صفحة الكاتب : شبكة فدك الثقافية

التحليل السياسي الاسبوعي – الحويجة.. ما قبلها وما بعدها
شبكة فدك الثقافية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مقدمة:
قد لايختلف الواقع المتأزم وطبيعة الوضع السياسي في المشهد العراقي الراهن عن الأمس القريب في ماهية الخلاف والاختلاف بين حكومة المركز والمحافظات السنية ما خلا التداعيات المتسارعة للاحداث ومنهجية التصعيد الدرامي سياسيا ,ومؤشرات الخطر وناقوس الفتنة الذي بات يسمع صوته بوضوح في سماء البلاد .
 
اعتراض على الاداء الحكومي ومظاهرات تبحث عن واقع خدمي افضل ومن ثم تعديل في القوانين لتنتفخ بعد ذلك اكثر وتطلق ورقة اسقاط الحكومة,فعصيان مدني لتقف عند حرق المطالب و تشكيل جيش حر والغاء الوصاية والحماية من الجيش النظامي,وهو جدول يمثل بداية الانطلاق لمظاهرات المحافظات الغربية وعربة سيرها خلال الاشهر الثلاثة .
خفايا الارادات ولباس المظاهرات
التظاهرات التي شهدها العراق في الاشهر الماضية والتي تمظهرت في عدة مسببات كان بدءها في الامر القضائي الصادر من المحكمة القضائية ضد نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي والحكم عليه غيابيا بالاعدام بعد ان أدين بتهمة التخطيط والتمويل للعديد من الاعمال الارهابية ,وعلى الرغم من ثقل تلك الشخصية في القوى السنية والكيفية التي تم قرأتها من قبل الشارع السني بعد أن وضعها في بند الطائفية ,غير أنها لم تكن كافية لاشعال فتيل المظاهرات لتلحق بأحداث اخرى، غير ان اعتقال عناصر من حماية وزير المالية المستقيل رافع العيساوي، ومن ثم صدور امر قضائي بالقاء القبض عليه كان كافيا للوصول الى درجة تخضيب كافية لقيام التظاهرات في المحافظات التي اقصيت رجالاتها وباتوا تحت مطرقة القانون (المحافظات السنية), وهي بطبيعة الحال كانت بدايات سليمة ومطالبات لاتبتعد عن الحق والنص الدستوري غير ان الالتفاف والسرقة من قبل رجالات الدين المتطرفين كان مقدر وقدر لها في ترحيل تلك المظاهرات وتغريبها عن موطن الاصل والهدف ,وهي في الاصل كان مخططا لها مسبقا ان تصل الى هكذا رغبات غير ان من يقفون في كواليس المظاهرات وضعوا المطالب خدمية فريسة لاستدراج الجماهير الى ساحات الاعتصام.
الجذر السياسي لأصل الأزمة 
كما هو معروف في ادبيات التاريخ السياسي العراقي القريب ,المتغيرات التي قلبت الخارطة السياسية في العراق بعد عام 2003 , بما احتوت من اسقاط للنظام السياسي العراقي وانتهاء الحكم الصدامي , قد وضع البيت السني في دائرة القلق والتوجس بعد أن شطب اسم صدام من ملفات السلطة وهو الاقرب لهم والمنحدر من نفس مذهبهم ,وظهور القوى الشيعية وتحولهم من قوى معارضة للنظام البعثي الى رجالات دولة تسير وتقود العملية السياسية في العراق, لتأتي الرياح بما لاتشتهي سفن السنة في العراق ,وعلى الرغم من صعوبة تقبلهم للحكم الشيعي في العراق بعد تحولوا من اسياد السلطة وعلى مدار اكثر من اربعين عاما الى رعية لايمتلكون الحظوة والجذور الكافية لاشباع رغباتهم ,وافراغ مخاوفهم من متغيرات التغيير,الا أنهم استسلموا لمصاديق الواقع ,بعد أن اعطت القوى الشيعية صكوك الضمان والمشاركة لجميع مكونات العملية السياسية في العراق,غير ان تلك الصكوك السياسية فيما بعد قد افرغت من قيمة ماتحمل واصبحت مجرد اوراق , فمنهجية التهميش والاقصاء والغاء الأخر ونظام الملفات الجاهزة في الادراج من قبل ائتلاف دولة القانون قد اعطت المسوغ الشرعي لبعض الاصوات المناهضة للعملية السياسية والتي تصطاد في الماء العكر، ان ترتفع وتصدح وتثير الضجيج حقا او باطلا .
