغاة العرب
وداد فاخر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دأب النظام العربي منذ القدم على إتقان عملية صناعة الدكتاتور وتلميعها ووضعها في الواجهة السياسية بدءا من العهود الإسلامية الأولى بعد انتهاء دولة الراشدين . فقد كانت دولة بني امية هي المصنع الأول للدكتاتور الخليفة الناطق باسم الله والمدعوم بجيش لا يحصى من علماء السلاطين ومفتي الباطل والمنابر التي تطلق من خلالها دعوات القتل والتهجير والتسليب باسم الدين .
وقد مر على الشعوب العربية والإسلامية مجرمين وطغاة لا زال البعض وللآن وبموجب الضرورة الحتمية لعملية صناعة الدكتاتور يألهون شخصيات وأسماء عديدة لمجرمين طغاة على مر التاريخ بدءا من المغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه وعبيد الله بن زياد وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وابنه مجرم العصر الإسلامي الأول يزيد قاتل الحسين الشهيد فآل مروان وجلاوزتهم من الحجاج بن يوسف الثقفي وأولاد المهلب بن أبي صفرة حتى قتلة ومجرمي الدولة العباسية التي كانت أبشع من سابقتها في ملاحقة الشعراء والمفكرين وآل بيت الرسول وما جلد أبي حنيفة النعمان صاحب المذهب الحنفي من قبل الجلاد أبو جعفر المنصور ثمانين جلدة إلا مثل على ذلك الإجرام والطغيان ..
ثم حدثت الطامة الكبرى في العصر الحديث بظهور ( القادة التاريخيين ) في منتصف خمسينيات القرن الماضي باسم القومية العربية بدءا من جمال عبد الناصر ومرورا بصدام حسين وانتهاء بما هو موجود من تراكمات تجمعت بأسماء عدة كـ ( زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعمر البشير وعلي عبد الله صالح وعبد الله بن عبد العزيز ) وغيرهم ليس بغريب على الشرق والشرقيين في عملية صناعة الطغاة .
وفي حالة الانتفاضة أو الثورة الشعبية المصرية وهو الأصح تتدخل عوامل عدة في محاولة تمييع مطاليب الجماهير برحيل طاغية أخر وكنس سلطته من على التراب المصري وإيقاف الإشعاع الديمقراطي في المنطقة والتي بدء بسقوط هبل العرب الكبير الجلاد صدام حسين ، والتي تختلف كليا عن الحالة التونسية لعدة أسباب بينما تتشابه مع  الحالة العراقية في  انتفاضة الشعب العراقي العام 1991 . ففي الحالة المصرية هناك خطوط حمر وضعتها أمريكا وإسرائيل حول عملية التغيير التي تتعلق بأمور سياسية هي ضمن خطة إسرائيلية – أمريكية في المنطقة تقف في أول السلم من تلك الأمور المعاهدة المصرية – الإسرائيلية واتفاقات السلام بين البلدين منذ العام 1978 والتي أطلق عليها معاهدة كامب ديفيد وبرعاية أمريكية في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ، والتي لم تعترف أصلا بحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولتة المستقلة وأعطت الضوء الأخضر للعديد من الدول العربية لعقد اتفاقات تجارية وسياسية مع إسرائيل . وكذلك كون مصر محاددة تماما لإسرائيل وللسعودية بالذات احد أعمدة المظلة الأمريكية في المنطقة والتي تمثل الدول الثلاث الحليفة لأمريكا دعائمها وهم كل من إسرائيل وتركيا والسعودية ، وتحادد السلطة الفلسطينية، ناهيك عن الممر المائي الدولي المهم قناة السويس ودور مصر السياسي في المنطقة الذي يراد له دائما ان يكون تابعا لاسرائيل ومحاكيا لها . لذلك  كانت لقاءات الرئيس الأمريكي الحالي باراك اوباما مكثفة مع كارتر بعد تفاقم الثورة الشعبية المصرية ومحاولة أمريكا إطلاق تصريحات لتهدئة الوضع وحث الرئيس المصري حسني مبارك على البدء بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية بينما أعلنت كل من السعودية وإسرائيل عن