الخط البياني لأزمة المظاهرات
كما قلنا ان المظاهرات ولدت على ايدي مواطنين يبحثون عن واقع خدمي افضل واعتراضات على بعض المفاصل التشريعية والتنفيذية في تطبيق النظام حيث كانت تلك المطالب واضحة المعالم والاتجاهات لكن سرعان ما ارتفع سقف حدوها وبأيقاع سريع جدا ,لان اصحابها الحقيقيون غيبوا وباتت الارادات المتطرفة سواء على مستوى الدين او القومية او المذهب اسياد الساحات,وهو مايضع الضوء في تبيان من يقف ويحرك ماكنة التصعيد أذا ما نظرنا الى طبيعة المطالب التي يرفعها المتظاهرون ,وهي في معظمها كانت تبحث عن وضع الحكومة في دائرة الحرج ولاحراج ما عدا بعض المطالب بخصوص اطلاق سراح الابرياء من المعتقلين والتعديل على فقرة المخبر السري والنظر في قانون المساءلة والعدالة(اجتثاث البعث سابقا) غير ان تلك المطاليب قد تطرفت ايضا لتصبح المطالبات اطلاق سراح السجناء جمعيهم والغاء قانون المساءلة والغاء قانون 88 و67 الخاص بعقارات النظام السابق ,ليهدم بعدها سقف المطالب وتصبح مطلقة وتتصاعد الشعارات الطائفية والاستياء السني من الدور الشيعي في ادارة مقاليد الدولة , حتى تنتهي تلك المراسيم والطلبات في خط البداية الواقعي لفلسفة المظاهرات في مدينة الحويجة , بعد ان وقع اشتباكات بين الجيش العراقي والمتظاهرين في ساحة اعتصام الحويجة ,والتي افرزت جملة من التداعيات البالغة الخطورة و كأنها الاعلان الرسمي لطوئفة العراق وميدان الحرب المذهبية المعلن. 
تفاصيل ماجرى في الحويجة وكما بينت وسائل الاعلام وعلى الرغم من التباين في أصل الرواية ,الا انها تشترك جمعيا في تحامل وتحمل وتخطيط مسبق لتلك الاحداث وبطريقة منسقة,ولكن قبل ان ينطلق التحليل السياسي الى نهاية الاسطر لابد من الوقوف عند الحويجة لمعرفة ماهو وراء الكواليس لهذا الحدث الذي قلب الموازين ونظم صفوف التخنق الطائفي.       * العصيان المدني الذي اعلنت عنه المحافظات السنية ترافق مع اعلان نتائج الانتخابات لمجالس المحافظات ,وهو ما يؤشر لارادات تخطط وتتحكم بألية التوقيت من جانب, ومن جانب اخر هو عدم التسليم لأي نتائج انتخابات تضع الاغلبية الشيعية في المقدمة , فضلا عن عملية خطف واضعاف المشروع السياسي برمته  .
*  ساحات الاعتصام في المناطق السنية خالية على مدار الاسبوع ما عدا يوم الجمعة ,واحداث الحويجة وقعت في يوم الثلاثاء , مما يفرض بعض الاستفهامات ,هل كان هناك تحشيد مسبق واستراتيجية مدروسة لمتظاهري الحويجة حتى وصلت الاحداث الى ما وصلت اليه .
* لماذا الحويجة ؟ هل اسهمت ارض الصدفة في ان تقع الحويجة في ارض الصراع أم لانها ارض غنية بالنفط وفي حال تم السيطرة عليها من قبل السلفيين والاخوان وعزلها عن حكومة المركز ستوفر دعم معنوي لجماعات القاعدة والتظيمات الاخرى التي تدور في فلكها  .
ولكي نقف على تلك الاحداث المتفجرة في غربية العراق وخصوصا في نقاط التصعيد (الحويجة ,سليمان بيك,الرمادي) لابد من الالتفات الى بعض الجوانب المتعلقة في الفيسيولوجية السياسية والحكومية التي اسهمت في دفع المشهد بهذا الاتجاه والمنزلق الخطير :
1.    الحكومة العراقية قد تعاطت مع تلك الاحداث بطريقة يغلب عليها المرونة وسعة الصدر في طابعها العام ,ومنذ بواكير تلك المظاهرات ماخلا بعض الخطابات المتشنجة التي اطلقها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي والتي وصف فيها التظاهرات على انها فقاعة وسرعان ما سوف تتلاشى ,وأخيرا تلك الخطابات في التجمعات الانتخابية لدولة القانون في عدة محافظات قبيل انتخابات مجالس المحافظات والتي صرح فيها المالكي "ان سعة صدر الحكومة ماعاد ليتسع اكثر وعلى المتظاهرين الرجوع الى وعيهم" ,وعموما فالسمة الغالبة لخطابات المالكي كانت متشنجه لاتخلو من وعيد وعقاب ,وهو مايبحث عنه المخططون لتلك المظاهرات حتى يستغلونها سياسيا والدفع باتجاه التحشيد الجماهيري وتفخيخ الأزمة .
2.    المعالجات التي وضعتها الحكومة العراقية من تشكيل لجان خماسية وسباعية قد اظهرت وجه المظلومية لمطاليب المحافظات الغربية وهشاشة الاداء الحكومي في احتضان الجميع من ابناء الوطن ,وأخص منها ما اعلنته تلك اللجان من اطلاق سراح لمعتقلين تجاوز عددهم ثلاثة الاف معتقل بحسب المصادر الحكومية الرسمية.