شجبها للثورة الشعبية ووقوفها مع حسني مبارك علانية . وتركزت الاتصالات الأمريكية والمشاورات مع حلفائها الحقيقيين في المنطقة فقط وهم كما أسلفنا تركيا وإسرائيل والسعودية  . ثم إن القرار الأمريكي كان بعد الاتصال الأول من قبل الرئيس الأمريكي اوباما بحسني مبارك في تصعيد شخصية أمنية ذات ثقل ووزن سياسي لدى الحلفاء الحقيقيين كنائب لرئيس الجمهورية وعدة العمل لاستلام السلطة في حالة أي طارئ جديد يبعد حسني مبارك عنها ، وهو أيضا مهندس العلاقات العربية – الإسرائيلية وخاصة في تنسيق المواقف بين كل من مصر والسلطة الفلسطينية مع إسرائيل ونعني به مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان . بينما صرح مبعوث السلام في الشرق الأوسط ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق، طوني بلير، إن تطورات مصر لها "انعكاسات كبيرة على  إسرائيل والفلسطينيين وعملية السلام." . كل هذا يدعونا للقول ومع تشكيل الوزارة المصرية الجديدة برئاسة الفريق أحمد شفيق وهي تقع ضمن العمليات الترقيعية السياسية لإرضاء الرأي العام المصري ، حيث جرى في الوزارة الجديدة تغيير وزير الداخلية السابق ذو الماضي المعروف بقمع المعارضين حبيب العادلي بآخر بغية ترضية الجماهير ولإيجاد ضحية لكي يبرر النظام وأي نظام دكتاتوري آخر ما جرى من قمع وجرائم باسم الحفاظ على القانون بينما لا زالت مصر تعيش تحت سلطة قانون الطوارئ الذي يعطي الحق لرئيس الجمهورية بصفته القائد العام للقوات المسلحة باستخدام القوة عند أي حدث والتي لا زالت أي القوات المسلحة المصرية تسير بهدوء إلى جانب السلطة المصرية لسبب جوهري كبير هو اعتمادها كلية في التجهيز الاستعداد الحربي على المساعدات الأمريكية .
وبالرجوع لتماثل الوضع الحالي للثورة الشعبية المصرية نراها تتماثل تماما مع ما حصل لانتفاضة الشعب العراقي في شعبان / آذار العام 1991 اثر هزيمة النظام الدكتاتوري بقيادة صدام حسين من الكويت حيث أطلقت أمريكا العنان لصدام حسين وكلاب الحرس الجمهوري بدك المدن وابادة الجماهير بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة ومنها الطائرات السمتية التي حصدت الجماهير المنتفضة في 14 محافظة عراقية من مجموع 18 محافظة . وعندما سال الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب عن ذلك التصرف المناقض للموقف الأمريكي المعادي لصدام حسين بعد احتلال الكويت أجاب بكل برود ( الكلب كلبنا ) وهو أفصح رد على ما حصل . لذلك سيظل الكلب كلب أمريكا بعيدا عن المسميات إن كان اسمه صدام حسين أو حسني مبارك أو عبد بن عبد العزيز آل سعود أو أي عميل وطاغية أخر في أصقاع الدنيا .


آخر المطاف : تم تداول نكات من قبل المصريين حول الأوضاع الراهنة في بلادهم، طالت الرئيس المصري حسني مبارك اغلبها، ومنها إن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي طلب من برنامج ما يطلبه المستمعون إهداء الرئيس المصري حسني مبارك أغنية المطربة نجاة ' أنا بستناك'، وأخرى تقول انه طلب من الرئيس المصري تحضير خطاب اعتذار ووداع للشعب المصري، فتساءل الرئيس المصري : هو الشعب المصري رايح فين ؟"

 

        * شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج
                     www.alsaymar.org
              fakhirwidad@gmail.com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وداد فاخر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/31



كتابة تعليق لموضوع : الرحيل المتأخر لطغاة العرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net