3.    المراهنة على الوقت من الجانب الحكومي وانتظار رذاذ القادم من المظاهرات، مثل خطأ كبيرا ومعالجة غير صائبة في لململة ما قد بعثر وانتشر .
4.    احتواء الازمة ترافق مع تصعيد في لهجة الخطابات والمضامين من شخصيات ائتلاف دولة القانون وهو ماجعل الاحتواء او الحلول متعثرة وغير مقبولة   .
صدى الاحداث والقوى الاقليمية ودورها في طبيعة المشهد العراقي
حمى الارادات الدولية وتصارع المخططات الاقليمية, وظهور السيناريو التركي- القطري, والسيناريو السعودي, ورغبات القوى الغربية في تأمين مصالحها في ارض الخليج من جهة, وتوفير غطاء أمني لمعشوقة امريكا اسرائيل من الدول التي تمثل حالة ازعاج وتهديد لأمن وسلامة البيت الصهيوني في القدس, مما يفضي الى اعادة تفكيك وترتيب الشرق الاوسط بما ينسجم مع المصالح الغربية, لذلك فأنها تطمح لبناء الشرق الاوسط الكبير, هنا نتكلم عن تلاقي تلك الارادات مع ما يطمح اليه المثلث التركي السعودي القطري, وعلى الرغم من التداخل والتقاطع بين السيناريو السعودي والسيناريو القطري في العراق . العراق الذي لم يركب بقطار الائتلاف والتحالف مع القوى التركية السعودية القطرية في عملية التغيير والدفع باتجاه اسقاط النظام السوري ,كان لابد ان تتجه اليه مقصات الستراتيجيات من اجل أسلفة العراق واقتطاع المدن السنية عن حكومة المركز , فضلا عن ان الثالوث التركي السعودي القطري لايرغب بنظام شيعي في العراق طالما كان يحسب على العباءة الايرانية  .
ان الدفع بالقاعدة والاخوان ومايسمى بالجيش الاسلامي والجهاد والتوحيد وغيرها من القوى السنية المتطرفة من قبل مصدريها الى ارض العراق ,الوسيلة منها والغاية المرجوه تقسيم العراق وفق منطق جو- سلفي يكون امتدادا للمنابع الاصلية له في تركيا والسعودية وقطر,بعد ان استخدمت كل تلك الادوات في المشهد السوري من اجل اسقاط الأسد بغية التدشين لمشروع سلفي يضع سوريا والعراق ومن ثم الاردن ودول اخرى تحت محمياته.
الاحتواء والمخرج
* ربما الجنود الخمسة الذين استشهدوا على يد المتظاهرين في الرمادي قد اسهمت قرابينهم في الدفع باتجاه التهدئة من قبل جماهير المظاهرات والتي اسفرت عن انسحاب بعض العشائر من مناطق الاعتصام في الرمادي وصلاح الدين ,غير ان الجنود القتلى الخمس لاتكفي دماءهم في درء فتنة عمياء تقف وراءها اجندات اقليمية ودولية ,وهو مايتوجب التحرك نحو العشائر ورجالات الدين في المناطق الغربية من ذوات التأثير والثقل الكبير في كبح طوفان المظاهرات ومواجهة امتداد ونفوذ القاعدة في تلك المناطق .
* الاشتغال على منطقة الأزمة بخطين متوازيين وهما الخط السياسي المناور والباحث عن امتصاص الأزمة, والخط الثاني    هو الخط العسكري الذي لايسمح ان تتحول المناطق السنية الى محميات سلفية .
* ايجاد شخصيات سياسية معتدلة تحظى بقبول كبير لدى الجانب السني من اجل القيام بعملية التفاوض والحوار .
*  التركيز على الاسماء المهمة في ساحات الاعتصام وفتح محاور تفاوضية وتقديم الضمانات والعهود ووفق جدول زمني محدد لمطالب المتظاهرين   .
* دخول الطرف الكردي في خط الأزمة بعد ان استشعر بخطر التداعيات الاخيرة على اقليم كردستان وقلق الكرد من ان تختطف كركوك من قبل القاعدة,وهو مايفرض من حكومة بغداد الاستفادة من تقارب الارادة الكردية مع حكومة المركز في بعض المواقف وهو ما يسمن حكومة بغداد ويجعلها اكثر تعافيا في مواجهة الأزمة .
*  لابد من تحرك سياسي على مستوى العلاقات الخارجية العراقية تجاه القوى الغربية وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الامريكية من اجل اقناعها بالضغط على تركيا وقطر والسعودية لتقليل دعمها للمجاميع المتطرفة في العراق .
 
قسم النجزئة والتحليل
مؤسسة وطنيون الاعلامية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شبكة فدك الثقافية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/02



كتابة تعليق لموضوع : التحليل السياسي الاسبوعي – الحويجة.. ما قبلها وما بعدها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net